أحزاب قومية ويسارية تنتفض ضد احتكار الإخوان للشارع الأردني

اتهامات لجماعة الإخوان بـ"البلطجة" ومحاولة خلق فتنة.
الاثنين 2023/11/27
استغلال مشاعر الغضب لتحقيق مصالح حزبية ضيقة

تحولت المسيرات الداعمة للفلسطينيين إلى مصدر توتر بين القوى السياسية في الأردن بسبب محاولات جماعة الإخوان احتكار الشارع، حتى أن الأمر بلغ حد الاعتداء على أعضاء وأنصار أحزاب لا تتقاطع مع الجماعة سياسيا وفكريا.

عمان- وجهت أحزاب قومية ويسارية في الأردن اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالسعي إلى احتكار الشارع الأردني، واستهداف المكونات الحزبية، عبر الاستقواء بالبلطجية.

وجاءت الاتهامات على خلفية مناوشات جرت بين عناصر تنتمي إلى جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، وبين أعضاء في ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، خلال مسيرة نظمت الجمعة الماضية لنصرة قطاع غزة.

وحرصت جماعة الإخوان منذ اندلاع الأحداث في غزة في السابع من أكتوبر الماضي على تصدر الاحتجاجات في الشارع الأردني، محاولة تحجيم الأطياف السياسية الأخرى، والتغطية على تحركاتها الداعمة للفلسطينيين.

وعمدت الجماعة إلى تبني مسار متمايز عن باقي الطيف الحزبي في المملكة، مع السعي إلى المزايدة على الموقف الرسمي، الأمر الذي استفز الحكومة والأحزاب معا.

نضال البطاينة: ما حدث الجمعة خطير ويمس الأمن المجتمعي
نضال البطاينة: ما حدث الجمعة خطير ويمس الأمن المجتمعي

وأصدر ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية بيانا شديد اللهجة ضد “تصرفات جماعة الإخوان وسلوكهم المشين الذي أظهروه خلال قيام الائتلاف الجمعة الماضية بتنظيم مسيرات مؤيدة للشعب الفلسطيني في العاصمة عمان”.

وقال الائتلاف في بيانه “لقد فوجئت جماهير شعبنا، الَّتي لبّت دعوات التَّضامن مع الشَّعب العربيّ الفلسطينيّ في غزَّة الأبيَّة الجمعة، بحملة بلطجةٍ مبيَّتة ومنظَّمة قامت بها عناصر مِن الإخوان لتخريب مشاركة ائتلاف الأحزاب القوميَّة واليساريَّة في مسيرة الجمعة وسط البلد في عمَّان الَّتي شارك الائتلاف في الدَّعوة إليها”.

وذكر البيان “لقد اعترضت عناصر ‘الإخوان’ تلك، الطريق الخاصّ بالائتلاف ومنعته من السَّير واعتدت على نشطاء الأحزاب اليساريَّة والقوميَّة؛ ولولا أنَّ أعضاء الائتلاف التزموا ضبط النَّفس وبذلوا جُهداً كبيراً لتفادي الصِّدام، لحدث ما لا تُحمَد عُقباه”.

وأضاف الائتلاف “لقد استغلَّت هذه المجموعة حرص الأحزاب القوميَّة واليساريَّة على الوحدة الوطنيَّة، وشعورها العالي بالمسؤوليَّة، فتصرفت بوقاحة وفظاظة، وحدث ذلك أمام نظر وسمع أحد مسؤوليهم”.

وأكد أن “هدف هذه البلطجة واضح تماماً؛ ألا وهو إسكات واستبعاد أيّ صوت حزبيّ أو جماهيري يرفض أنْ يضع نفسه تحت لواء ‘الإخوان’ علماً أن جميع فصائل المقاومة الفلسطينية انخرطت في هذه المعركة الفاصلة، فليس من مصلحة المقاومة أن تنقسم القوى الشعبية العربية المؤيدة لها”.

وقال ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية “ندين هذا السُّلوك المشين بأشدِّ العبارات، ونحذِّر من استمراره والتَّمادي فيه؛ لأنَّ من شأن ذلك توتير الأجواء، وترك أثرٍ سلبيٍّ لدى جموع النَّاس الَّتي تُشارك في فعاليَّات التَّضامن مع أهلنا الصَّامدين والمقاومين في غزَّة وسائر فلسطين المحتلَّة في الوقت الذي تدعو أصوات المقاومة في غزَّة إلى توطيد الوحدة الوطنيَّة”.

