أحمد نجيب الشابي: لا بد من عودة سوريا إلى البيت العربي

تكتسب القمة العربية، التي تستضيف تونس دورتها الثلاثين، زخما متنوعا واستثنائيا، إذ تأتي في أكثر المراحل حرجا بالنسبة للدول العربية، ما يضع على عاتق القادة المجتمعين مسؤولية مضاعفة، من جهة القرارات المتعقلة بالقضايا المطروحة ومن جهة الانحياز لمطالب الشعوب التي ما زالت رغم خيبات الأمل الماضية، تنجذب للحديث عن التوافق السياسي والتعاون العربي والعمل المشترك ووحدة الصف في مواجهة التهديدات.
وفيما تعد قمة 2019، الثالثة التي تعقد في تونس، بعد قمتي 1979 و2004، عقد القادة العرب، على امتداد سبعة عقود من الأزمات والتحديات، 29 قمة عادية، و11 قمة طارئة، وثلاث قمم اقتصادية، إلى جانب قمتي “أنشاص” وبيروت، وقمة سداسية خاصة.
وتصطدم تلك الآمال مع عقود طويلة عجزت فيها الجامعة العربية واجتماعات القمة الدورية في تحقيق موقف ملموس لاجتثاث الأزمات المستمرة.
وفي ظل تحديات معقدة فرضتها الصراعات والنزاعات والتوترات الإقليمية والاحتجاجات الداخلية، وتغير الموقف الأميركي في الكثير من القضايا، يتفق عدد من السياسيين والخبراء، الذين استطلعت “العرب” أراءهم على هامش القمة، على أن زخم القضايا يفرض تحديات مضاعفة على قمة تونس والمشاركين فيها.
عودة سوريا
تسيطر حالة من الترقب في الشارع التونسي والعربي بشأن الموقف الرسمي الذي سيعلن عنه في البيان الختامي لاجتماع القادة، الأحد، وسط سقف تطلعات عال بأن يتضمن البيان قرارات تتجاوز الملفات الخلافية التي حالت سابقا دون اتخاذ قرارات حاسمة.
ويشير السياسي التونسي المخضرم أحمد نجيب الشابي إلى أن القمة العربية تنعقد في ظروف صعبة: حرب اليمن، الدمار والوهن الذي لحق بسوريا، الانقسام الطائفي في العراق، تفكك الدولة في ليبيا وأخيرا وليس آخرا الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على غزة ودعم احتلال القدس والجولان من قبل الولايات المتحدة.
ويضيف الشابي، في لقاء مع “العرب” على هامش القمة، أن أكثر ما يمكن أن يعرقل طريق التحول في هذه القمة هو الانقسام العربي، مبينا أن العلاقات بين الدول لا تتأثر بطبيعة الأنظمة وإنما تقوم على ما تمثله البلدان من ثقل بشري وموقع جغرافي وعمق تاريخي. لذلك تبقى الدول وتزول الأنظمة.
من هذا المنظور، يؤيد الشابي عودة سوريا إلى البيت العربي، بقطع النظر عما يثيره الوضع في سوريا من جدل، معتبرا أن سوريا، التي استبعدت من القمم العربية منذ سنة 2011، على خلفية لجوء نظام بشار الأسد إلى الخيار العسكري، لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه، مكونا أساسيا في البناء العربي ورقما هاما في المعادلة الإقليمية.
وكان وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي قال، عشية القمة، إنّه على القادة العرب تقييم مسألة تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية سواء على المستوى الأمني والسياسي وكيفية التفاعل مع هذه القضية.
وفي تصريحات سابقة له، قال الناطق الرسمي باسم القمة العربية محمود الخميري إنه “لا يوجد توافق عربي إلى حد الآن” بخصوص عودة سوريا.
ولفت إلى أنّ “تونس باعتبارها البلد المضيف، لا تطرح أي مبادرة بخصوص عَودة سوريا إلى الجامعة”. مشيرا إلى أن “تطورات الوضع في سوريا ستكون أحد بنود القمّة”.
إصلاح الأوضاع
رغم أنه ينظر إلى مخرجات القمة والحديث عن التوافق العربي بقليل من الأمل في تحقيق اختراق تاريخي، إلا أن رؤية أحمد نجيب الشابي لا تخلو من تفاؤل بمستقبل عربي أفضل، مشيرا إلى أنه على المدى الطويل لا خوف على المنطقة العربية، فقد عرفت عبر تاريخها الطويل محنا كالتي تعيشها اليوم وأشد، لكن على المدى القصير فالخلاص يكمن في إصلاح الأوضاع الداخلية للبلدان العربية وإقامة السلم والتعاون بينها. ويرى أن أساس الأزمة أنه لا يوجد اليوم فكر ولا زعامات قادرة على تفجير طاقات شعوبها. ولو نظر الزعماء العرب إلى بلدان آسيا لأدركوا الطريق إلى خلاص بلدانهم.