أحمد سيجلماسي.. ذاكرة المغرب السينمائية وحافظ سير الرواد

ناقد مغربي ساهم في تأسيس مجموعة من المهرجانات السينمائية بمختلف المدن المغربية وقدم العون للكثير من التظاهرات السينمائية.
الأحد 2024/10/06
ناقد وصحافي وعاشق للسينما

الرباط- من المعلوم أن أحمد سيجلماسي المولود بفاس سنة 1950، ساهم في تأسيس مجموعة من المهرجانات السينمائية بمختلف المدن المغربية وقدم العون للكثير من التظاهرات السينمائية هنا وهناك، وشارك بنصوصه في مجموعة من الكتب الجماعية حول تجارب مخرجين سينمائيين مغاربة ومواضيع أخرى. كما شارك في أشغال ندوات كثيرة ولجان تحكيم مسابقات الأفلام، زد على ذلك أن كتاباته وقصاصاته الخبرية موزعة على العديد من المنابر الإعلامية الورقية والإلكترونية.

أول كتاب صدر له سنة 1999 بعنوان “المغرب السينمائي: معطيات وتساؤلات”، وآخر كتاب صدر له مؤخرا سنة 2018 بعنوان “وجوه من المغرب السينمائي”.

توثيق السير

بوكس

أما الكتب الجماعية التي أشرف على إعداد وتنسيق موادها فمنها “محمد مزيان، سينمائي وحيد ومتمرد” (2015) و”أضواء على التراث السينمائي المغربي” (2015) .. وفي الطريق كتب أخرى.

أعد أحمد سيجلماسي ونشط برنامجين سينمائيين بإذاعة فاس الجهوية من 1997 إلى 2004 وشارك في عضوية لجنة دعم الإنتاج السينمائي الوطني في موسمي 1998 – 1999 و1999 – 2000، وتحمل مسؤولية الكتابة العامة بالنيابة داخل المكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب من 1994 إلى 1996، وهو حاليا متعاون مع العديد من المهرجانات السينمائية مديرا فنيا أو مسؤولا إعلاميا.

 وصدر حديثا ضمن منشورات مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بالدار البيضاء مؤلف للكاتب أحمد سيجلماسي بعنوان “وجوه من المغرب السينمائي”، وهو الجزء الخامس من السلسلة، ويوثق الكتاب الذي وُقِّع مؤخرا في إطار أنشطة المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ومهرجان سيدي عثمان للفيلم المغربي في دورته الأخيرة، سير السينمائيين المغاربة الأوائل الذين وقفوا خلف الكاميرا، وأخرجوا أفلاما لأول مرة قبل العام 1960.

فأحمد سيجلماسي هو ناقد وصحافي سينمائي مغربي بارز، يتميز بشغفه العميق بعالم السينما، حيث انطلقت مسيرته في كتابة مواد السلسلة الشهيرة “وجوه المغرب السينمائي” سنة 2018، حيث أصدر الجزء الأول الذي تم فيه التعريف بستة وجوه: المخرج محمد ركاب والناقد مصطفى المسناوي والممثلون حميدو ومحمد مجد ومحمد الحبشي ومحمد بصطاوي. تلاه جزء ثانٍ سنة 2019، عرف من خلاله بعشرة أسماء جديدة، من بينها المخرج محمد عبازي والناقد محمد الدهان والمخرج قويدر بناني، بالإضافة إلى الممثلات خديجة جمال ونعيمة المشرقي وأمينة رشيد وفاطمة الركراكي، والممثلين حسن الصقلي وعبدالجبار الوزير ومحمد الخلفي. وفي سنة 2020، أصدر الجزء الثالث الذي تمحور حول عشرة أسماء أخرى.

وكانت غايته منذ البداية هي المساهمة في سد جزء من الفراغ الهائل على مستوى تراجم وسير أعلام السينما بالمغرب بمختلف تخصصاتهم، لاسيما أن الجهة المشرفة على قطاع السينما بالمغرب لا تولي اهتماماً كبيراً لمسألة توثيق تجارب السينمائيين المغاربة كتابة أو بالصورة والصوت، ومما يزيد الطين بلة عدم إقدام السينمائيين أنفسهم على كتابة سيرهم الفنية والذاتية ونشرها.

 وبحكم اهتمامه بتاريخ السينما بالمغرب منذ عقود، ومراكمته لمعطيات كثيرة حول الأفلام وصانعيها، رأى أحمد أن يتقاسم هذه المعطيات بعد تدقيقها وتنقيحها مع المهتمين ومختلف الفاعلين في حقول السينما المختلفة.

التحديات وحب السينما

◄ حفظ تاريخ السينما المغربية (فيلم "وشمة" (1970) لحميد بناني)
حفظ تاريخ السينما المغربية (فيلم "وشمة" (1970) لحميد بناني)

تعود جذور اهتمام أحمد سيجلماسي بالتوثيق السينمائي إلى مرحلة طفولته، حيث كان يجمع صور الممثلين والممثلات وملصقات الأفلام. كان يحفظ عن ظهر قلب أسماء ممثلي وممثلات الأفلام الأميركية والأوروبية والمصرية والهندية التي كان يشاهدها بكثرة في مختلف القاعات السينمائية الشعبية بفاس والدار البيضاء.

 وبعد ارتباطه بحركة الأندية السينمائية منذ أواخر الستينات، بدأ أحمد يهتم أيضاً بالمخرجين وأساليبهم المتنوعة في الكتابة السينمائية، كما انفتح على كتب تاريخ السينما وغيرها.

