أخطار العلاج الهرموني في سن اليأس تلاحق النساء لسنوات

دراسة تؤكد أن تناول حبوب هرمونية يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء.
الثلاثاء 2019/12/17
علاجات الهرمونات ترفع خطر سرطاني الثدي والمبيض

تضطر كثيرات ممن دخلن مرحلة انقطاع الطمث إلى تناول حبوب هرمونية، خاصة إذا شعرن بشدة العوارض التي ترافق سن اليأس، كالهبات الساخنة والآلام وتقلب المزاج. وفي الوقت الذي يعتقدن فيه أنهن بذلك قد نجحن في استرجاع توازن الهرمونات وتقليل حدة الأعراض، بيّن العلم أن في ذلك خطرا أكبر على الصحة يظل شبحه يلاحق النساء لسنوات حتى بعد التوقف عن تناول هذا النوع من الحبوب.

كاليفورنيا  –  تشير دراسة فيدرالية كبيرة وطويلة الأمد إلى أن النساء اللائي يستخدمن أنواعا معينة من علاجات الهرمونات بعد انقطاع الطمث لا يزال لديهن خطر متزايد للإصابة بسرطان الثدي بعد ما يقرب من عقدين من التوقف عن تناول هذه الحبوب.

ورغم أن الخطر ضئيل، يقول الأطباء إن جيلا جديدا من النساء اللائي يدخلن سن انقطاع الطمث الآن قد لا يكنّ على دراية بالنتائج التي صدرت عام 2002 والتي ربطت معدلات سرطان الثدي المرتفعة بالحبوب الهرمونية التي تجمع الأستروجين والبروجستين.

وقال الدكتور روان تشليبوفسكي من المركز الطبي “هاربور- يو.سي.أل.آي في تورانس كاليوفرنيا”، “الرسالة ليست واضحة على الأرجح” فحتى الاستخدام قصير الأمد قد تكون له آثار دائمة. وكان قد ناقش النتائج الجديدة في ندوة سرطان الثدي في سان أنطونيو.

وجاءت النتائج من “مبادرة صحة المرأة” وهي دراسة ممولة من الحكومة الفيدرالية والتي اختبرت الحبوب التي اعتقد الأطباء منذ فترة طويلة أنها ستساعد على الوقاية من أمراض القلب وفقدان العظام وغيرها من المشكلات عند النساء بعد انقطاع الطمث. وقد تم إعطاء أكثر من 16000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 50 و70 تركيبة هرمون أو حبوبا وهمية لمدة خمس إلى ست سنوات.

الأطباء كثيرا ما يصفون أدوية الهرمونات مجتمعة لأن تناول هرمون الإستروجين وحده يزيد من خطر سرطان الرحم

تم إيقاف الجزء الرئيسي من الدراسة في عام 2002 عندما لاحظ الباحثون بشكل مفاجئ ظهور المزيد من مشكلات القلب وسرطانات الثدي بين مستخدمات الهرمونات. في ذلك الوقت نصحت النساء بالتوقف عن العلاج لكن الأطباء استمروا في دراستهم وجمع المعلومات لحوالي ثلثي المشاركات.

وبعد ما يقرب من 19 عاما من المتابعة، شخصت 572 امرأة ممن تعاطين حبوب الهرمونات بالإصابة بسرطان الثدي مقابل 431 بين من تناولن الحبوب الوهمية. وبين ذلك أن تعاطي هذا النوع من الهرمونات يزيد من خطر الإصابة بالمرض بنسبة 29 بالمئة.

يقول الأطباء إنه ومع ذلك، فقد كان هناك اختلاف بين 141 حالة فقط على مدار سنوات عديدة، لذا فإن النساء اللائي يعانين من الهبات الساخنة الشديدة وأعراض انقطاع الطمث الأخرى قد يشعرن أن فوائد حبوب الهرمونات تفوق مخاطرها. بينما تظل النصيحة الأفضل هي استخدام أقل جرعة ممكنة لأقصر وقت.

فلماذا ترفع علاجات الهرمونات من خطر الإصابة بسرطان الثدي؟

قال الدكتور كينت أوسبورن، خبير سرطان الثدي في كلية بايلور للطب، “إن الهرمونات تحفز الخلايا على النمو” وقد يستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يتشكل الورم ويتم اكتشافه.

ويشار إلى أن موقع دويتشه فيله الألماني نقل بدوره تحليلا نشر بموقع شبيغل لنتائج 52 دراسة من الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا. ويظهر التحليل خطرا آخر هو الإصابة بسرطان المبيض. وأظهر التحليل أن امرأة واحدة من كل 1000 امرأة تعالج بالهرمونات لمدة خمس سنوات، تصاب بسرطان المبيض. وتموت امرأة واحدة نتيجة إصابتها بهذا السرطان من بين كل 1700 امرأة تتناول هذا العلاج.

