أحمد المريخي: على المؤسسات دعم مبادرات الشباب في الثقافة والعلم والفن

برع الفنانون المسلمون على امتداد قرون في فنون الخط العربي الذي ابتكروا فيه توجهات وأنماطا مختلفة ساهمت في أن يتفرد بنفسه فنا خاصا له بصمته العالمية، فيما يجمع بين الجانب الجمالي والهندسي والنصوص التي يخلّدها والتي لم تقتصر على النصوص الدينية. فيما يلي لقاء مع الخطاط العماني أحمد بن طالب المريخي الذي يطمح إلى حماية فن الخط العربي وتطويره وتقريبه من المتلقين.
خميس خاطر
مسقط - يرى الخطاط العماني أحمد بن طالب المريخي الذي أخذه الإبداع نحو عوالم الخط العربي، أن كل الثقافات والحضارات عبر التاريخ تركت حصيلة كبيرة من الفنون التي تُعبر عن هويتها، ويعد فن الخط العربي حسب تعبيره على رأس تلك الفنون العربية والإسلامية إلى جانب فنون الزخرفة والعمارة وغيرها.
ويشير المريخي إلى أن ظهور التقنية وبرامج الكومبيوتر له أثر كبير على الممارسة اليدوية لهذه الفنون، وأن دور الخطاط يأتي لتعزيز ثقافة الخط العربي ونشرها بين الأجيال الحاضرة والقادمة.
العودة إلى الفن
وفي حديث معه يسرد المريخي واقع تجربته مع الخط العربي، فهو يقدم من خلال أعماله التي عرضها مؤخرًا في القاعة الأمامية لفندق هرمز بمسقط، وتابعها الكثير من محبي الحروفيات في سلطنة عمان، روح الفكرة المتأصلة في ذاته نحو جمال حروف لغة الضاد التي طالما انبثق سحرها من روح مفرداتها التي تأخذ المتأمل فيها إلى عوالم رحبة مع التدبر في تكوينها.
ويُشير المريخي إلى بدايته مع الخط العربي وخصوصية هذا الخط، حيث ورثها منذ صغره من عائلته من زمن أجداده حسب قوله.
وهنا يضيف المريخي “بدأت بتعلم أساسيات الخط العربي منذ كنت في عمر 15 سنة، ورغم قلة الإمكانيات المتوفرة والوسائل التعليمية المطروحة حينها، إلا أنني تمكنت من التعرف على الخط العربي وأساسياته والتفريق بين أنواعه الرئيسية الستة وهي النسخ والرقعة والثلث والديواني والفارسي والكوفي وألممت ببعض قواعده الأساسية”.
الفنان يسعى لنشر ثقافة الخط العربي بين الأجيال الحاضرة والقادمة وتسخير البرامج الحديثة في خدمة هذا الفن
ويبين أنه مع تزاحم تغيرات الحياة الشخصية ابتعد عن الخط العربي قرابة العشرين عاما، ليعود له في عام 2020 بروح متلهفة للعطاء، فقام على إثر ذلك بمراجعة القواعد الأساسية واقتناء الأدوات الاحترافية، كما سعى إلى تكثيف المطالعة والتمارين، ومن ثم بدأ في تنفيذ عدد من الأعمال والمشاركة بها في محافل داخل سلطنة عمان وخارجها، كما قام بنقل ما تعلمه للراغبين المبتدئين في هذا المجال وذلك عن طريق دروس ودورات حضورية أو عن بُعد.
ويؤكد المريخي “خلال مشواري المتواضع لاحظت عدم معرفة الكثيرين بعالم الخط العربي والاعتماد كليا على برامج الكومبيوتر في صياغة عناوين الأعمال والشعارات الخاصة بالمؤتمرات والعلامات التجارية وغيرها، وفي الواقع هذا الأمر يؤثر على هوية المجتمع وصورة الثقافة العامة وحتى على الجمالية العامة”.
ويقترب المريخي من عمله النوعي في مجال الخط العربي، يقول “لأسباب تتعلق بإدراك العملية الحقيقية للخط العربي وماهيته، فمن هنا جاءت فكرتي في تأسيس مركز ‘يسطرون‘ كأول مركز يختص بخدمات الخط العربي، وهو مركز غير ربحي وأقوم من خلاله بنشر ثقافة الخط العربي كهدف أولي وأساسي، واخترت هذا الاسم ‘يسطرون‘ استنادًا إلى الآية القرآنية الكريمة في قوله تعالى ‘ن والقلم وما يسطرون‘”.
نشر ثقافة الخط
كأول أنشطة هذا المركز قام المريخي مؤخرًا بتنظيم معرض خاص به في فندق جراند هرمز - مسقط، ويعتبر الأول من نوعه لعرض أعماله الخاصة.
يقول حول معرضه “أجده دعما نوعيا يضاف إلى مسيرتي من إحدى مؤسسات القطاع الخاص، وحرصت خلال المعرض على تقديم رسالتي وهي: نشر ثقافة الخط العربي بين الأجيال الحاضرة والقادمة، وتسخير التقنية والبرامج الحديثة في خدمة هذا الفن مع الحفاظ على الهوية الأصلية للخط العربي في تنفيذ هذه الرسالة إذ يتم احترام الخط العربي دون التأثير على هيبته ومواكبة التطور والتقنية المستخدمة فيه بشكل يومي”.
وضم المعرض 18 عملًا يدويًا كلاسيكيًا، و 8 أعمال يدوية الأصل وتم تطويرها باستخدام التقنية للتحكم بالألوان والأحجام والإخراج العام، ويقدم المعرض ركنًا خاصًا لعرض الأدوات المستخدمة في تنفيذ اللوحات وركنًا آخر للدروس السريعة والكتابة الحية للزوار.
ولاقى المعرض استجابة كبيرة من محبي هذا المجال، وأيضاً ساهم في تعريف الآخرين على فن الخط العربي إضافةً إلى أنه أدى الرسالة الأساسية كما سبق ذكرها.
ويختتم المريخي حديثه بأمنية الخطاط قائلا “أتمنى التمسك بالهوية العُمانية العربية الإسلامية وتعزيز كل ما يصب في هذا المجال ومن ذلك تعزيز الفنون الإسلامية ومنها الخط العربي، كما أتمنى من المؤسسات دعم الشباب العماني في مثل هذه المبادرات الشخصية في كل المجالات الثقافية والعلمية والفنية والرياضية وغيرها، وأن يجد هذا المجال حضوره الحقيقي في مصاف الفنون التشكيلية التي لطالما كانت أكثر ألقا بحضور الخطاط العماني في المحافل المحلية والدولية”.