وخصص أحمد ملفاً لكل وجه من وجوه السينما، ضمّنه بعض صوره وحواراته وما كُتب عنه في المنابر الصحافية الورقية. وعندما حصل لديه تراكم من المعطيات، شرع في تحرير مواد كتيبات، حيث صدر أولها سنة 1999 بعنوان “المغرب السينمائي: معطيات وتساؤلات”. وانتظر قرابة عشرين سنة ليصدر أول جزء من سلسلة “وجوه من المغرب السينمائي”.

وصدر الجزءان الرابع في (يوليو 2023) والخامس في (أغسطس 2023) من هذه السلسلة، وهناك أجزاء أخرى تنتظر دورها في الطبع. بالإضافة إلى ذلك، نشر نصوصاً أخرى ضمن مؤلفات جماعية حول تجارب بعض المخرجين السينمائيين المغاربة، مثل داوود أولاد السيد ومحمد عبدالرحمان التازي وأحمد المعنوني ومومن السميحي والجيلالي فرحاتي ومصطفى الدرقاوي ولطيف لحلو وسعد الشرايبي وغيرهم.

بوكس

وتسعى أعمال أحمد سيجلماسي إلى تسليط الضوء على أهم الشخصيات السينمائية المغربية وتوثيق تجاربها، ليكون له دور فعال في تعزيز الوعي الثقافي حول السينما المغربية وأعلامها، حيث أن مدرسته الأولى كانت مشاهدة الأفلام المختلفة بكثرة منذ مرحلة المدرسة الابتدائية، وقراءة المجلات السينمائية بنهم، وتتبع البرامج الفنية والثقافية بالإذاعة والتلفزيون، وحضور مختلف المهرجانات السينمائية، خصوصاً المهرجان الوطني للفيلم منذ دورته الثالثة سنة 1991 بمكناس. وارتبط بحركة الأندية السينمائية منذ موسم 1969 – 1970 وساهم في تأسيس نادي الركاب للسينما والثقافة بفاس، بالإضافة إلى المشاركة في مجموعة من المهرجانات السينمائية هنا وهناك.وواجه أحمد العديد من التحديات خلال تحريره لهذه السلسلة، حيث كان أول تحدٍ يتمثل في شح المعطيات المتعلقة ببعض الأسماء التي لفها النسيان.

أما التحدي الثاني فكان عدم تعاون بعض الرواد السينمائيين عند الاتصال بهم من أجل تدقيق بعض المعطيات التي تخصهم أو تخص بعض أعمالهم. ورغم هذه التحديات، استمر في عمله، معتبراً أن عشق السينما والاستهلاك اليومي الواعي للأفلام والاحتكاك عن قرب ببعض السينمائيين هو ما جعله ملما بما يجري في حقل السينما المغربية.

وجوه من المغرب

تم اختيار الجزء الأول من الوجوه التي عرضت أفلامها أو كُرّمت، أو تم إطلاق اسمها على دورة من دورات مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية، الجهة الناشرة للسلسلة. أما الجزء الخامس، الذي صدر مؤخرًا، فقد ركز على السينمائيين المغاربة الأوائل الذين وقفوا خلف آلة التصوير وأخرجوا أفلامًا لأول مرة قبل العام 1960. ومن بين هؤلاء الشخصيات: السلطان مولاي عبدالعزيز، محمد عصفور، عبدالكبير الفاسي، أحمد المسناوي، فاطمة نوري، إبراهيم السايح، العربي بن شقرون، العربي بناني، محمد عفيفي، أحمد بلهاشمي، عبدالعزيز الرمضاني، والطيب الصديقي.

وعمومًا، كان اختيار الوجوه لكل جزء من السلسلة تحكمه الأوراق المحيلة والجاهزة للنشر، التي سبق للسجلماسي نشر بعضها بمناسبة تكريم أو وفاة. وقد عُزز ما هو مكتوب بالعديد من الصور والملصقات، حيث يفضل سيجلماسي إصدار كتب سينمائية تتضمن صورًا، على عكس بعض الممارسات الشائعة في هذا المجال.

وعند الحديث عن القصص أو اللحظات التي عاشها مع شخصيات سينمائية خلال تواصله معهم، يذكر سيجلماسي أن لكل شخصية مزاجها الخاص وطريقتها في التواصل. فقد استمتع كثيرًا بتواصله مع مخرج الفيلم “وشمة” (1970) الرائد حميد بناني، الذي كان يستجيب بسرعة فائقة ويقدم له صورًا من مختلف مراحل حياته.

وعلى النقيض، واجه صعوبة في التواصل مع أحد صناع السينما القدامى الذي لفه النسيان، حيث لم يتمكن من الحصول على أيّ صورة منه، مما يعكس غياب اهتمام بعض السينمائيين بمسألة توثيق تجاربهم الفنية.

أما في ما يتعلق بالمشاريع المستقبلية، فإن سيجلماسي لديه خطط عديدة. فهو يعتزم الاستمرار في إعداد ونشر أجزاء أخرى من سلسلة “وجوه من المغرب السينمائي”، بمعدل جزء واحد على الأقل كل سنة.

 بالإضافة إلى ذلك، يعمل حاليًا على توثيق تجربة حركة الأندية السينمائية بالمغرب، بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب. كما يشتغل على كتاب خاص بالمهرجانات والإصدارات السينمائية بالمغرب، وكتاب حول “الفيلموغرافيا السينمائية المغربية” الذي هو في مرحلة الانتهاء من تحريره.

◄ ساهم في تعزيز الوعي الثقافي حول السينما المغربية وأعلامها
ساهم في تعزيز الوعي الثقافي حول السينما المغربية وأعلامها

 

8