أحلام الوصول للسلطة تتبخر.. إخوان الجزائر يرفضون التعديل الدستوري

"حركة النهضة" الجزائرية وحزب "جبهة العدالة والتنمية" يلتحقان بـ"حمس" ويدعوان إلى التصويت ضد التعديلات الدستورية بالاستفتاء.
السبت 2020/10/03
الإخوان يقدمون خدمة للسلطة لتبديد هاجس المقاطعة الشعبية

الجزائر- اختار الإسلاميون التخندق في الجبهة المعارضة للدستور الجديد في الجزائر، بعد أن أعلن حزبان إسلاميان التحاقهما إلى "حركة مجتمع السلم"، في رفض مشروع التعديل الدستوري في البلاد.

جاء ذلك في موقفين لـ"حركة النهضة" وحزب "جبهة العدالة والتنمية"، مساء الجمعة، مؤكدين أنهما سيصوتان ضد التعديلات الدستورية بالاستفتاء المقرر في الأول من نوفمبر المقبل.

وأكدت حركة النهضة الجزائرية، عقب اجتماع طارئ لمجلس الشورى، أنها ترفض المشروع الدستوري.

وأكدت في بيان لها أنه تقرر "التصويت بلا في الاستفتاء الشعبي"، وأن "هذه الوثيقة (مشروع التعديل الدستوري) ليست توافقية ولا تعبر عن الأغلبية الشعبية بل تكرس خيار الأقلية".

واعتبرت أن الوثيقة المعروضة للاستفتاء لم تعالج الإخلالات التي تضمنها تعديل 2016، وأنها تكرس نظام رئاسوي يقر صلاحيات واسعة للرئيس ويغيّب أية آلية قانونية للمساءلة.

وانتقدت الحركة طريقة إعداد المشروع الدستوري، معتبرة أن اللجنة المشرفة على العملية لم تكن تمثيلية.

من جانبه، قرر حزب "جبهة العدالة والتنمية"، في ختام اجتماع مجلس الشورى الخاص به، التصويت بـ"لا" على مشروع التعديل الدستوري.

وقال رئيس الحزب عبدالله جاب الله، في كلمة خلال الاجتماع، إن "هذا الدستور وضعه تيار واحد هو التيار العلماني ذي النزعة الاستئصالية".

وأضاف أن "هذا الدستور أكبر فتنة تسجل في تاريخ الجزائر، وهو دستور سيؤسس لما يعمق الأزمات وليس لحلول لمشكلات البلاد"، وطالب كوادر حزبه والقوى السياسية والوطنية المدافعة عن الهوية الوطنية باتخاذ موقف تاريخي من الدستور.

وذكر جاب الله أنه فحص مسودة الدستور، ووجد فيها 150 علة كافية لاعتباره "دستوراً معطوباً"، مشيراً إلى أنه يؤسس لنظام رئاسي دون وجود أية رقابة، وذهب إلى أبعد من ذلك حين حذر من مخاطر مضمون المسودة الدستورية، قائلاً "هذا الدستور إذا اعتمد سيكون سبة في جبين الجزائريين، وسيأثم جميع من وضعه ومن أقره ومن يصوت له، لأنه ستولد عنه مظالم عدة ستلحق الشعب والبلد".

 وقوبل تصريح جاب الله واعتباره أنّ من يصوت للدستور "آثم" بالمفهوم الديني بانزعاج كبير وردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب إقحام حكم ديني في تقدير موقف سياسي.

وبإعلان الحزبين موقفهما، ينضمان إلى "حركة مجتمع السلم" التي أعلنت رفضها له والتصويت ضده، لأسباب قالت إنها تتصل بمسائل الديمقراطية والهوية والصلاحيات، وعدم الأخذ بعين الاعتبار مقترحاتها المقدمة في فترة الإثراء والنقاش.

والاثنين الماضي، قال عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، في مؤتمر صحافي لإعلان موقف حزبه من المشروع مخاطبا الجزائريين "اذهبوا بالملايين إلى الصندوق وعبروا بـ (لا)".

و تتركز تحفظات الأحزاب على "شق سياسي يتعلق بغموض نظام الحكم، وآخر بخصوص مواد تريد أن تجعل المدرسة والمسجد بعيدان عن هوية الشعب وعدم اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع"، وفق تصريحات لقادة الأحزاب.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن مجرد الدعوة إلى التصويت بـ"لا" على الدستور في الاستفتاء الشعبي، يعتبر خدمة للسلطة، كون الأخيرة يهمها الزخم الشعبي الذي يبدد هاجس المقاطعة.

وبحسب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر فإن محاولة "شيطنة" المسودة تظهر "حالة اليأس" التي وصلت إليها جماعة الإخوان بعدما تأكدت من أن الدستور القادم "سينهي أطماعهم في الحكم ويبخر أحلامهم"، و"خارطة طريق صلبة لإنهاء نظام المحاصصة السري" الذي أعطاهم "ما ليس لهم" خلال أكثر من عقدين.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، قال في مقابلة مع وسائل إعلام محلية في 20 سبتمبر الماضي، إن "مسائل الهوية في البلاد تم الفصل فيها منذ زمن ولا مجال لمناقشتها والإسلام سيبقى دين الدولة الجزائرية".

ويتألف مشروع تعديل الدستور الجزائري من ديباجة و7 أبواب، ويضم في أبرز مواده منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء متتاليتين أو منفصلتين.

كما يشمل أيضا تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.

ويعتبر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تعديل الدستور بمثابة حجر الأساس في إصلاحات جذرية تعهد بها قبل وبعد اعتلائه سدة الحكم في 19 ديسمبر الماضي.