أحمد الزند ليس آخر أعباء النظام في مصر

القاهرة – يتحين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مسعاه لتثبيت أركان حكمه، التوقيت المناسب للتخفيف من أعباء عدد ممن استنزفوا رصيده الجماهيري تحت غطاء دعم ثورة 30 يونيو 2013، مثل الإعلامي توفيق عكاشة، ووزير العدل أحمد الزند الذي تسبب في فضيحة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تصريح غير محسوب.
ولا تريد الحكومة المصرية أن تعطي مبررات لخصومها ليسجلوا عليها نقاطا بسبب تجاوزات بعض الأشخاص الباحثين عن الظهور الإعلامي، وأنه يكفيها ما لديها من مشاكل.
وقال مراقبون إن إقالة أحمد الزند وزير العدل تبدو أبعد من كونها ردة فعل لاحتواء الغضب الشعبي الناجم عن تصريحه المسيء للنبي محمد (ص)، لكنها وفرت التوقيت المناسب لوقف سلسلة من تجاوزات الوزير المصري التي أخذ بعضها يستنزف من رصيد الحكومة، محليا ودوليا.
وبدت الإقالة لكثيرين تكتيكا سياسيا مماثلا لما انتهجه البرلمان المصري لإسقاط عضوية النائب السابق توفيق عكاشة، فلم يكن لقاؤه بالسفير الإسرائيلي إلا فرصة اقتنصت للخلاص منه، بعد أن تكررت إساءاته لقيادات البرلمان والنظام برمته.
وسوف تثبت الأيام المقبلة ما إذا كانت هناك توجهات رسمية فعلا للتخلص من هذه النوعية من المسؤولين، وربما يكون التعديل الوزاري المرتقب، كاشفا حقيقيا عن طبيعة التغييرات التي يمكن أن يدخلها الرئيس السيسي.
وقال القاضي محمد البغدادي، الرئيس السابق لمحكمة جنايات أسيوط، إن إقالة الزند حمت القضاء من مجزرة كان يعد لها الوزير للتنكيل بخصومه، وكل من يخالفه الرأي من القضاة.
وكاد دخول نادي القضاة الأحد على خط دعم الزند يحدث أزمة بين النادي الذي يضم في عضويته نحو 30 ألف قاض، والحكومة، عندما أصدر مجلس إدارته بيانا سابقا على قرار الإقالة بساعات رفض فيه ما أسماه بـ”ممارسة الضغوط على وزير العدل للاستقالة”.
وهدد عدد من المستشارين المنتدبين بديوان الوزارة بإلغاء الانتداب عقب إعلان الحكومة إقالة وزير العدل دون تبرير.
وقال البغدادي في تصريح لـ”العرب” إن بيان النادي تدخل سافر من القضاة في شؤون السلطة التنفيذية ومحاولة بائسة من الزند بعد فوات الأوان للبقاء في السلطة.
وقال القاضي محمد عبدالرازق عضو مجلس إدارة نادي القضاة والمنتدب في الوقت ذاته لرئاسة المكتب الفني بوزارة العدل، في تصريح لـ”العرب”، “لا نعيب على السلطة التنفيذية قرارها فهذا شأن رئيس الوزراء”.
ويرى المراقبون أن الزند ليس الأخير من بين عدد من الذين يمثلون عبئا على النظام، وسوف تتم مواجهتهم خلال الفترة المقبلة بالطرق القانونية داخل البرلمان، بينهم النائب مرتضى منصور الذي تربطه صداقات وطيدة بالمستشار الزند.
كما تنظر محكمة النقض في دعوى مقامة من عمرو الشوبكي المرشح السابق في انتخابات البرلمان والذي لقي هزيمة مشكوكا فيها أمام منافسه أحمد مرتضى منصور، بعد كشف تلاعب في أعداد أصوات الناخبين بالكشوف النهائية.
لكن ثمة من يرى أن إقالة الزند دون تقديم أسباب مقنعة قد تنال من النظام الديمقراطي.
وقالت تهاني الجبالي النائب السابق بالمحكمة الدستورية العليا لـ”العرب” إن على الحكومة أن تخرج ببيان تعلن فيه أساب إقالة وزير العدل، فليس من المنطقي إقالته لتصريح صدر عن غير قصد وتم الاعتذار عنه، فالوزير يحاسب على أفعاله السياسية لا تصريحاته الإعلامية ولا ينبغي أن تتحكم مواقع التواصل الاجتماعي في قرارات الحكومة.
وأشارت إلى أن لديها قناعة بأن التصريحات ليست سبب الإقالة، وعلى الحكومة أن تحترم الشفافية وتعلن أسبابها الحقيقية، وإلا فإن ذلك سيكون بمثابة انتهاك لأبسط مبادئ الحكم الديمقراطي.