أخصائيون يحذرون من فقدان الطلاب لشهية الأكل زمن الامتحانات

تونس - يعاني عدد لا بأس به من الطلاب والطالبات من فقدان الوزن خلال الامتحان، فليس الجميع كما هو شائع يعاني زيادة في الوزن خلال هذه الفترة، التي يعتبرها الطلاب مصيرية غالبا. ونتيجة للتوتر والقلق يفقد الطلاب شهيتهم للأكل. وأوصى الأخصائي النفسي مروان الرياحي أولياء الطلاب بالانتباه لأبنائهم زمن الامتحانات، وحذر من فقدان شهية الأكل جراء الإحساس بالتوتر، قائلا إنه يمكن أن تظهر علامات وهمية للقولون العصبي.
وأوضح الرياحي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن بعض الأشخاص أو الطلاب المعرضين لحالات القلق وما يتولد عنه من إحساس بالخوف أو التوتر أو الضغط النفسي غالبا ما يفقدون شهيتهم للأكل جراء هذا الاضطراب النفسي. وأكد أنه عند التعرض للضغط النفسي والتوتر يفرز الجسم كميات أكبر من هرمونات “الكورتيزول” و”الأدرينالين” و”نورادرينالين” مما ينجر عنه ارتفاع أكثر لحالات الضغط والتوتر ويكون فقدان الشهية من الأعراض.
ووفق الأخصائي النفسي، فإن هرمون الكورتيزول هو هرمون التوتر الذي تفرزه الغدد الكظرية، وهو مهم لمساعدة الجسم على التعامل مع المواقف المسببة للتوتر. وهرمون الأدرينالين هو عبارة عن هرمون يتم إنتاجه في الغدة الكظرية، بالإضافة إلى كونه ناقلا عصبيا ويمثل النورادرينالين ناقلا عصبيا يقوم بوظائف مهمة مختلفة في الجسم وينظم عددا من العمليات الفسيولوجية.
ودعا أولياء الطلاب والأشخاص الذين يعانون نقصا في الشهية إلى معالجة العارض النفسي أولا إما بحصص علاج نفسي فيما يعالج بالأدوية إذا كانت الحالة حادة ومزمنة. وأشار إلى أن اضطراب الشهية يمكن أن يكون نقص شهية أو نهما أو شراهة للأكل مبالغا فيها، لافتا إلى أن ذلك قد يعود إلى اعتلالات نفسية وأهمها حالات الاكتئاب، التي عادة ما تعرف لدى الأغلبية بنهم مبالغ فيه ومحاولة ملء الفراغ بالأكل.
وأوضح أن في حالات الحزن والاكتئاب يتراجع إفراز هرمون السعادة (سيروتونين) مما يجعل الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يرغبون بشدّة في تناول السكريات والعجائن الكفيلة برفع هرمون السيروتونين وبالتالي تحسن المزاج. وقال إن اضطرابات الشهية قد ترتبط أيضا باضطرابات عضوية على غرار مشاكل في الجهاز الهضمي أو خلل هرموني أو اضطرابات القولون العصبي.
ويعمل الدماغ خلال فترة التحضير للامتحانات بشكل مُضاعف، ما يعني بذل مجهود ذهني كبير يتطلب الكثير من الطاقة التي يحصل عليها الفرد من خلال الطعام عادة، بمعنى آخر، كما لو أنه يمارس تمرينا رياضيا. ويرى خبراء الصحة أن حلّ هذه المشكلة التي قد تسبب فقدان الوزن خلال الامتحانات، ليس بالشيء الصعب، وبإمكان الطلاب الحرص على تناول الأطعمة التي تمّد الدماغ بالطاقة، مثل المكسرات، والأسماك والبيض، والشوكولاتة الداكنة الخالية من السكر والإضافات.
ويعتبر الخبراء أن فقدان الوزن خلال الامتحان بسبب زيادة المجهود الذهني، أمر يدعو إلى الاطمئنان فمعناه أن الطالب يدرس بتركيز عال. ويشير الخبراء إلى أن الضغط النفسي والتوتر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة أو فقدان الوزن خلال الامتحان، فيفقد الطالب شهيته وربما ينسى أن يأكل، ولا يعود يكترث بمغريات أصناف الطعام التي كان قبل عدة أيام يتناولها بنهم ربما.
وللضغط النفسي أعراض عديدة، مثل الصعوبة في النوم والصداع والتغيّر في المزاج، لكن الأخطر من هذا كله بالنسبة للطالب، هو أنه يسبب فقدان ذاكرة جزئيا، لذا يجب الانتباه جيدا، علما أن علاجه سهل نوعا ما، فبإمكان الطالب الخروج في نزهة صغيرة مشيا على الأقدام، بمعدل 15 دقيقة يوميا، أو ممارسة تمارين الاسترخاء، كأن يجلس على كرسي متخذا شكل الزاوية القائمة، ثم يغمض عينيه ويقوم بإجراء تنفس عميق، وسحب الهواء من أنفه وزفره ببطء من فمه، وتكرار العملية عدة مرات وتخيّل نفسه بأنه في مكان يحبه، ولا ينس تشغيل موسيقى هادئة.
ويرى الخبراء أن الشعور بالقلق من الامتحان أمر طبيعي، لكن ما ليس طبيعيا على الإطلاق هو السماح لهذا الشعور بتملك الطالب والتأثير في جسده، فالقلق المستمر يساهم في ارتفاع نسبة هرمون الكورتيزون، ما يؤدي إلى فقدان الشهية، كما أن القلق يؤدي إلى زيادة تسريع عملية الهضم في المعدة، ويحذر الخبراء من أن تجاهل الطالب تناول الطعام كونه فقد شهيته، قد ينتهي به إلى الإصابة بقرحة المعدة. ويرى الخبراء أن الحل ليس بتلك الصعوبة كما يعتقد الطلاب، حيث يمكنهم الاسترخاء قليلا ومتابعة القراءة.
كما أن عددا كبيرا من الطلاب يمارسون أعمالا أخرى إلى جانب الدراسة، ورغم أن التحضير للامتحان يتطلب تفرّغا بشكل شبه كامل، إلا أن هذه الفئة من الطلاب لا تمتلك مثل هذا الترف، وبالتالي فإنهم لا يستطيعون الحصول على وقت للراحة، إنما يستغلون كل أوقاتهم خارج العمل بالدراسة، وهذا أمرّ يقودهم إلى الإجهاد والإعياء والتعب، الذي يعتبر أحد أهم العوامل في فقدان الشهية خلال الامتحان.
وينصحهم الخبراء بتنظيم الوقت ما أمكن، وهو أحد الحلول الناجحة لهذه المشكلة. ويرى الخبراء أن طلب تقليل ساعات الدوام في العمل، أحد الحقوق التي يجب على الطالب المطالبة بها، وغالبية أماكن العمل لن ترفضها، والأهم أيضا من كل ذلك، اختيار نوع عمل غير مرتبط بدوام، فالعمل المستقل هو الأفضل بالنسبة للطلاب، وهناك الآلاف من الفرص المتوفرة حسب رأيهم.