أرامكو تجني أكبر أرباح في تاريخ صناعة الطاقة

مساع لاقتناص المزيد من الفرص الاستثمارية والتركيز على قطاع الغاز في 2023.
الاثنين 2023/03/13
ما المطلوب منا الآن.. حوّل!

اعتبر محللون أن نتائج أعمال عملاق النفط السعودي أرامكو للعام الماضي والتي حطمت الأرقام في تاريخ صناعة الطاقة، ستجعل من الشركة تمضي في إستراتيجية التوسع بفضل فورة الأسعار ما يجعلها على مشارف اقتناص فرص جديدة لتلبية الطلب العالمي.

الرياض - أعلنت شركة النفط السعودية أرامكو الأحد أنها حققت أرباحا قياسية، هي الأكبر في القطاع، وهو ما يدل على تأثير ارتفاع أسعار النفط على تحفيز النمو في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

وقالت الشركة في بيان نشر على موقع البورصة المحلية (تداول) إن “الأرباح نمت بواقع 46.46 في المئة العام الماضي لتبلغ نحو 161 مليار دولار على أساس سنوي”.

وأضافت أن “الزيادة تعكس في الغالب تأثير ارتفاع أسعار النفط الخام، والكميات المباعة، والزيادة القوية في هوامش الربح من أعمال التكرير”.

أمين الناصر: لا أرى ما يكفي من الاستثمار لدعم الطلب في المدى البعيد
أمين الناصر: لا أرى ما يكفي من الاستثمار لدعم الطلب في المدى البعيد

ويمثل صافي ربح أرامكو نحو ضعف ما حققته الشركة في العام الذي سبق الوباء عندما بلغ 88.2 مليار دولار، وهو الأعلى منذ طرح أسهم الشركة في البورصة في أواخر 2019.

ونتائج الأرباح التي سجلتها الشركة أقل بسبعة مليارات دولار فقط من إجمالي أرباح أبرز أربع شركات نفط عالمية مجتمعة وهي إكسون موبيل وشل وشيفرون وتوتال إنيرجيز، والتي اقتربت من 168.7 مليار دولار.

وقبل إعلان نتائج أعمال أرامكو تصدرت إكسون موبيل قائمة أفضل شركات الطاقة جنيا للأرباح بتحقيقها 56 مليار دولار، تلتها شل بنحو 40 مليار دولار، ثم شيفرون بقرابة 36.5 مليار دولار.

وحلت توتال في المركز الرابع بواقع 36.2 مليار دولار، ثم إكوينور النرويجية بنحو 28.7 مليار دولار وبعدها بريتش بتروليوم (بي.بي) بنحو 27.7 مليار دولار، ثم إيني الإيطالية بنحو 14.1 مليار دولار.

وقال رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر “نعتبر العام 2022 علامة فارقة في تاريخ الشركة الحافل على الصعيدين المالي والتشغيلي واتخاذ خطوات كبيرة نحو المستقبل”. وتابع “حققت أرامكو أداء ماليا قياسيا”.

وبفضل جدارتها المالية، التي يتوقع أن تتعزز على مؤشرات وكالات التصنيف الائتماني، تنظر الشركة في توسيع استثماراتها بقطاع الغاز عبر صفقات استحواذ محتملة خلال هذا العام.

وأكد الناصر خلال مؤتمر صحفي بعد إعلان النتائج أن الشركة تجري “محادثات ومناقشات فعالة” بخصوص استثمارات في صناعة الغاز الطبيعي المسال، لكن لم يخض في التفاصيل.

وحذر من أنه ما زال لا يرى ما يكفي من الاستثمارات في القطاع لدعم الطلب في المدى البعيد، قائلا إن “الإمدادات لن تكون كافية في المدى المتوسط إلى البعيد إذا استمر ذلك الوضع”.

وقال “نحتاج لضمان وجود إمدادات إضافية في السوق وإلا فإن هذا الشح في الإمدادات في المدى المتوسط إلى البعيد سيكون له تأثيره”.

روبرت موجيلنيكي: لا يزال من الممكن أن تقوم أرامكو بأداء قوي في 2023
روبرت موجيلنيكي: لا يزال من الممكن أن تقوم أرامكو بأداء قوي في 2023

وعززت طفرة الطاقة نمو الاقتصادي الكلي لأكبر اقتصادات المنطقة العربية، والذي يُقدّر المسؤولون في البلد أنه بلغ العام الماضي 8.7 في المئة، أعلى معدل نمو في دول مجموعة العشرين.

