أبوآدم من يكون.. جدل في الجزائر حول دعم مجهول لمشاهير تيك توك

مخاوف من عصابة إجرامية أو تبييض للأموال ومطالبات بتشريعات قانونية.
السبت 2024/04/13
تأثير خطير

تزداد الشكوك في الجزائر حول الدعم غير المبرر لمشاهير تيك توك من قبل شخصيات مجهولة تغدق المال عليهم لاسيما في ظل سوابق عديدة للاحتيال عبر مواقع التواصل، فيما يخشى الكثيرون من عمليات تبييض أموال إضافة إلى الإساءة للبلاد.

الجزائر - تنشط في الجزائر عمليات دعم المؤثرين عبر منصة تيك توك بمبالغ ضخمة، من قبل داعمين مجهولين بشكل أثار تساؤلات عما إذا كان هذا الدعم يخفي عملية لتبييض الأموال، حيث برز اسم “أبوآدم” منذ فترة قصيرة فتح التساؤلات حول المبالغ الكبيرة التي ينفقها على المشاهير.

ويكون الدعم بإرسال ما يسمى بالهدايا خلال البث المباشر، وهي هدايا بقيمة مالية يدفعها الداعم وتستفيد منها منصة تيك توك، وكذلك صاحب البث المباشر، حيث يتكرر اسم “أبوآدم” في “لايفات” المؤثرين الجزائريين، خاصة عند إجرائهم لجولات “تحديات” ضد مؤثرين من العالم العربي. واستهدف الدعم المؤثرين المشهورين، مثلما استهدف مؤثرين آخرين أقل مشاهدة، وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وقال متابعون إن المبلغ الذي أنفقه أبوآدم يقدر بمليون دولار في ظرف شهر واحد، وهو مبلغ كبير فتح الشكوك والتساؤلات حول هوية صاحب الدعم من جهة، والأسباب التي تجعله ينفق هكذا مبالغ في دعم أشخاص لا يعرفهم حتى.

واختلفت الآراء حول خلفيات هذا الدعم المالي المبالغ به، حيث دعا ناشطون إلى فتح تحقيق في قضية “أبوآدم”، معتبرين أنه شخصية ليست جزائرية تسعى إلى استغلال المؤثرين الجزائريين واستمالتهم لتوجيه رسائل ضد الجزائر.

ناشطون يدعون إلى فتح تحقيق في قضية "أبوآدم"، معتبرين أنه يسعى إلى استغلال المؤثرين لتوجيه رسائل ضد الجزائر

فيما اعتبر آخرون أن هذا الدعم هو عملية لتبييض الأموال، والتي تحدث عبر عدة أوجه، حيث يمنح الداعم أموالا خارج الأمور القانونية إلى المدعوم ويتفقان على تقاسمها أو نيل كل واحد منهما حصة معينة.

واعتبر صاحب أكبر رقم دعم في دورة تحدي واحدة في تيك توك الشرق الأوسط الجزائري كريم كوربي، الذي يعتبر أيضا أحد أكثر المستفيدين من دعم “أبوآدم”، بأن الأخير دخل المنصة خصيصا لدعم أبناء بلده، ولرفع علم الجزائر، ولا ينتظر مقابلا من الأشخاص الذين يدعمهم، وأنه مستقبلا سيُخصص دعمه لمن يملك محتوى نظيفا.

وكشف تقرير أن استخدام منصة “تيك توك” في الجزائر يشهد ارتفاعا ملحوظا، بعدما كانت من أكثر المنصّات التي لا ينشط عليها الجزائريون كثيرا، مقارنة بمنصتي فيسبوك وأنستغرام.

وبحسب الأرقام المتاحة لأول مرة عن هذه المنصة، يستخدم أكثر من 17 مليون جزائري “تيك توك”، أما 24.85 مليون جزائري فيستخدمون فيسبوك.

وزادت الشكوك حول هذا الدعم في ظل سوابق عديدة للاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، وفي واحدة من أشهر قضايا العدالة والمتعلقة بجريمة النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي على عشرات الطلبة.

وتحولت حياة المؤثرين “نوميديا” و”ريفكا” و”ستانلي” من بريق النجومية إلى رحلة في مواجهة القضاء، وطيلة سبعة أشهر من النزاع والتحقيقات “الماراطونية” حاول المؤثرون إثبات براءتهم أمام الرأي العام. وحصد المؤثرون تعاطفا كبيرا.

وخلال وقت قصير استطاع البعض تجميع الملايين من المتابعين بصفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وامتلاك قاعدة جماهيرية كبيرة ومشاهدة قياسية، ليصبحوا مشاهير ومؤثرين وبمجرد نشر مقطع فيديو يتضمن حركات أو سلوكيات غريبة.

