أجندات متضاربة تجتمع على خلخلة الوضع في مناطق قوات سوريا الديمقراطية

قوات سوريا الديمقراطية تشن حملة في دير الزور وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات.
الجمعة 2019/05/17
استنفار يعكس حالة من القلق

قوات سوريا الديمقراطية تعمل جاهدة على تثبيت الوضع في مناطق شرق الفرات بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، بيد أن الأمور لا تسير وفق ما ترغب في ظل وجود قوى متناقضة من صالحها عدم استقرار الأمور في تلك الأنحاء.

دمشق - تجد قوات سوريا الديمقراطية صعوبة في تثبيت سيطرتها على شرق الفرات في ظل وجود خلايا منتشرة لتنظيم داعش، وأطراف محسوبة على دمشق وأخرى على أنقرة تعمل على خلق حالة من عدم الاستقرار في تلك المنطقة.

 وبدأت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا مؤخرا حملة ضد ما قالت إنهم “إرهابيون” على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة الشحيل الاستراتيجية في محافظة دير الزور الغنية بالنفط في شرق سوريا.

وكانت تلك المنطقة قد شهدت قبل أسابيع احتجاجات مناهضة لحكم القوات التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي، وسط تضارب المعطيات حول الجهة التي تقف خلفها، فهناك من يتهم تركيا فيما يرى آخرون وجود بصمات للنظام السوري.

ومن صالح تركيا إثارة الوضع في شرق الفرات في محاولة لإرباك قوات سوريا الديمقراطية وإظهار الأخيرة في ثوب العاجز عن إدارة الوضع هناك، بسبب رفض سكان المنطقة لها، وهم في معظمهم ينتمون لعشائر عربية.

وكانت تركيا قد احتضنت في خضم تلك الاحتجاجات اجتماعات على أراضيها مع ممثلين لبعض العشائر من دير الزور، ما عزز شكوك الكثيرين في وقوف أنقرة خلف ذلك الحراك.

وسبق أن هددت تركيا مرارا بشن عملية في شرق الفرات لطرد وحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الناشط على أراضيها، بيد أن تلك التهديدات لم تجد طريقها للتنفيذ في ظل الفيتو الأميركي.

ولا تزال أنقرة تحاول إقناع واشنطن بصوابية سيطرتها على تلك المنطقة، مقدمة سلة من المغريات، إلا أن واشنطن لا تزال ترفض الأمر.

مصطفى بالي: النظام يحاول تحريك بعض العشائر لتأجيج الوضع في دير الزور
مصطفى بالي: النظام يحاول تحريك بعض العشائر لتأجيج الوضع في دير الزور

ومن جهة أخرى لا يستبعد العديد فرضية أن يكون النظام السوري وحليفته إيران خلف موجة الغضب التي تم التعامل معها سريعا وإن كان مراقبون يتوقعون تجددها، في ظل استمرار مسببات اندلاعها، ومنها حالة التمييز التي يستشعرها السكان هناك.

وتتمسك دمشق باستعادة السيطرة على كامل أراضيها وأيضا لجعل الأمور أكثر صعوبة على واشنطن على أمل تعجيل انسحابها من تلك المنطقة، وهو الأمر المستبعد حدوثه خاصة على ضوء تصاعد التوتر في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي خضم هذا المشهد الضبابي تبرز من حين لآخر عمليات تنسب لتنظيم داعش وتستهدف القوات المرابطة في المنطقة.   

وذكرت قوات سوريا الديمقراطية أنها اعتقلت حتى الآن 20 متشددا وصادرت أسلحة في عملية أمنية في محيط بلدة الشحيل على الضفة الغربية لنهر الفرات وفي المنطقة الصحراوية منها.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان “بدأت قواتنا حملة تمشيط في محيط بلدة الشحيل في ساعات الصباح الأولى من الأربعاء.. تم اعتقال 20 إرهابيا وكشف بعض المخابئ ونفقين كان يستخدمها الإرهابيون لشن الهجمات بالإضافة إلى مصادرة كميات من السلاح والذخيرة”.

وكانت قوات عمليات خاصة تقودها الولايات المتحدة داهمت الأسبوع الماضي مخبأ لمن يشتبه بأنهم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في البلدة، وهو ما قاله ثلاثة سكان وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي أنه أطلق شرارة الاحتجاجات العنيفة ضد قوات سوريا الديمقراطية. وقال سكان إن ثمانية أشخاص قتلوا.

ونفى المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي مقتل أي مدني في العملية التي قال إنها استهدفت خلية “مهمة” لمتشددي الدولة الإسلامية داخل الشحيل، وهي جزء من مساحة أكبر من الأرض في شمال شرق سوريا تسيطر عليها القوات.

وأضاف المتحدث “العملية نفذت بدقة واحترافية عالية وحققت اهدافها”. وأنحى باللائمة على الحكومة السورية في تأجيج الاحتجاجات المناهضة لقوات سوريا الديمقراطية في المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية.

ومضى يقول “النظام السوري يحاول تحريك بعض وجهاء العشائر لتأجيج الوضع في دير الزور. ويحاول أن يستفيد من هذه العملية ويحرض الناس في دير الزور على التظاهرات”.

وحث اجتماع انعقد في الشحيل بدعوة من عشيرة العكيدات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على تسليم إدارة شؤون البلدة للسكان المحليين.

وقال سكان وشيوخ عشائر إن ضعف الخدمات ونقص الوظائف والتجنيد الإجباري للشبان زادت حالة الاستياء من قوات سوريا الديمقراطية في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة دير الزور شرقي نهر الفرات.

وكانت وزارة الخارجية السورية حثت مجلس الأمن الدولي الاثنين على التحرك ضد ما قالت إنها “اعتداءات” قوات سوريا الديمقراطية، محذرة من أنها تحتفظ بحق الدفاع عن مواطنيها.

ويتهم المحتجون المسؤولين الأكراد بالتمييز ويريدون إنهاء التجنيد القسري للشبان العرب. وهم غاضبون أيضا من بيع وحدات حماية الشعب الكردية النفط الخام من الحقول الواقعة في منطقتهم للحكومة السورية.

وينفي قادة الوحدات التمييز ضد العرب في الإدارات المحلية التي يديرونها وحذروا من الاضطرابات العشائرية في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية التي قد تقوض الاستقرار في المنطقة التي تحميها الولايات المتحدة وتشجع على عودة المتشددين.

ويقولون إن المتشددين الذين لجأوا إلى أساليب حرب العصابات بعد فقدهم الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها يقفون وراء زيادة الهجمات على نقاط التفتيش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية والاغتيالات.

2