أبوظبي تعزز قدرة اللوجستيات بتدشين أول موانئها الجافة

سرّعت أبوظبي من خطواتها باتجاه زيادة دور الموانئ التجارية البحرية والخدمات اللوجستية في اقتصاد الإمارة خصوصا ودولة الإمارات عموما من خلال تدشين باكورة موانئها الجافة، في تحرك تسعى من خلاله الحكومة إلى تحقيق مكاسب أكبر ضمن أجندة التنويع وإعطاء قطاع اللوجستيات زخما أكبر.
أبوظبي - أعطى تشدين مجموعة موانئ أبوظبي الاثنين أول ميناء جاف لها في الإمارة بعدا إضافيا للإصرار على التحول إلى مركز لوجستي في منطقة الشرق الأوسط عبر تعزيز شبكة الربط وتحسين جودة الخدمات في دولة الإمارات.
ويتمتع ميناء الفاية الجاف بموقع إستراتيجي بين إمارتي أبوظبي ودبي، وبمزايا فريدة تمكنّه من تسريع حركة وصول البضائع إلى الأسواق.
كما أنه سيسهم في تعزيز كفاءة عمليات المناولة ويقلل من تكلفتها بالنسبة إلى المتعاملين في دبي والإمارات الشمالية، مستفيدا من ربطه براً مع ميناء خليفة، ما يجعله محطة عبور للشاحنات.
وتقوم الموانئ الجافة بدور مهم في تطوير وتحسين شبكة النقل اللوجستي في أيّ دولة، وتُعد جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الحديثة، خاصة في المناطق التي تتمتع بحركة تجارية نشطة.
وسيخدم الميناء الجديد مجموعة سي.أم.أي – سي.جي.أم كأول متعامل رئيسي له، لكن سيتم لاحقاً توسيع نطاق الخدمات ليشمل شركاء الشحن الإستراتيجيين لمجموعة موانئ أبوظبي في ميناء خليفة، بما في ذلك شركتا كوسكو وأم.أس.سي.
ويمثل الميناء الجاف أحدث مشاريع التعاون، التي تسارعت وتيرتها خلال الآونة الأخيرة بين موانئ أبوظبي مجموعة سي.أم.أي – سي.جي.أم، إحدى أكبر الشركات العالمية الرائدة في مجال الحلول اللوجستية والشحن البحري والبري.
وقام الطرفان مؤخرا بتوقيع اتفاقية مساهمين يتم بموجبها تطوير وإدارة وتشغيل محطة نيو إيست مول متعددة الأغراض، في بوانت نوار بجمهورية الكونغو-برازافيل، في أعقاب حصول موانئ أبوظبي في يونيو 2023 على امتياز لتشغيل المحطة لمدة 30 عاما قابلة للتمديد.
ومن المتوقع أن تقوم موانئ أبوظبي بإنشاء عدد من مستودعات الحاويات الداخلية الأخرى في جميع أنحاء الإمارة في المستقبل، وذلك رهنا بطلب السوق.
وقال محمد الشامسي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لموانئ أبوظبي إن “ميناء الفاية مثال ملموس ليس فقط على حرصنا على دعم شركائنا التجاريين، بل أيضا على التزامنا بتعزيز جودة وكفاءة سلاسل التوريد عبر الإمارات، ما يعود بالنفع على الأفراد والشركات.”
وأوضح أن هذه الخطوة تدل على تنامي علاقات التعاون مع الشريك الإستراتيجي الرئيسي سي.أم.أي – سي.جي.أم، سواء داخل دولة الإمارات أو خارجها، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وأعرب الشامسي عن تطلعه إلى أن يساهم مستودع الحاويات الداخلية في توسيع نطاق الأسواق التي تستهدفها سي.أم.أي – سي.جي.أم في أبوظبي بشكل خاص، وفي دولة الإمارات عموما.
وأشار إلى أن إنشاء هذا المرفق المهم سيدعم الجهود المشتركة للمجموعة ولمحطة سي.أم.اي تيرمينالز ميناء خليفة في توفير البنى التحتية اللازمة لتيسير وتحسين الخدمات على امتداد سلاسل التوريد للمتعاملين في الإمارات.
