أدنوك تسعى إلى تعظيم حصتها في سوق الطاقة الأوروبية

يرى محللون أن مساعي شركة الطاقة الإماراتية أدنوك لتعزيز التجارة مع أوروبا ضمن حملتها التوسعية في أسواق العالم مؤشر على إصرارها على تعظيم حصتها في قطاع الطاقة، عبر إبرام صفقات طويلة الأجل قد تغذي المنافسة مع جيرانها في الفترة المقبلة.
أبوظبي – تبذل أكبر شركة منتجة للنفط في دولة الإمارات جهودا كبيرة لتعزيز عملياتها التجارية الناشئة لتصبح أعمالا تجارية قيمتها المليارات من الدولارات خلال العقد الحالي.
وتتطلع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ضمن إستراتيجيتها التوسعية إلى ضمان تدعيم حضورها في أسواق أوروبا وكذلك أفريقيا، وتوسيع أنشطتها في مجالات أخرى من الطاقة.
ويقود تنامي الطلب كبار اللاعبين إلى إعادة ترتيب تسويق حصصهم وإلى تحقيق أكبر ما يمكن من الإيرادات، خاصة في ظل تراجع الاستثمارات في القطاع والتداعيات التي لا تزال مستمرة جراء الأزمة الأوكرانية، ما جعل الأسعار في أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي محاولة منها للحاق بركب المنافسين الراسخين منذ أمد بعيد تريد أدنوك، وهي ثاني أكبر شركة للطاقة في منطقة الخليج العربي بعد العملاق السعودي أرامكو، الاستفادة من الفجوة الناجمة عن تحول أوروبا بعيدا عن الوقود الروسي.
وبحسب أشخاص على دراية بخطط الشركة، طلبوا عدم ذكر هوياتهم نظرا لأن الخطط غير معلنة، خلال تصريحات لوكالة بلومبرغ الأربعاء، إن “أدنوك تسعى للحصول على عقود محددة المدة للنفط والوقود المكرر والغاز المسال وإمداد المنطقة بهذه الكميات”.
وتظهر التقديرات الرسمية أن احتياطات الإمارات من الموارد الهيدروكربونية ارتفعت بواقع ملياري برميل نفط وتريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز في العام الماضي.
وأكدت المصادر المطلعة أن شركة أدنوك تستهدف خلال السنة المقبلة إبرام عقدين إلى ثلاثة عقود طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال وصفقات توريد منفصلة عديدة مع العملاء.
ويقول محللون إن التوسع في مجال الغاز الطبيعي المسال سيكون المحور الأساسي للتركيز بعد أن وظفت العام الماضي ثلاثة متداولين من شركة “ليتاسكو” الوحدة التابعة لشركة لوك أويل الروسية.
وتأتي التحركات في إطار حملة أدنوك الأوسع نطاقا للظفر بأصول عبر كافة أنحاء العالم، بما في ذلك مساعي الاستحواذ على شركة كوفيسترو الألمانية للصناعات الكيمياوية بقيمة 12 مليار دولار وعرض بقيمة ملياري دولار مع شركة بي.بي البريطانية للطاقة لشراء شركة إسرائيلية لإنتاج الغاز.
ومنذ تولى الرئيس التنفيذي سلطان الجابر منصبه في العام 2016 على رأس الشركة الإماراتية، تخلت أدنوك عن نهجها المحافظ السابق، وسعت إلى تحقيق حضور عالمي طموح أسوة بما تقوم به شركات عالمية كبرى في القطاع.
وقال مصبح الكعبي، الذي يشرف على النمو العالمي لأدنوك، خلال مقابلة مع بلومبرغ في سنغافورة في وقت سابق هذا الشهر، “نعمل على تنفيذ إستراتيجية تستهدف التوسع دوليا”.
وأضاف “على غرار شركات الطاقة متكاملة الأعمال، نستمر في بحثنا عن فرص لتعظيم القيمة”.
