أحزاب المعارضة التونسية تطالب بديمقراطية تفتقدها داخل هياكلها

حزب العمال اليساري يتجه إلى التفكك بعد استقالة 64 قياديّا.
الجمعة 2022/04/15
تمسك بالقيادة

تونس - يتجه حزب العمال اليساري في تونس إلى التفكك بعد استقالة 64 قياديا، في خطوة أرجعها هؤلاء إلى خلافات حول قضايا أساسية وجوهرية.

ويعكس هذا التطور الذي بدا لافتا في توقيته -حيث يتزامن مع مواصلة حزب العمال انتقاده لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يقود مسارا سياسيا انتقاليا- حجم الأزمة التي تعانيها الأحزاب التونسية المعارضة التي تطالب بديمقراطية تفتقدها داخل هياكلها.

وقال القيادي المستقيل من حزب العمال لطفي فريد في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية إن “هناك مشكلة في الحزب تتعلق بالتسيير الديمقراطي الحقيقي داخله”.

ويقود الأمانة العامة للحزب -الذي عرف انتكاسات عدة في المحطات الانتخابية لمرحلة ما بعد ثورة السابع عشر من ديسمبر- حمة الهمامي الذي عارض بشدة جل الحكومات المتعاقبة والرؤساء. 

خليل الرقيق: هناك استبداد في الرأي والقيادة في عدة أحزاب تونسية

ويعتقد مراقبون تونسيون أن تمسك الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب بالاستمرار في المنصب -على غرار ما حدث مع حركة النهضة الإسلامية وحزب العمال حاليا- يكرس نوعا من الاستبداد والانفراد بالرأي، وهو ما يخلق أيضاً تناقضا في مواقف تلك الأحزاب التي تنادي بالديمقراطية.

وقال المحلل السياسي خليل الرقيق “هناك استبداد في الرأي والقيادة في عدة أحزاب تونسية، بالنسبة إلى حزب العمال فإن هذه المغادرة الجماعية هي الثالثة من نوعها، الأولى كانت في بداية التسعينات حين غادرت مجموعة الشيوعيين الديمقراطيين، وهي مغادرة ناتجة أيضا عن خلاف مع القيادة حول سياسات الحزب ومواقفه وانفراد القيادة بالرأي”. 

وأضاف الرقيق في تصريح لـ”العرب” أنه “في 2019 قبل الانتخابات أيضا حدثت مغادرة جماعية لأكثر من 120 عضوا فاعلا، من بينهم نواب في البرلمان، ثم الـ64 الجدد الذين أغلبهم من الكوادر الشابة، ما يعكس وجود أزمة تنظيمية مستفحلة في الأحزاب نتيجة المركزية المشطة للأمناء العامين والقيادات والمكاتب السياسية”.

واعتبر الرقيق أنه “كلما ظهر جيل جديد وحاول البروز وأخذ مشعل القيادة تم وضعه جانبا وتهميشه في الأحزاب اليسارية والأحزاب عموما وخاصة حزب العمال”.

وليس حزب العمال وحده من شهد ظاهرة استفراد قيادته بالرأي أو إطالة أمد بقائها؛ إذ يعيش حزب حركة النهضة الإسلامية منذ سنوات على وقع خلافات أفضت إلى استقالة العشرات منه بسبب سعي رئيسه راشد الغنوشي للتمديد له في قيادة الحزب.

والنهضة أيضا من أبرز الأحزاب السياسية المناهضة لمسار الخامس والعشرين من يوليو الذي يقوده الرئيس سعيد، وتزعم أنها تطالب بالديمقراطية والحريات لكن ذلك الخطاب يتناقض مع الممارسات داخل الحركة.

وفي سبتمبر الماضي قدم 113 عضوا (قيادات مركزية وجهوية وأعضاء في مجلس الشورى وأعضاء في البرلمان المنحل) استقالتهم، على خلفية ما اعتبروه “الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”.

لطفي فريد: هناك مشكلة في الحزب تتعلق بالتسيير الديمقراطي داخله

ومن المستقيلين ثمانية نواب وعدة وزراء سابقين أبرزهم عبداللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم وتوفيق السعيدي.

وتواجه هذه الأحزاب حالة قطيعة مع الشارع نتيجة سياساتها ومواقفها، فحزب العمال أخفق في جل المحطات الانتخابية التي شهدتها تونس رغم دخوله في تحالفات بدت هشة على غرار الجبهة الشعبية التي سرعان ما تفككت، وحركة النهضة باتت عاجزة عن تعبئة الشارع بعدما قادت جل الحكومات إثر ثورة السابع عشر من ديسمبر.

وتأتي هذه التطورات داخل أحزاب المعارضة قبل أشهر على موعد أولى الاستحقاقات التي تضمنتها خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد، حيث من المرتقب إجراء استفتاء شعبي على إصلاحات دستورية وسياسية ستتم صياغتها في المرحلة المقبلة قبل التوجه إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

ويقود الرئيس سعيد مسارا سياسيا انتقاليا كان قد دشنه في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بعد أن فعّل الفصل 80 من الدستور وجمد من خلاله عمل البرلمان وأقال الحكومة المدعومة من النهضة برئاسة هشام المشيشي قبل أن يحل البرلمان في موفى مارس الماضي.

ويعد الرئيس سعيد بإجراء حوار وطني يستثنى منه “الفاسدون ومن باع ذمته إلى الخارج” من أجل بناء “الجمهورية الجديدة”، وذلك في وقت ترزح فيه البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة ووسط مساعٍ من الحكومة للحصول على تمويل جديد من المانحين الدوليين.

4