وقال روبرت موجيلنيكي من معهد دول الخليج العربي بواشنطن لوكالة الصحافة الفرنسية إن “أرامكو استفادت من موجة ارتفاع أسعار الطاقة في 2022، وهو أمر الشركة مهيأة له. وكان من الصعب عليها ألا تؤدي بقوة في ذلك العام”.

ومن المتوقع أن تظل أسعار الطاقة مرتفعة في 2023، ويرجع ذلك جزئيا إلى قرار خفض الإنتاج الذي وافقت عليه منظمة أوبك بقيادة السعودية وشركائها العشرة في تحالف أوبك+ بقيادة روسيا خلال أكتوبر الماضي، في خطوة انتقدتها واشنطن بشدة.

وتعرضت منشآت أرامكو خلال السنوات القليلة الماضية لهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ تبناها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، كان آخرها وأشدها قبل نحو عام.

لكنّ اتفاقا مفاجئا أعلن الجمعة الماضي بين الرياض وطهران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بينهما منذ العام 2016 قد يقلل من هذه المخاطر في الأشهر المقبلة.

ورأى الناصر أن “الاتفاق على استئناف العلاقات سيكون له أثر إيجابي على أسواق الطاقة العالمية”، كونه “يدعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.

ولكن موجيلنيكي قال إنه “لا أتصور عاما قياسيا آخر لأرامكو في 2023، لكن لا يزال من الممكن أن يكون أداء قويا”.

وتنتهج السعودية سياسات انفتاح اجتماعي وترمي من ناحية أخرى إلى تنويع اقتصادها الذي يعتمد على النفط، خاصة منذ وصول الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد في عام 2017. وهي تنفق للاستثمار في قطاعات السياحة والترفيه والرياضة.

161

مليار دولار أرباح أرامكو وهي قريبة من أرباح إكسون موبيل وشل وشيفرون وتوتال مجتمعة

وأشاد المسؤولون السعوديون باستمرار بنمو الأنشطة غير النفطية التي زادت بنسبة 6.2 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي بمقارنة سنوية، حسب بيانات نشرتها الهيئة العامة للإحصاء الحكومية الخميس الماضي.

وقال جاستن ألكسندر مدير شركة خليج إيكونوميكس الاستشارية إن الإنفاق الحكومي “محرك رئيسي لهذا النمو”، و”سيكون دائما مرتبطًا إلى حد ما بعائدات النفط”، ما يؤكد دور أرامكو المركزي في أكبر اقتصاد عربي.

وتعهدت الرياض بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، لكن المدافعين عن البيئة يشككون في إمكانية تحقيق هذا الطموح، إذ يدافع المسؤولون في الوقت نفسه عن ضخ المزيد من الاستثمارات في الوقود الأحفوري لضمان أمن الطاقة وخفض التضخم.

وقال الناصر إن “سوق النفط ستظل متوازنة على نحو محكم على المدى المتوسط”. وأضاف إنه “يشعر بتفاؤل حذر”.

ويبدو أن فائض الطاقة الإنتاجية لا زال محدودا عند مليوني برميل يوميا، بينما يشهد ارتفاعا في الطلب على وقود الطائرات، فضلا عن فتح السوق الصينية بعد رفع بكين القيود الصارمة التي كانت تفرضها للسيطرة على فايروس كورونا.

وقال “لو نظرنا إلى الانفتاح في الصين وانتعاش وقود الطائرات والفائض المحدود جدا في الإنتاج، فنحن نتحدث عن مليوني برميل، لذا كما قلت نحن متفائلون بحذر في المدى القريب إلى المتوسط والسوق ستظل متوازنة بشكل محكم”.

ولم تتأثر إمدادات أرامكو لكبار عملائها الآسيويين، وفي مقدمتهم الصين والهند، بانتعاش المبيعات الروسية إلى أسواق القارة على خلفية العقوبات الغربية.

وقال الناصر “لدينا سجل حافل من الحفاظ على المصداقية وقاعدة عملاء ممتازة لم تؤثر على إمداداتنا إلى تلك الأسواق الرئيسية”.

وبشأن استيراد السعودية للديزل الروسي في الآونة الأخيرة، أكد أن بلاده تستورد المنتجات النفطية للاستهلاك المحلي حتى من قبل اندلاع الأزمة في شرق أوروبا.

11