أحكام بالسجن حتى 66 عاما في قضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس

من بين المحكوم عليهم شخصيات بارزة من المعارضة ومحامون ورجال أعمال منهم من هو في السجن منذ سنتين.
الأحد 2025/04/20
أربعون متهما في القضية

تونس - حكمت المحكمة الابتدائية بالسجن النافذ ما بين 13 و66 عاما على حوالي 40 متّهما، بينهم وجوه من المعارضة، لإدانتهم بـ”التآمر على أمن الدولة.” ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب، إعلانه عن أحكام بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما.

وأدين المتّهمون بدرجات متفاوتة بتهم أبرزها “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” و”تكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية والانضمام إليه،” حسب ما قال المساعد الأول لوكيل الدولة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوسائل إعلام.

غير أنّ قائمة نقلها عدد من المحامين، “بانتظار التأكيد الرسمي،” تشير إلى عقوبة أربع سنوات على الأقل. وهي أحكام يحق للمحكوم عليهم استئنافها. ومن بين المحكوم عليهم شخصيات بارزة من المعارضة ومحامون ورجال أعمال منهم من هو في السجن منذ سنتين، في حين بقي آخرون في حال سراح واختار البعض المنفى.

وبحسب القائمة التي نقلها محاميَان على الأقل، فقد حُكم على المتهمين الموجودين في الخارج، ومن بينهم الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، بالسجن لمدّة 33 عاما، تماما كما هو الأمر بالنسبة إلى الناشطة النسوية الشهيرة بشرى بلحاج حميدة ورئيسة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة.

وحُكم بالسجن 18 عاما على زعيم الحزب الجمهوري (الاشتراكي الديمقراطي) عصام الشابي وأحد مؤسسي جبهة الخلاص الوطني، وهي أكبر ائتلاف معارض في البلد، جوهر بن مبارك، والوزير السابق غازي الشواشي من التيار الديمقراطي (الوسطي) والمحامي رضا بالحاج والناشطة الحقوقية شيماء عيسى، على ما كشف المحامي عبدالستار المسعودي.

◙ القضاء اعتبر أن بعض المتّهمين أقاموا اتصالات مشبوهة بدول أجنبية فيما اعترض المحامون أمام القاضي بعد تلاوته لائحة الاتهام وطرحها للمداولة

أما الزعيم السابق لحزب التكتّل (الاشتراكي الديمقراطي) خيام التركي، فقد حكم عليه بالسجن 48 عاما، في حين صدر أقسى حكم بالسجن 66 عاما في حقّ رجل الأعمال واسع النفوذ كمال اللطيف، بحسب المسعودي الذي تولّى الدفاع عن متّهمين اثنين. كما حُكم على الزعيمين السابقين لحزب النهضة الإسلامي المحافظ عبدالحميد الجلاصي ونورالدين البحيري بالسجن لمدّة 13 عاما و43 عاما على التوالي، وفق القائمة.

أمّا مدير إذاعة “موزاييك أف أم” الخاصة، نورالدين بوطار، فقد حُكم عليه بالسجن عشر سنوات، فيما حُكم على سمسار بيع السيارات حطاب سلامة بالسجن أربع سنوات، لأنّه تمّ العثور على سيارته بالقرب من منزل متهم آخر. والجمعة، انعقدت الجلسة الثالثة والأخيرة من هذه المحاكمة التي لم يشهد البلد مثلها من حيث عدد المتّهمين والتهم الرئيسية الموجّهة إليهم، وسط حضور أمني كثيف وفي غياب الصحافة الدولية التي مُنع مراسلوها، وكذلك الدبلوماسيون الأجانب، من دخول قاعة المحكمة، رغم السماح لهم بحضور الجلستين السابقتين.

واعتبر القضاء أن بعض المتّهمين أقاموا اتصالات مشبوهة بدول أجنبية، خاصة عبر دبلوماسيين. واعترض المحامون أمام القاضي بعد تلاوته لائحة الاتهام وطرحها للمداولة، من دون أيّ مرافعات من جانب الدفاع. ورأت المحامية هيفاء الشابي، ابنة السياسي أحمد نجيب الشابي (شقيق عصام) الذي حُكم عليه بالسجن 18 عاما وفق القائمة، أنّ “الحكم حُضّر مسبقا وهو غير مفاجئ.” وقالت في تصريحات صحفية “أنا حزينة على وضع القضاء في تونس وحالة الحرّيات.”

ومنذ إجراءات الرئيس قيس سعيّد في يوليو 2021، يندّد المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون بتراجع الحرّيات في تونس، البلد الذي انطلق منه ما يعرف بـ”الربيع العربي” عام 2011. ورأى المحلّل حاتم النفطي أن “حكم التبرئة كان ليتعارض مع سردية المؤامرات التي يستند إليها النظام منذ 2021،” موضحا عبر إكس أن هذه الرواية “تبقى مقبولة من جزء كبير من الشعب” بعد السيطرة على حد قوله على أغلبية وسائل الإعلام وزجّ صحافيين كثيرين في السجن.

واعتبارا من ربيع العام 2023، أوقف العشرات من المسؤولين السياسيين والمحامين والصحافيين والناشطين الحقوقيين، لاسيما منهم المدافعين عن المهاجرين، بموجب مرسوم بشأن نشر أخبار زائفة فضفاض ويفتح الباب أمام مختلف التأويلات. ومنذ بدء المحاكمة في الرابع من مارس، طالب محامو الدفاع في مرافعات حادة بمثول جميع المتّهمين حضوريا أمام المحكمة، وقد أعلن بعضهم إضرابا عن الطعام في السجن احتجاجا على حرمانهم من هذا “الحقّ الأساسي”، بعد أن طلبت منهم المحكمة الإدلاء بشهاداتهم عن بعد.

2