أرامكو تحافظ على تفوقها في جني الأرباح رغم التقلبات

فاجأت أرامكو، الذراع النفطية للسعودية، المحللين بتحقيق أرباح ربعية أعلى من المتوقع رغم أنها أقل ممّا تم تسجيله قبل عام، لتفرض الشركة تفوقها مرة أخرى على عمالقة الطاقة، وسط تمسك مسؤولي الشركة بمواصلة إستراتيجية توسيع الاستثمار في قطاع النفط والغاز.
الرياض - حافظت أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط بالعالم، على تفوقها في تحقيق الأرباح الفصلية على منافسيها في قطاع الطاقة، بعد إعلانها الثلاثاء عن نتائج الربع الأول من العام 2023، التي فاقت توقعات المحللين رغم تقلبات الأسواق العالمية.
وحققت الشركة صافي ربح بنحو 31.87 مليار دولار خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين مقارنة بنحو 39.5 مليار دولار قبل عام بتراجع قدره 19.25 في المئة.
وأرجعت أرامكو في بيان نشر على موقع البورصة المحلية “تداول” “هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تقلص أسعار النفط الخام” في الأسواق العالمية.
لكن صافي الدخل فاق متوسط توقعات المحللين البالغ نحو 30.8 مليار دولار وفقا لبيانات رفينيتيف. وذكرت أرامكو أن “الانخفاض عوضه جزئيا تراجع الضرائب بما في ذلك ضرائب الدخل والزكاة وارتفاع التمويل وإيرادات أخرى”.
وقال كبير محرري نشرة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط “ميس” جامي إنغرام لوكالة فرانس برس “كان من الممكن أنّ يكون صافي الدخل أعلى، لكن أرامكو تكثف استثماراتها على عكس شركات النفط العالمية، التي لا تزال تلتزم بالمزيد من الانضباط الرأسمالي”.
ورغم هذا التراجع تمثل أرباح أرامكو أكثر من ثلاثة أرباع الأرباح التي حققتها الشركات الخمس الكبرى في قطاع النفط مجتمعة، وهي إكسون موبيل وشيفرون الأميركيتان وبي.بي وشل البريطانيتان وتوتال إنيرجي الفرنسية، خلال الفترة ذاتها والبالغة 40.5 مليار دولار.
وفي ضوء هذه النتائج تحل موبيل في المركز الثاني بعد تسجيلها صافي ربح بلغت قيمته 11.43 مليار دولار، ثم شركة شل بإجمالي أرباح بلغ 8.71 مليار دولار، بحسب بياناتها المالية.
وحلت بي.بي، التي حققت صافي ربح بلغت قيمته 8.22 مليار دولار في المركز الرابع، تبعتها في المرتبة الخامسة شيفرون بأرباح بلغت 6.57 مليار دولار، ثم توتال بنحو 5.6 مليار دولار.
وقال رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر، بحسب بيان الشركة، “تعكس النتائج الموثوقية العالية المستمرة لأرامكو، والتركيز على التكلفة والقدرة على الاستجابة لظروف السوق”.
وتابع “نمضي قدما في توسيع قدراتنا، وتظل توقعاتنا على المدى الطويل بدون تغيير. ونعتقد أن النفط الخام والغاز سيظلان مكونين أساسيين في مزيج الطاقة العالمي خلال المستقبل المنظور”.
وتعد أرامكو درة تاج الاقتصاد السعودي، والمصدر الرئيسي لتمويل “رؤية 2030” خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الطموحة التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وسمحت أكبر أرباح قياسية سجلتها الشركة في تاريخ صناعة الطاقة العام الماضي، والبالغة أكثر من 161 مليار دولار، للحكومة بتحقيق أول فائض في موازنتها السنوية في حوالي عقد.
وساهم النفط الخام والغاز الطبيعي بنسبة 32.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية العام الماضي، في حين بلغت مساهمة قطاع التكرير ستة في المئة.
وفي أبريل الماضي، أعلنت الرياض عن إتمام نقل حصة 4 في المئة من أسهم أرامكو، قيمتها نحو 80 مليار دولار، من ملكية الدولة إلى الشركة العربية السعودية للاستثمار “سنابل للاستثمار”.
و”سنابل” مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وهو أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم بأصول تتجاوز 620 مليار دولار.
وجاء ذلك بعد أكثر من عام على نقل أربعة في المئة أخرى من أسهم أرامكو مباشرة للصندوق، والذي أصبح يدير ثمانية في المئة من محفظة عملاق النفط السعودي.
وتتوقع الموازنة العامة المعتمدة لعام 2023 فائضا قدره 16 مليار ريال (4 مليارات دولار) ونموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1 في المئة، على ما ذكرت وزارة المالية في ديسمبر الماضي.
وأعلنت الوزارة الأحد الماضي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن الموازنة شهدت عجزا قيمته 2.9 مليار ريال (773 مليون دولار) خلال الربع الأول، على خلفية تراجع عائدات النفط بنحو 3 في المئة وزيادة 29 في المئة في المصروفات العامة.
وقالت “لا يثير هذا المستوى من العجز قلقا في ظل المركز المالي القوي للمالية العامة، لذا هناك قدرة كبيرة على الاستمرار في السياسة المالية التوسعية” سعيا لتحقيق رؤية السعودية 2030.
وانخفضت الإيرادات النفطية للبلاد ثلاثة في المئة في الربع الأول من العام الجاري إلى 47.63 مليار دولار، بينما ارتفعت الإيرادات غير النفطية تسعة في المئة.
والأسبوع الماضي، أعلنت شركة سابك السعودية، التي تنشط في مجال البتروكيماويات والكيماويات، تراجع أرباحها بنحو 90 في المئة في الربع الأول من العام الجاري على أساس سنوي.
وأرجعت الشركة ذلك إلى “انخفاض في متوسط أسعار بيع المنتجات والكميات المبيعة”. وأعلن كبار منتجي النفط ضمن تحالف أوبك+ الشهر الماضي خفضا منسقا للإنتاج اليومي بأكثر من مليون برميل يوميا، في خطوة اعتبرت “إجراء احترازيا” لتحقيق “الاستقرار والتوازن” في أسواق الخام.
وجاءت الخطوة بعد أشهر على قرار منظمة الدول المصدّرة للنفط وشركاء من خارجها بخفض مليوني برميل يوميا في أكتوبر الماضي.
ومن المتوقع أن تؤثر تخفيضات الإنتاج وتراجع أسعار النفط على النمو في السعودية، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 3.1 في المئة من 8.7 في المئة في 2022، والذي كان من ضمن أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين.
ومع ذلك، قال الخبير في قطاع النفط المقيم في الإمارات إبراهيم الغيطاني لفرانس براس إنّ “خفض إنتاج النفط إلى جانب الاتجاهات الاقتصادية الأوسع نطاقا قد يؤديان إلى تعزيز أسعار النفط في وقت لاحق من العام”.
وأوضح أن “في الوقت الحالي لسوء الحظ، تسود سوق النفط معنويات سلبية من قبل المتداولين، نظرا للمخاطر المصرفية القائمة في السوق الأميركية”.
لكنّه أشار إلى أن “التوقعات أنّ الطلب الصيني سوف يرتفع مع تحسن الاقتصاد والصناعة” خلال العام الجاري.