أبل تسوق لنفسها كمدافعة عن الخصوصية

“نحن جميعا نستحق السيطرة على حياتنا الرقمية، لهذا السبب يجب علينا كبح جماح وسطاء البيانات”، هكذا كتب تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل في مقال جديد. وينتقد كوك باستمرار شركات التكنولوجيا الأخرى التي تستخدم بيانات الناس لـ”إطعام نماذج أعمالها”، وفق تعبيره.
واشنطن- دعا تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل إلى تنظيم التعامل مع ما أسماه اقتصاد الظل والعالم الغامض لسماسرة البيانات، وهم الوسطاء الذين يتاجرون بالبيانات الشخصية للمستهلكين. وتريد شركة أبل استغلال نفوذها لدى الكونغرس الأميركي لزيادة حماية الأشخاص غير المستخدمين لمنتجاتها، إذ جادل كوك بأن الوقت قد حان لكي يقر الكونغرس الأميركي تشريعا شاملا للخصوصية ينهي اقتصاد الظل لسماسرة البيانات.
وقال تيم كوك في مقالة نشرتها مجلة التايم الأميركية الخميس إن “أحد أكبر التحديات في حماية الخصوصية هو أن العديد من الانتهاكات تكون غير مرئية. على سبيل المثال، ربما تكون قد اشترت منتجا من بائع تجزئة عبر الإنترنت، وهو شيء فعله معظمنا، لكن ما لا يخبرك به بائع التجزئة هو أنه قام بعد ذلك ببيع أو نقل المعلومات حول مشترياتك إلى سمسار البيانات، وهي شركة موجودة فقط لجمع معلوماتك وبيعها إلى مشتر آخر”.
وأضاف “يختفي الأثر حتى قبل أن تعرف أن هناك أثرا. في الوقت الحالي، توجد جميع هذه الأسواق الثانوية لمعلوماتك في اقتصاد ظل لا يمكن مراقبته إلى حد كبير، بعيدا عن متناول المستهلكين والمنظمين والمشرعين”.
ودعا تيم كوك إلى إيجاد تشريع فيدرالي شامل للخصوصية في الولايات المتحدة من أجل إنشاء سجل لسماسرة البيانات، مما يمكن المستهلكين من التحقق من البيانات التي تم بيعها، وإزالة أي شيء يريدونه من السوق بسهولة.
وخضع كبار سماسرة البيانات، مثل شركات أكسيوم Axciom وإكسبيريان Experian وأوراكل Oracle وكريتو Criteo، إلى تدقيق في أوروبا، بعد أن قامت مجموعة “برايفايسي انترناشيونال” Privacy International للخصوصية بتقديم سلسلة من الشكاوى في شهر نوفمبر تطلب من المنظمين التحقيق في ما إذا كانت تلك الشركات قد أوقفت عملها الأساسي بعد تطبيق قانون اللائحة العامة لحماية البيانات الأوروبية GDPR.
وقالت مسؤولة الشؤون القانونية في المجموعة إيلايد كالاندر، في ذلك الوقت “إن سماسرة البيانات وصناعات التكنولوجيا الإعلانية تستندان إلى استغلال بيانات الأشخاص، ومن المرجح أن معظم الناس لم يسمعوا أبدا عن هذه الشركات، ومع ذلك فهي تجمع أكبر قدر ممكن من البيانات حولنا بقدر ما تستطيع وبناء ملامح دقيقة عن حياتنا. تضع قوانين حماية البيانات الأوروبية حدودا واضحة بشأن إساءة استخدام البيانات الشخصية”.
وأوضح كوك أن هذه المشكلة قابلة للحل، قائلا “إنها ليست كبيرة جدا أو صعبة للغاية. يمكن للابتكار والأفكار والميزات الرائعة أن تسير جنبا إلى جنب مع خصوصية المستخدم. القوانين لوحدها غير كافية لضمان أن الأفراد يمكنهم الاستفادة من حقوق الخصوصية الخاصة بهم”..
وأضاف “نحتاج أيضا إلى إعطاء الأشخاص الأدوات التي يمكنهم استخدامها لاتخاذ إجراءات. وينبغي تسليط الضوء على الجهات الفاعلة التي تتاجر بالبيانات الخاصة وراء الكواليس”.
وازداد نشاط شركة أبل على مدار العام الماضي في ما يتعلق بنهج خصوصية المستخدم، وحولته إلى ميزة تنافسية ضد منافسيها التقليديين فيسبوك وغوغل.
وأفادت التقارير الصادرة في وقت سابق من هذا الشهر أن الشركة المصنعة لهواتف آيفون قد وظفت ساندي باراكيلاس الناشط في مجال الخصوصية والموظف السابق في شركة فيسبوك، للعمل ضمن فريق الخصوصية الخاص بها.
وكانت تقارير صادرة في عام 2014 عن لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية قد وثقت كميات المعلومات التي يملكها بعض سماسرة البيانات عن كل مواطن أميركي، حيث وجد أن قاعدة بيانات أحد سماسرة البيانات لديها معلومات حول 1.4 مليار معاملة استهلاكية وأكثر من 700 مليار عنصر بيانات مجمعة، بينما تغطي قاعدة بيانات وسيط بيانات آخر تريليون دولار من معاملات المستهلكين، ويضيف سمسار بيانات آخر ثلاثة مليارات سجل جديد كل شهر إلى قواعد بياناته.
وأقامت أبل مؤخرا لوحة إعلانية كبيرة في لاس فيغاس بالقرب من معرض الإلكترونيات الاستهلاكية المعروف بـCES، أكبر معرض تكنولوجي في العالم، تقول “ما يحدث على الآيفون الخاص بك يبقى على الآيفون الخاص بك” فيما كان يعتبر تحديا مباشرا لشركة غوغل.
والإعلان مستوحى من المثل المتداول في لاس فيغاس “ما يحدث في لاس فيغاس يبقى في لاس فيغاس”. ومع ذلك، انتقدت حملة كوك الخاصة بالخصوصية باعتبارها “منافقة”. وأشار اليكس ستاموس رئيس الأمن السابق لشركة فيسبوك في أكتوبر إلى أعمال أبل في الصين التي وصفها بأنها “مكان أخلاقي أعمى” للشركة.
ولا تمتلك شركة أبل نشاطا تجاريا على الإنترنت شبيها بغوغل وفيسبوك، إلا أنها سعيدة للغاية بالحصول على المليارات من الدولارات حتى يكون غوغل محرك البحث الافتراضي على متصفح سفاري.