وقال المحامي إبراهيم بهلولي، في تصريحات لصحيفة الشروق المحلية، “صفحات التواصل الاجتماعي في الجزائر أصبحت تُستغل بشكل سيء وسلبي، نظرا لما تحتويه الحسابات المليونية من برامج تدمر العادات الجزائرية والتقاليد بطريقة غير مباشرة”.

وأضاف المحامي أن “أغلب تلك الصفحات الخاصة بالمؤثرين ذات محتوى تافه، وأصبح العمل عبر هذه الوسائط الإلكترونية وسيلة للثراء بلا سبب، دون أن تستفيد الدولة من الأرباح التي يجنيها هؤلاء من الومضات الإشهارية ومقاطع الدعاية لشركات اقتصادية وحتى لدعم حملات انتخابية”.

وطالب بهلولي بتقنين هذا النشاط ووضع حد للفوضى التي عرفتها المواقع الإلكترونية قبل سنوات، ووضع شروط للعمل بسجل تجاري إلكتروني وبطاقة خاصة، وفرض رقابة صارمة من طرف السلطات لاستغلاله في ما هو مفيد للمجتمع والدولة من خلال طرح مواضيع هادفة، ويكون ذلك حسب المتحدث عبر التعريف بـ”المؤثر” وتحديد شروط عمله ووضع إطار قانوني لنشاطه لما يتطلبه المجتمع من حيث المحتوى والتحصيل المالي والضريبي.

من جانب آخر يقول الأستاذ ساسي عدنان محام وأستاذ بجامعة الجزائر، إن نشاط المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح يشهد نوعا من التسيب والفوضى العارمة مؤخرا، مشيرا إلى خطورة الأمر وما قد يسببه من تهديد لكيان الدولة من خلال استغلال بعض الجهات لهؤلاء المشاهير لطرح مواضيع حساسة قد تمس بأمن وسلامة التراب الوطني.

استخدام منصة "تيك توك" في الجزائر يشهد ارتفاعا ملحوظا، بعدما كانت من أكثر المنصّات التي لا ينشط عليها الجزائريون كثيرا، مقارنة بمنصتي فيسبوك وأنستغرام

واعتبر أن محتوى تلك الحسابات تسبب في حدوث شرخ بالمجتمع الجزائري واختراق خصوصيته، إذ أصبح “التأثير” لا يقاس بمحتوى ما يقدم، بل بعدد المتابعين والمشتركين، ليصبح المؤثر لاحقا مطلوبا من قبل شركات معروفة للدعاية والترويج لمنتجاتها مقابل مبالغ مالية ضخمة.

واقترح ضرورة وجود مرافقة قانونية من طرف ذوي الاختصاص، تضبط النشاط عبر المواقع الإلكترونية خلال إبرام عقود الإشهار حتى تكون الإجراءات رسمية ويلتزم بها جميع الأطراف وتضمن حقوقهم في حالة حدوث أي طارئ.

كما دعا إلى تنظيم أيام دراسية وندوات وورشات لطرح الموضوع مع برلمانيين ومحامين ورجال دين، لوقف الفوضى وتنظيم النشاط الذي لا يمكن إلغاؤه رغم سلبياته، بل من أجل سد الفراغ القانوني والتحكم به من قبل السلطات، من خلال وضع شروط توضح كيفية فتح المواقع والحسابات وتأطير نشاطها التجاري بعيدا عن قوة استقطاب وعدد المشاركين فيها.

لكن البعض يرى أنه من الصعب أن يتم تطبيق القانون على نشاط المؤثرين، ويجب انضمام الجزائر إلى المنظمات العربية أو الأفريقية، من أجل فرض شروط على الشركات المالكة لهذه المنصات، وفتح فروع لها بالجزائر حتى تتمكن من تنظيم العمل.

ودعا الخبير في الرقمنة والتكنولوجيا يونس قرار أيضا إلى سن قانون تجاري يفرض نسبة من الضرائب على المداخيل التي تجنيها هذه المنصات، واستدل الخبير بالتجربة الأوروبية التي توحدت من أجل وضع شروط لتنظيم عمل المؤثرين على أراضيها، والاستفادة من الدخل الذي تجنيه الشركة المالكة وكذلك تأطير عمل المؤثر في إطار نقابي والتعامل معه لنشر رسائل إيجابية تفيد المجتمع.

وبحسب المتابعين، يُفترض أن تتحوّل قضية المؤثرين أصحاب الصفحات المليونية إلى نقطة تحوّل وثورة في مجال التشريع المنظّم لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر.

5