ويشكل طموح تكثيف التجارة في أوروبا وأفريقيا تغيرا في إستراتيجية الشركة، التي اعتادت التعاقد على غالبية نفطها وغازها في آسيا منذ تأسيسها قبل ما يتجاوز نصف قرن. لكن مع تأسيس ذراع لها للتجارة قبل ثلاث سنوات زادت شهيتها وباتت تريد أن تضاهي الشركات التجارية المستقلة والشركات الكبرى المتكاملة على غرار شل.
ويؤكد المتابعون لنشاط الشركة أن هدفها الأساسي ليس تحقيق مليارات الدولارات من الأرباح فحسب، وإنما تأثيرها في السوق باعتبارها من بين كبار شركات التجارة.
وفي ضوء ذلك من المتوقع أن تكون المنافسة قوية، حيث تعمل الشركات القائمة منذ سنوات بالفعل، كما يحظى آخرون من الشرق الأوسط بسبق الريادة.
وعلى سبيل المثال، عززت شركة أرامكو وحدتها التجارية، وتواصل العمل على خططها للتعامل مع كميات أكبر من الوقود خارج لندن، ولديها أيضا مشاريع تكرير في كل من الدنمارك وبولندا تعالج نفطها الخام، وتوفر منتجات لبيعها. كما تملك الكويت مصفاة في إيطاليا، ولدى سلطنة عُمان التي بدأت أول أعمالها التجارية الحكومية بالمنطقة مكاتب وتعاقدات عالمية.
وقالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة فاندا إنسايتس، إن “التقلبات المتفاقمة في الأسواق خلال السنوات الأخيرة ظاهرة ستصبح على الأرجح الوضع الطبيعي الجديد، لكنها في الوقت نفسه تقدم فرصة أكبر للاستفادة من التجارة بالمقارنة مع الأعوام السابقة”.
وأضافت “سيكون التحدي أمام هؤلاء الوافدين الجدد هو الفوز بحصة في السوق من المنافسين الأكثر رسوخا في عمل ذي مخاطر عالية، لكن عوائده كبيرة”.
وخلال العام الماضي، فكرت أدنوك في شراء شركة التجارة غانفور غروب بالكامل أو جزئيا، والتي كانت ستمنحها وزنا كبيرا في القطاع وقدرة على الوصول إلى عقود توريد شركات تجارة السلع الأساسية، لكن الصفقة لم تتم. وبالتوازي مع محاولاتها الحثيثة للتوسع خارجيا، تعمل الشركة المملوكة لحكومة أبوظبي حاليا على تعظيم أعمالها التجارية في السوق المحلية.
وأكد أحد المصادر أن أدنوك التجارية تتطلع إلى تدشين أول مكتب لها في أوروبا في جنيف بحلول نهاية العام المقبل، على أن يليه مركز آخر في مدينة هيوستن أكبر مدن ولاية تكساس الأميركية في العام التالي.
وتملك الشركة فعلا مكتبا في سنغافورة يتعامل إلى حد كبير في تجارة المواد الكيمياوية. كما تتاجر في النفط الخام النيجيري من خلال عقود طويلة الأجل، بمساعدة ترتيبات التمويل التي تدفع الأموال مقابل براميل الخام.
واختبر تجارها درجات مختلفة من الخام مخصصة غالبا لأكبر مصفاة إماراتية في منطقة الرويس الواقعة على الخليج العربي. وبينما تنتج أدنوك ما يكفيها من الخام، اشترت النفط من نيجيريا واليمن وأنغولا ومن مواقع بعيدة على غرار النرويج وأستراليا.
وأشارت تقارير مؤخرا إلى وصول شحنة روسية واحدة على الأقل إلى منطقة الرويس، علاوة على عدة شحنات من النفط الخام الكازاخي. وعلى صعيد أفريقيا وآسيا الوسطى، تطمح أدنوك إلى الاستفادة من العوامل الدينية والثقافية المشتركة، فضلا عن النفوذ الحكومي والمالي للحصول على صفقات.
وفي كينيا، فازت الشركة بجزء من مناقصة توفير إمدادات الوقود الحكومية بوقت سابق من السنة الجارية. كما تقدم أدنوك دعما سياسيا وأموالا نقدية للاستثمار، ولديها رغبة قوية في شراء أصول يمكن أن تتاجر فيها.