أثرياء روس يحاولون نقل أصول إلى دبي لتجنب الحظر

رجال الأعمال يتطلعون لضخ أموالهم في استثمارات كالعقارات وصناديق لا تكشف معلومات عن الملكية.
الجمعة 2022/03/11
لدينا تجارب في التعامل وفق أعلى معايير الشفافية العالمية

دفع تضييق الأوروبيين الخناق على حركة الأموال الروسية الكثير من الأثرياء للتفكير في نقل أصولهم إلى إمارة دبي خوفا من سخط العقوبات التي قد تستمر طويلا على الرغم من أن عملية من هذا النوع قد تبدو صعبة في ظل القيود التي تزداد شدة يوما بعد يوم.

دبي - كشفت مصادر مالية وقانونية الخميس أن الأثرياء الروس يحاولون تحويل البعض من ثرواتهم من البلدان الأوروبية إلى إمارة دبي لحماية أصولهم وأموالهم من موجة تشديد من العقوبات الغربية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

ويرى المتابعون أن عملية تحويل الأموال مليئة بالتعقيدات ولن تكون سهلة في ظل عملية التضييق الواسعة التي يتبعها الأوروبيون منذ أسبوعين على كل ما يتعلق بنشاط رجال الأعمال الروس فوق أراضيهم.

وتمثل الإمارات الغنية بالموارد حلقة وصل بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا الوسطى وآسيا. ولطالما كانت دبي، التي تعد المركز المالي والتجاري المستقل في منطقة الخليج، نقطة جذب للأثرياء في العالم.

20 مليار دولار أصول جمدتها بريطانيا الخميس تتعلق بأموال 7 من الأثرياء الروس

كما أن رفض الإمارات الانحياز سواء للحلفاء الغربيين أو موسكو في الأزمة الأوكرانية جعل الروس يرون أن أموالهم ستكون في أمان بها.

وظل البلد الخليجي، الذي عمّق علاقاته مع روسيا طيلة السنوات الماضية، على الحياد في مسألة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ولم يصدر مصرفها المركزي حتى الآن إرشادات بشأن العقوبات الغربية.

وأكد مصرفي كبير في بنك سويسري خاص كبير ومحام مطلع على الأمر لرويترز أن البعض من الأثرياء الروس يسعى إلى تحويل الأموال إلى دبي الموجودة الآن في بلدان مثل سويسرا أو بريطانيا والتي فرضت عقوبات على أفراد ومؤسسات روسية.

ومنذ أن بدأت كرة الحرب في شرق أوروبا تكبر فرضت دول غربية كثيرة من بينها سويسرا وبريطانيا عقوبات على أفراد ومؤسسات روسية.

وتوسعت العقوبات الخميس بتجميد بريطانيا أموال سبعة أثرياء، بينهم مالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش، حيث يقدر صافي ثروة هؤلاء بنحو 15 مليار جنيه إسترليني (نحو 20 مليار دولار).

وتشمل قائمة المستهدفين رجل الصناعة أوليغ ديريباسكا الذي يمتلك ثروة بنحو ملياري جنيه إسترليني، وإيغور سيتشين المدير التنفيذي لروسنفت وأليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم ونيكولاي توكاريف رئيس ترانسنفت.

وقال المحامي المقيم في دبي، الذي لم تكشف رويترز عن هويته، إن شركته تلقت استفسارات من كيانات روسية حول السرعة، التي يمكنها من خلالها نقل “أموال كبيرة للغاية” بمئات الملايين من الدولارات إلى الدولة الخليجية.

في المقابل أشار خبير في إدارة الاستثمار إلى أن “الإمارات وسيلة لطيفة على بعد ساعات قليلة بالطائرة، وليست لديها جهة تنظيمية تتعاون بشكل كامل مع المنظمين الغربيين”.

وأشار هذا المصرفي إلى أنه في بعض الحالات، كان عملاء روس لديهم حسابات في بنوك خاصة يفتحون حسابات مع فرع نفس البنك في الإمارات وأن آخرين يفتحون حسابات في بنوك محلية.

وأكد مصدر مالي آخر إن الروس، الذين يواجهون اقتصادا متداعيا في الداخل، يتطلعون أيضا إلى استثمار أموالهم في قطاعات بما في ذلك العقارات والشراء في صناديق لا تكشف عن معلومات الملكية.

