"أبوظبي للغة العربية" يصدر أربعة كتب بحثية جديدة

أبوظبي - أصدر مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عددا من الكتب الجديدة ضمن سلسلة البصائر للبحوث والدراسات التي تعنى بنشر الكتب الحاصلة على منح من “برنامج المنح البحثية”، الذي أطلقه المركز للارتقاء بالبحث العلمي في اللغة العربية وحقولها المعرفية المختلفة.
حمل الكتاب الأول عنوان “القاموسية.. النشأة والتطور”، للكاتبة ربيعة العربي أستاذة التعليم العالي بجامعة ابن زهر – كلية الآداب والعلوم الإنسانية في المغرب، والذي يُقدم دراسة نسقية للقاموسية (Lexicography)، ويطرح بعض الإشكالات الأولية المهمة المرتبطة بالقاموسية، وعلى رأسها تحديد مجال القاموسية، وموضوع اشتغالها، وأهم مفاهيمها وبعدها النظري وكذلك الإجرائي.
وتتلخص الإستراتيجية المؤسسة للكتاب في دراسة الملامح العامة للصناعة القاموسية ومنعطفاتها التاريخية الكبرى، مع تتبع مراحلها التأسيسية الأولى، وتحديد دواعي نشأتها والتطورات التي خضعت لها؛ وتركز على الانطلاق من رصد القاموسية في مختلف الحضارات القديمة كالحضارة الصينية والهندية والفارسية واليونانية والرومانية، والانتقال إلى دراسة القاموسية العربية التي سارت في منحيين (قواميس المعاني وقواميس الألفاظ).
وخصص الكتاب أيضا حيزا مهما لدراسة الصناعة القاموسية الغربية، واهتم بالوقوف على الأسباب التي جعلتها أداة فعالة للترويج للغاتها ونشر ثقافاتها، وعلى رأسها اعتمادها على البعد العلمي والتعليمي واستحضارها للمتلقي الناطق باللغة، والمتلقي الناطق بغيرها.
أما الكتاب الثاني فجاء بعنوان “معلومات عن راهنية سيميائيات بورس وسؤال المعنى” للكاتب والأكاديمي أحمد يوسف الأستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، إذ ينطلق الكتاب من الفرضيات الآتية: “إن سيمِيائيات بورس راهنية بالمعاني، وحمالة أوجه وواسعة الآفاق بالدلائل، وإن المعنى في رحابها يرتبط بالفعل تداوليا، والتداولي لا ينفصل عن النفعي، والنفعي يقود إلى الواقعي، فيحتكم إلى نبل التعاون وسماحة التفاهم بين شركاء التخاطب مع مراعاة شروط الصدق وقصد التواصل، ويتقبل بهاء الحساب ودينامية الاستدلالات المنطقية الافتراضية الإبداعية؛ وتلك مسألة كان بورس مبتدعا فيها لم يتقدم فيها عليه أحد، وينعطف فيها الحديث عن علاقة منطق المعنى بمقولاته الأنطولوجية وفلسفته النفعية والواقعية وسيميائياته التأويلية”.
وقد سارت سيميائيات بورس على بروتوكول مخصوص في فهم المعنى، وتعقبت منطقه بالنظر والتدقيق، وبسطت القول فيه بالتحليل والتعليل، وكيف انتهى إلى غايته بالاستقصاء والتنقيب والتأصيل؛ ومن المقاصد النبيلة أن ينعقد له العزم حتى يتحقق لواردها المُقبِل على تدبر إشكالاته إحكامُ الإجابة عن عويص أسئلته، والإحاطة بلطيف مقتضياته ودلائله، فلا عجب أن تختلف في أمر المعنى مواقف الحكماء، وتتباين في تقديره آراء العلماء، وتتشعب فيه أنظار المناطقة ومذاهب الفلاسفة.
ويأتي الكتاب الثالث بعنوان “بصيرة حاضرة.. طه حسين من زوايا ست” للباحث الدكتور عمار علي حسن، وينظر إلى طه حسين من مختلف الجوانب، إذ لا يكتفي بإحضار مشروعه الفكري والأدبي ووضعه تحت مشرط الفحص والدرس والتحليل، بل يقترب من عميد الأدب العربي كإنسان وفاعل اجتماعي، مارس أدوارا عديدة في الحياة، وأدى حاصل جمع نصه وشخصه إلى إنتاج ظاهرة علا شأنها، ووصل خبرها إلى الشرق والغرب، ولا يزال الاهتمام بها جاريا وساريا.
وقد هضم المؤلف مختلف أعمال طه حسين، وأغلب ما كُتب عنه، ليراه بشموله وتمامه من زوايا ست هي: المنهج، والنص، والذات، والصورة، والموقف، والأفق. وأتى على ذكر ما نقص مشروع الرجل، ومنه عدم إعطائه التصوف موضعه في الثقافة الإسلامية، وإغفاله دور الموروث أو المأثور الشعبي في بناء مشروع ثقافي، وعدم وضع منتجنا الثقافي الحديث والمعاصر موضع مقارنة مع الغرب، على غرار ما حدث مع تراث العرب الأقدمين.
ومن هنا فإن البحث في منجز طه حسين، الذي كان مؤسسة كاملة تمشي على قدمين، ليس بحثا في الماضي، إنما هو جزء من الوقوف على الكثير من معاني الآني، بل والآتي، نظرا إلى أن نص الرجل وأسلوبه وتصوره وتصرفه لا تزال قادرة على إفادتنا في مواجهة بعض ما يعترض طريقنا إلى التقدم، وشحذ أذهاننا بما يعزز قدرتها على الفهم والإدراك، في العلم والأدب وتصاريف الحياة.
والكاتب عمار علي حسن روائي وناقد وخبير في علم الاجتماع السياسي وكاتب صحفي، له خمسون كتابا، نصفها أعمال أدبية تتوزع على روايات ومجموعات قصصية وكتب سردية وسيرة ذاتية ومسرحية وديوان شعر، والنصف الآخر كتب في الاجتماع السياسي والتصوف والحركة السياسية الإسلامية والنقد الأدبي والثقافي، كما نشر المئات من المقالات النقدية والسياسية والفكرية في العديد من الصحف والدوريات العربية.
وحمل الكتاب الرابع عنوان “الصحيفة القاتلة.. التاريخ والتشكيل – مقاربات مقارنية بين الأدب الجاهلي والأدب الشعبي العالمي”، للأكاديمي غسان مرتضى، وفيه يتقصى الكيفية التي تحولت بها أبيات شعرية قليلة، أبدعها المتلمس عن سبب مقتل طرفة بن العبد، إلى حكاية أو حكايات بإضافة معانٍ (موتيفات) حكائية إلى جسد النص الأصلي، وتحاول البحث عن أصول لهذه المعاني خارج حدود الأدب العربي.
كما يحاول الكتاب إضفاء الشرعية على نمط من البحث يتناول أخبار العصر الجاهلي، خارج قضية النحل المعقدة، وخارج المقولة الـمُستسهلة (كلام قصاصين)، ويضعه انطلاقا من نظريات علم الأدب المقارن وعلم الأدب الشعبي في سياقاتها الأدبية الطبيعية، وضمن جداول حوارات الأدب العالمي التي تقوم التشابهات بين نصوصه على التأثر والتأثير، أو تفسر، أو أنها وليدة منشأ أو أصل واحد. ويحمل الكاتب مرتضى إجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق، إضافة إلى درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من سانت بطرسبرغ في روسيا، فيما يعمل حاليا أستاذا في كلية الإلهيات بجامعة سييرت.