"أدرينالين".. مسرحية أردنية تحاكي أزمات المجتمع

مونودراما تهتم بمناقشة قضية المرأة من الزوايا الاجتماعية والفكرية والسياسية والآثار المدمرة لقمعها واضطهادها.
الثلاثاء 2022/05/31
انتصار للمرأة المضطهدة

عمان- تواصل الفنانة الأردنية أسماء مصطفى تقديم أول عروضها المونودرامية في عمان، مستحضرة روحها الإبداعية للتعبير عن أزمات المجتمع الأردني والظواهر المنتشرة في البلاد وهي تتقمص شخصية تشبه الكثير من النساء الأردنيات.

وهذه المسرحية أنتجت في عام 2018، وتنقّلت في العديد من المهرجانات العربية، مثل: قرطاج ومراكش والقاهرة، لكنها تُقدّم للمرة الأولى في عمّان بثلاثة عروض يحتضنها المسرح الدائري في “المركز الثقافي الملكي” بالعاصمة الأردنية.

وتقدم أسماء مصطفى من خلال مسرحية “أدرينالين” مونودراما أزمة امرأة، كاتبة، في الأربعين من عمرها، تصاب بمرض سرطان الثدي، فتبدأ رحلة علاجها التي تستدعي مراجعة كلّ ماضيها.

وقالت الفنانة إنها تريد إيصال مفاهيم عميقة عن “معاناة المرأة وسرطان المجتمع” من خلال المسرحية، مؤكدة أنها ترغب بأن تساهم في تثقيف الجمهور مسرحياً عبر أعمال تنتمي إلى واقعهم. فالممثلة تهتم بمناقشة قضية المرأة من الزوايا الاجتماعية والفكرية والسياسية، وتهتم بالآثار المدمرة لقمع المرأة واضطهادها، من طفولتها مرورا بمراهقتها فزواجها وأمومتها، وتعبّر عن آلامها وهواجسها الداخلية بحركات الجسد.

وتراجع بطلة “أدرينالين” ذكرياتها خلال رحلة العلاج، فتتذكر كل ما مرت به من معضلات منذ مراهقتها وتهجيرها من وطنها إلى وطن آخر، إلى جانب رحلة وذكريات ابنها الذي ابتلعه البحر خلال عملية هجرة غير شرعية.

وتسترجع بطلة العمل ذكرياتها من خلال نصوصها التي تشكّل عوناً واستشفاء في رحلة علاجها من السرطان لنكتشف سرطانات أخرى أشدّ خطراً وفتكاً على الجسد وكينونة المرأة، فهناك سرطان المجتمع وسرطان معاملة وإقصاء الزوج، وهناك سرطان الخيانة وسرطان التطرّف الفكري والديني.

وتعرج المسرحية لتتناول محطة زوج البطلة الذي أحبته وهو فنان تشكيلي، لينتمي بعد ذلك إلى الجماعات الإرهابية والمتطرفين فيهجرها ويهجر ابنها وبيته، ويقرر أن يفجر نفسه في سوق المدينة، لتكتشف سرطانات أخرى في المجتمع أشد خطورة وتأثيرا على روحها وجسدها وذكرياتها وتقتل أحلامها وطموحاتها، فتستنتج بأنها أشد تأثيرا من جرعات الكيماوي والعلاج بالإشعاع.

وتقوم البطلة بعد ذلك بكتابة مونولوغات عن فنانة تمرّدت على عائلتها ومجتمعها باختيارها الفن كمهنة لها وما تعانيه من مجتمع ما زال ينظر إلى تلك المهنة من منظور أخلاقي وديني، فتعاني من قمعها ومحاولة استغلال جسدها.

وزاوجت أسماء في عرضها بين المسرح والتعابير الراقصة، عبر أداء حركي لرقص “البوتو” الذي يعبر بإيماءات الجسد عن الطاقة الداخلية للشخص من خلال حركات تسمح بالتطوير الفكري والجسدي بالاعتماد على الإيقاع الباطني الداخلي.

يًذكر أن الأردنية أسماء مصطفى درست تصميم أزياء وتصاميم داخلية عام 1994، وهي حاصلة على شهادة تكوين في فن الممثل من مدرسة الممثل الدورة الثالثة 2016/2017 في المسرح الوطني بتونس بإشراف المخرج فاضل الجعايبي.

واحترفت التمثيل وقدمت العديد من الأدوار المميزة ونالت عنها جوائز أهمها: جائزة التحكيم الخاصة كأفضل ممثلة دور ثاني، مهرجان المسرح الأردني 1996 عن مسرحية “كإنك يا بوزيد”.

وحصلت على تكريمات أهمها “مبدعة مسرحية” من مهرجان الرواد والمبدعين العرب الرابع (دورة القدس) 2009 في عمان. وتكريم من بيت تايكي العام 2009 عن دورها في مسرحية “صباح ومسا”. إضافة إلى تكريم من جامعة لندن الدولية لأصحاب المبادرات الخاصة عن مبادرة ضحك ولعب ومسرح 2012.

وشاركت ممثلةً في مسرحيات عدّة منها: “خمس دمى وامرأة”، و”سندريلا”، و”كيف نرجع أسامينا”، و”شهقة الطين”، و”مرآة المرأة”، و”قبو البصل”، و”عصابة دليلة والزئبق”، كما أخرجت مسرحية “سليمى”، وفيها ناقشت قضية المرأة التي تضحّي بحياتها من أجل إنقاذ حياة الآخرين، معتمدة على التوليف بين الموسيقى والشعر ولغة الجسد.

وقررت أسماء قبل سنوات خوض مجال الإخراج المسرحي الذي يعتبر حكرا على الرجل في المشهد المسرحي الأردني، حيث إن عدد المخرجات المسرحيات الأردنيات قليل للغاية مقارنة بدول عربية أخرى، وذلك استجابة لإثبات قدرات المرأة على اقتحام أصعب المجالات، فقدمت أولى مسرحياتها بعنوان “سليمى” وفيها ناقشت قضية المرأة التي تضحي بحياتها من أجل إنقاذ حياة الآخرين، معتمدة على التوليف بين الموسيقى والشعر ولغة الجسد، كما أخرجت عددا من القصص القصيرة في ملتقى عمان للقصة القصيرة.

وسبق أن عرضت مسرحيتها “أدرينالين” في مهرجان “تيرو الفني الدولي للمسرح بدورته الثالثة”، وحاز العمل على الجائزة الأولى، وهي جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل. إضافة إلى مهرجان أربيل الدولي للمسرح بدورته الخامسة في إقليم كردستان العراق، وحاز العمل على جائزة التحكيم كأفضل ثيمة مسرحية.

15