ولطالما حظيت دبي، وهي وجهة سياحية عالمية، بشعبية بين الروس، الذين كانوا من بين أكبر زوار الإمارة ومشتري العقارات حتى قبل الحرب والعقوبات التي أعقبت ذلك، مما أدى إلى اضطراب اقتصادها وهوت عملتها إلى مستويات قياسية.

وسعيا لتعزيز مناخ الأعمال قدمت الحكومة الإماراتية في عام 2018 برنامج التأشيرة “الذهبية” الذي يمنح إقامة لمدة 10 سنوات للمستثمرين والمواهب والكفاءات حتى يعاضدوا جهود الدولة في مسار التنمية الشاملة.

وأرجعت المصادر اختيار نقل الأموال إلى دبي إلى أن قرار الإمارات الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن في قرار يدين الغزو، إلى جانب استمرار صناديق الثروة السيادية الخليجية في تعرضها لروسيا، كان بمثابة طمأنة للأثرياء الروس.

وليس ثمة ما يشير إلى أن الثروة الروسية التي تتدفق على دبي تخضع لعقوبات غربية. ومع ذلك، قال مصرفيون إن هناك خطر إلحاق ضرر بسمعة المؤسسات التي تتلقى أموالا روسية حيث قطعت الشركات متعددة الجنسيات في جميع أنحاء العالم العلاقات مع موسكو.

وتتخذ البنوك الإماراتية الكبرى نهجا حذرا بعد أن عوقب البعض منها في الماضي لعدم امتثالها للعقوبات المفروضة على دول منها إيران والسودان.

البنوك الإماراتية تتخذ نهجا حذرا بعد أن عوقب بعضها سابقا لعدم امتثالها للعقوبات المفروضة على دول منها إيران والسودان

وتعرض المشرق، ثالث أكبر بنك في دبي، العام الماضي لغرامة قدرها 100 مليون دولار لتسوية دعوى تتعلَّق بانتهاكه العقوبات الأميركية على السودان عبر إجرائه معاملات لمدفوعات تتجاوز 4 مليارات دولار مرتبطة بالخرطوم بشكل غير قانوني.

ولكن السلطات الإماراتية تعهدت باتخاذ “إجراءات مهمة” بعدما أدرجتها مجموعة العمل المالي (فاتف)، التي تراقب الجرائم المالية العالمية الأسبوع الماضي على قائمة الاختصاصات القضائية الخاضعة لزيادة المراقبة والمعروفة باسم القائمة “الرمادية”.

وقال المحامي “لكونهم على القائمة الرمادية، ربما يتعين عليهم (الإمارات) أن يكونوا أكثر حرصا من المعتاد والآن آخر شيء يريدون أن تستخدمه أوروبا هذا الأمر كسبب إضافي لإبقائهم على هذه القائمة”.

ولم يعلق مكتب دبي الإعلامي والبنك المركزي الإماراتي على كيفية امتثال الشركات والبنوك للعقوبات المفروضة على موسكو أو بشأن البروتوكولات المعمول بها إذ طلبت دول أخرى مصادرة أيّ أصول خاضعة للعقوبات.

وأشار مصدران مطلعان إلى أن “الشركات في الإمارات ستقضي المزيد من الوقت في البحث في أصول أموالها من خلال ما يسمى بعملية اعرف عميلك”.

وقال مصدر ببنك في دبي إن “الأموال من الروس غير مقبولة لإدارة الثروات، على الرغم من أنهم قد ينشئون حسابات إيداع”. وأضاف “من حيث المبدأ، يمكنهم فعل ذلك”.

لكن هذا البنك لديه عقبات امتثال كبيرة للموافقة داخليا على قبول الأموال الروسية، بما في ذلك دليل على مصدرها.

ولم تصل صناعة الثروة الخاصة الناشئة في الإمارات بعد إلى النطاق أو التطور لاستيعاب الثروة المخزنة في سويسرا وغيرها من الملاجئ المالية التقليدية بشكل كامل.

وقال خبير إدارة الاستثمار “قد يأخذون البعض منها، لكنني أجد صعوبة في تخيل أنهم سيأخذون كل شيء”. وأضاف “لا يتعلق الأمر بعنصر الخدمة فحسب، بل بإدارة الاستثمار التي تفتقر إليها معظم هذه البنوك”.

10