كما أظهر التحليل تزايد خطر الإصابة بسرطان المبيض لدى النساء اللواتي يعالجن بالهرمونات لمدة تقل عن خمس سنوات. يُشار إلى أن 7790 امرأة في ألمانيا أصبن في عام 2010 بسرطان المبيض، وتوفي منهن 5600 بسببه. ومن العوامل الأخرى التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض، عدم الإنجاب أو العقم.

ويصف الأطباء للنساء الهرمونات مجتمعة لأن تناول هرمون الإستروجين وحده يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرحم.

ومع ذلك، فإن ربع النساء فوق سن الخمسين لم يعد لديهن رحم ويمكنهن تناول الإستروجين بمفردهن من أجل أعراض انقطاع الطمث.

لذلك اختبرت الدراسة نفسها هرمون الإستروجين وحده مقابل حبوب وهمية تناولتها أكثر من 10000 من هؤلاء النساء وكان الاستنتاج عكس ما تمت ملاحظته مع الهرمونات المركبة. فقد تبين أن النساء اللاتي تناولن الحبوب التي تحتوي على الإستروجين وحده، لمدة سبع سنوات، أقل عرضة بنسبة 23 بالمئة للإصابة بسرطان الثدي حتى 19 عاما.

تتناقض هذه النتائج مع ما توصلت إليه بعض الدراسات السابقة ولا يوصي الأطباء بأي استخدام للأدوية الهرمونية لمحاولة الوقاية من الأمراض بسبب الصورة الغامضة للمخاطر والفوائد.

وقالت الدكتورة جينيفر ليتون، أخصائية أمراض الثدي في مركز إم.دي أندرسون للسرطان في هيوستن، إن النتائج هي سبب آخر لضرورة أن يتبع مستخدمو الهرمونات إرشادات للحصول على تصوير الثدي بالأشعة السينية بانتظام للتحقق من وجود سرطان. وأضافت “الاستمرار في الفحص بشكل مناسب يظل مهما”.

ومع كل ذلك يعمل الأطباء والباحثون على إنتاج أدوية وعقاقير أخرى تساعد النساء على تخفيض مضاعفات مرحلة انقطاع الطمث. فقد أفادت دراسة بريطانية حديثة، بأن عقار أناستروزول، يعتبر أفضل الخيارات العلاجية لوقاية النساء من خطر متزايد الإصابة بسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث.

المتابعة الطبية ضرورية
المتابعة الطبية ضرورية

الدراسة أجراها باحثون بجامعة كوين ماري في بريطانيا، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية “ذي لانسيت” العلمية. وأجرى الفريق دراسته لاكتشاف أفضل الخيارات العلاجية، لتقليل معدلات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء بعد انقطاع الطمث الذي يبدأ في سن 50 عاما.

وقارن الفريق بين عقارين يستخدمان على نطاق واسع لوقاية النساء من سرطان الثدي، قبل وبعد انقطاع الطمث، وهما أناستروزول وتاموكسيفين.

وللوصول إلى نتائج الدراسة، سجل فريق البحث بيانات عن صحة المرأة على مدار 12 عاما.

ووجد الباحثون أن عقار أناستروزول خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات بنسبة 49 في المئة، بعد مرور 12 عاما على بدء تناول العقار، مقارنة بنسبة 28 في المئة لدى النساء اللائي تناولن عقار تاموكسيفين.

وحسب الدراسة، يستخدم عقار أناستروزول، الذي يمنع إنتاج هرمون الإستروجين لدى النساء بعد انقطاع الطمث، لعلاج سرطان الثدي لأكثر من 20 عاما.  وقال البروفيسور جاك كوزيك، قائد فريق البحث “إن عقار أناستروزول يوفر حماية كبيرة وطويلة الأجل للنساء اللائي يتناولنه لمدة خمس سنوات ويتوقفن”.

وأضاف أن الدراسة كشفت أنه “بعد مرور سبع سنوات على آخر مرة تناولت فيها المشاركات عقار أناستروزول، انخفض لديهن معدل الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 49 في المئة مقارنة بالنساء اللائي تناولن دواء وهميا”.

ووفقا للوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإن سرطان الثدي هو أكثر أنواع الأورام شيوعا بين النساء في جميع أنحاء العالم عامة، ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، إذ يتم تشخيص نحو 1.4 مليون حالة إصابة جديدة كل عام، ويودي بحياة أكثر من 450 ألف سيدة سنويا حول العالم.

17