وتم تطوير ميناء الفاية بما يتوافق مع المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية، ما يضمن استيفاءها أعلى المعايير في المجال لتعزيز مرافق الموانئ، كما أن المنشأة تتميز باحتوائها على خدمات التخليص الجمركي داخليا، ما يسرّع من وتيرة نقل البضائع.
ويأتي افتتاح مستودع الحاويات الداخلية في الفاية ليكمل ويوسع نطاق الوصول التجاري لمحطة سي.أم.أي تيرمينالز ميناء خليفة، التي تم افتتاحها في ديسمبر 2024، لمتعامليها النهائيين في جميع أنحاء البلد الخليجي.
ويتميز ميناء الفاية الجاف بأنه متكامل رقميا مع ميناء خليفة، من خلال المنصة المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية (اطلب) التابعة لمجموعة مقطع للتكنولوجيا في موانئ أبوظبي.
ومن خلال سد الفجوة بين ميناء خليفة والوجهة النهائية للبضائع، فإن المنشأة الجديدة ستُمكن سي.أم.أي – سي.جي.أم والمشغلين الآخرين في ميناء خليفة من زيادة أحجام مناولة الحاويات المتجهة من بلد المنشأ إلى المقصد.
ويتمتع الميناء بطاقة استيعابية أولية للحاويات تصل إلى 900 حاوية نمطية قياس عشرين قدما، كما أنه قابل للتطوير وزيادة طاقته الاستيعابية، وذلك رهنا بزيادة الطلب في المستقبل.
وحسّنت صناعة الشحن البحري في الإمارات تموضعها في التصنيفات الدولية مستفيدة من المحفزات المتنوعة، وأثبتت الموانئ كفاءة عالية في قدراتها اللوجستية، ما يسهم في دفع عجلة النمو، لكونها نقاط ربط مهمة في شبكة التجارة العالمية رغم التحديات الراهنة.
وتؤكد المؤشرات الدولية عن حركة الشحن البحري والمناولة في البلاد أن التجارة مع العالم وخاصة مع العديد من القوى الاقتصادية الكبيرة تستمر في الزيادة بشكل كبير، إذ تنظر الشركات إلى البلد كقوة اقتصادية إقليمية وموقع رئيسي للتصدير.
900
حاوية نمطية قياس عشرين قدما الطاقة الاستيعابية الأولية للحاويات في ميناء الفاية الجاف
وحققت الموانئ الموزعة على سواحل الخليج العربي نقلات نوعية وإنجازات قياسية ساهمت بقوة في النهضة التجارية والاقتصادية للدولة، وتعزيز مكانتها، باعتبارها لاعبا إستراتيجيا ومحركا رئيسا للتجارة العالمية.
وتحولت هذه النقاط إلى مراكز دولية وإقليمية وأداة مهمة لدفع عجلة النمو، ودعم سياسة تنويع مصادر الدخل، وهي في منافسة كبيرة مع البوابات التجارية البحرية في منطقة الخليج العربي، وخاصة في السعودية وسلطنة عمان رغم التوترات في البحر الأحمر.
ولدى الإمارات أقوى شبكة بحرية تربطها مع بقية دول المنطقة والعالم، انطلاقا من الموانئ التابعة لكل من موانئ أبوظبي، وموانئ دبي العالمية، فضلا عن المنافذ المهمة في الفجيرة والشارقة، ومختلف إمارات الدولة.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن البلد يمتلك 12 منفذا بحريا تجاريا، عدا عن الموانئ النفطية، بالإضافة إلى 310 من المراسي البحرية، بحمولة تبلغ 80 مليون طن من البضائع.
وإلى جانب ميناء خليفة، هناك ميناء زايد في أبوظبي، وميناءا راشد وجبل علي في دبي، وأيضا ميناء حاويات خورفكان في الشارقة، وميناء صقر في رأس الخيمة وآخر في إمارة الفجيرة.
ووفقا لمجلس الشحن العالمي، يوجد اثنان من أكبر 50 ميناء حاويات في العالم بالإمارات، وتحتل دبي أحد المراكز العشرة الأولى بفضل ميناء جبل علي الذي يعد الأكبر بالبلاد ومن بين أهم البوابات التجارية البحرية في المنطقة.
وتستحوذ الموانئ البحرية الإماراتية على 60 في المئة من إجمالي حجم مناولة الحاويات والبضائع والمتجهة إلى دول الخليج العربي.