ودعا “الشَّخصيَّات والقوى الوطنيَّة، وسائر الشَّخصيَّات والقوى الحكيمة والمسؤولة، إلى التَّوقُّف مليَّاً أمام هذا الحدث الفتنويّ الخطير، وإدانته، والعمل مِنْ أجل وضع حدٍّ له ومنع تكراره، قبل أن يتفاعل على نحوٍ سلبيِّ ويؤدِّي إلى نتائج مدمِّرة لن يستفيد منها أحد، بل إنَّها ستكون وبالاً على الجميع”.

وسبق أن اتهم رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الأسبوع الماضي ما سمّاه “الطابور الخامس” بالسعي إلى ضرب الوحدة الوطنية وخلق فتنة في البلاد، في إشارة عزاها متابعون إلى جماعة الإخوان. ويرى سياسيون أن جماعة الإخوان ما فتئت تسعى إلى استغلال الأحداث الكبرى لتجييرها خدمة لمصالحها وحساباتها الخاصة، مشيرين إلى أن النهج الذي اعتمدته الجماعة في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة يندرج في سياق محاولة كسب الشارع الأردني قبيل انتخابات تشريعية استثنائية ترنو الجماعة إلى تصدر نتائجها.

ومن المنتظر أن يجري الأردن العام المقبل انتخابات تشريعية ستكون مختلفة عن سابقاتها بعد التغيير الذي طال قانوني الأحزاب والانتخابات، اللذين منحا القوى الحزبية في المملكة امتيازات مهمة على حساب باقي المكونات الأردنية وفي مقدمتها العشائر.

وأدان حزب إرادة ما اعتبره تصرفات غير مسؤولة قام بها أحد الأحزاب تجاه الأحزاب الأخرى المشاركة في مسيرة الجمعة، في إشارة إلى جماعة الإخوان.

◙ جماعة الإخوان حرصت منذ اندلاع الأحداث في غزة على تصدر الاحتجاجات في الشارع الأردني، محاولة تحجيم الأطياف السياسية الأخرى، والتغطية على تحركاتها الداعمة للفلسطينيين

وحذّر الأمين العام لحزب إرادة نضال البطاينة من “نشوة استغلال مشاعر الغضب داخل المجتمع الأردني لما يحدث في غزة والضفة الغربية؛ لتحقيق مصالح حزبية ضيقة من البعض على الساحة الأردنية؛ إذ أن أي تحركات لا تصب بتحقيق المصلحة الوطنية الأردنية عبر تبني أهداف ومطالب واضحة بهذا الخصوص ما هي إلا طعنة في خاصرة الوطن وجبهته الداخلية”.

وقال البطاينة إن “محاولات التجييش والحشد واحتكار الشارع بهذا الشكل لا تجوز مطلقًا، ولا ترتقي إلى أبجديات العمل الحزبي والديمقراطي، وإن ما حدث الجمعة شيء مؤسف وخطير كونه أصبح متكررا، ومن شأنه أن يحرف البوصلة، ويمس الأمن المجتمعي، ويلحق ضررًا بالعملية السياسية والحياة الحزبية في المملكة الأردنية الهاشمية”.

وأضاف أن “محاولة إضعاف الجبهة الداخلية -لا سمح الله- ستنعكس سلبًا على الوضع في الأراضي الفلسطينية، وتعزز توجه الاحتلال إلى تهجير قسري للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن”.

ودعا البطاينة الشعب الأردني إلى الالتفاف حول الوطن والقيادة، وعدم الانجرار خلف لغة التحدي التي تستغلها تيارات سياسية من أجل تحقيق مكاسب خاصة على حساب الوطن وأمنه. كما حث على إنشاء ائتلاف سياسي لهذه المرحلة يضم القوى السياسية، من أجل التنسيق لوحدة قيادة الشارع ووحدة الشعارات والأهداف لاسيما وأن بعض البيانات بدأت تخرج عن السياق بشكل لا يخدم فلسطين ولا الأردن سياسيا.

2