أبل المتأخرة في الذكاء الاصطناعي تواجه طريقا تنافسيا شائكا

أبل المنتجة لهواتف آيفون تخوض معارك على جبهات مُختلفة، وفي مقدّمها الدفاع عن منظومتها المُغلقة والتحديات الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية.
الاثنين 2025/06/09
طريق مليء بالتحديات

نيويورك – تواجه المجموعة الأميركية العملاقة أبل خلال عرضها التقديمي السنوي للمطورين الاثنين ملفات شائكة، في ظل تأخرها المتفاقم عن منافسيها في مجال الذكاء الاصطناعي.

وتخوض أبل المنتجة لهواتف آيفون معارك على جبهات مُختلفة، وفي مقدّمها الدفاع عن منظومتها المُغلقة والتحديات الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية. كما تسعى إلى إقناع المُدعوين إلى مؤتمرها العالمي للمطورين في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، بأنها لم تُفوّت قطار الذكاء الاصطناعي.

وقبل عام أعلنت سلسلة من الوظائف القائمة على الذكاء الاصطناعي “أبل إنتلجنس”، وكانت آنذاك متخلفة أساسا عن سواها في هذا المجال. ولاحظ غادجو سيفيلا المحلل في شركة إيماركتر أن “أبل وعدت بهذه الوظائف كما لو أنها ستوفرها بسرعة، لكنّ ذلك لم يحصل.”

جين مونستر: الشركة استخفت بهذه التقنية والآن تحاول اللحاق بالركب
جين مونستر: الشركة استخفت بهذه التقنية والآن تحاول اللحاق بالركب

وأشار المُدوّن في مجال التكنولوجيا جون غروبر في مارس الماضي، عندما أعلنت أبل تأجيل بعض الميزات الجديدة، إلى أن الشركة وفرت التحسينات الطفيفة بسرعة، لكنّ ذلك لم ينسحب على الأساسية.

وكان يفترَض أن يُحوّل النظام الجديد المُساعِد الصوتي “سيري” إلى أداة ذكاء اصطناعي فعلية قادرة على تأدية مهمات بمجرّد طلب شفاهي، مع مراعاة المعلومات المتوافرة في رسائل البريد الإلكتروني والصور وغيرها.

ورأى سيفيلا أن الإعلان قبل عام عن الصيغة المستقبلية لسيري لم يكن “عرضا تجريبيا، بل فيديو تعريفيا. والفيديوهات التعريفية مجرد هراء، وغالبا ما تكون مؤشرا على أن الشركة تعاني مصاعب، أو حتى أزمة.”

وفيما تُصدر أوبن أي.آي، مبتكرة تشات جي.بي.تي وغوغل وميتا، الإعلان تلو الآخر لأحدث التحسينات في أدواتها المساعِدة القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تتعزز قدراتها واستقلاليتها باستمرار، قد تُعلن أبل إصلاحا شاملا لنظامها التشغيلي.

لكن خبراء القطاع والجهات المختصة، ومن أبرزها بلومبيرغ وموقع تو 5 ماك 9، أملوا في إعلان تطورات في الذكاء الاصطناعي، كالترجمة الفورية في الرسائل النصية ومن خلال سماعات إيربودس اللاسلكية.

وترددت شائعات عن شراكات جديدة مع غوغل أو شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة بيربليكسيتي، استكمالا لاتفاق قائم مع أوبن أي.آي.

ورأى جين مونستر وبراين بيكر من شركة ديب ووتر أست ماناجمنت الاستشارية أن “أبل استخفت في البداية بثورة الذكاء الاصطناعي، ثم بالغت في الترويج لقدراتها، وهي الآن تحاول اللحاق بالركب.”

لكنّ الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس المشكلة الوحيدة التي تواجهها المجموعة الأميركية. ويقول سيفيلا إن التوترات لا تزال قائمة مع المطوّرين الذين يصممون تطبيقات لأجهزة آيفون وآيباد و”يجدون صعوبة في تحقيق طموحاتهم في النظام شديد الانغلاق الذي تفرضه أبل منذ عقود.”

ودفعت دعوى من أستوديو إبيك غيمز، الذي ابتكر لعبة الفيديو الشهيرة فورتنايت، القضاء الأميركي في مايو إلى إجبار أبل على السماح لناشري التطبيقات في الولايات المتحدة باستخدام منصة دفع غير متجر التطبيقات “آب ستور” التابع للمجموعة.

وهذا الإجراء كان أصلا إلزاميا في الاتحاد الأوروبي. لكنّ المطورين يتوقعون المزيد، بحسب المحللين.

سيفيلا وصف فكرة إنتاج آيفون "في الولايات المتحدة بنسبة مئة في المئة" بأنها "ضرب من الخيال"، إذ "تستلزم إعادة صوغ قواعد الاقتصاد العالمي"

وقال سيفيلا لفرانس براس إن أبل، التي “تحصل على عمولة بنسبة 30 في المئة” من هذه المدفوعات عبر متجرها، “تلقت بذلك ضربة جديدة تضاف إلى تلك التي تلقتها بفعل عدم إيفائها بوعودها في مجال الذكاء الاصطناعي.”

وأصدرت الشركة الخميس الماضي تقريرا يُظهر أن متجرها للتطبيقات “أتاح مبيعات بقيمة 1.3 مليار دولار عام 2024.” وأشارت إلى أن “المطورين لم يدفعوا لها أي عمولة في أكثر من 90 في المئة” من هذه الإيرادات.

ويعقد مؤتمر المطورين في وقت انضم مصمم آيفون الشهير جوني آيف أخيرا إلى أوبن أي.آي، حيث يعمل مع فريق على “تصميم سلسلة من الأجهزة المتصلة” الملائمة لعصر الذكاء الاصطناعي.

ورأى سيفيلا أن “هذا التطور يضع أبل في موقف دفاعي، إذ يوحي مصمم منتجها الرئيسي بوجود شيء أفضل من آيفون.”

وتواجه أبل أيضا مخاطر كبيرة في ما يتعلق بسلسلتها التوريدية. ويُستبعَد أن يتناول المؤتمر هذا الموضوع، لكن لا بد أن تدرس طريقة التعامل مع مسألة الرسوم التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في إطار حربه التجارية ضد الصين، وهي موقع تجميع آيفون الرئيسي.

وهدد ترامب بفرض رسوم جديدة إذا لم تُعِد أبل إنتاجها إلى الولايات المتحدة. وهو خيار يفتقر إلى الواقعية، في نظر المحللين. ووصف سيفيلا فكرة إنتاج آيفون “في الولايات المتحدة بنسبة مئة في المئة” بأنها “ضرب من الخيال”، إذ “تستلزم إعادة صوغ قواعد الاقتصاد العالمي.”

وفي استطاعة أبل أن تراهن على ميزة بالغة الأهمية وهي ولاء مستخدميها. وقالت كارولينا ميلانيسي من شركة كرييتف ستراتيجيز “هل يريد الناس سيري أكثر ذكاء؟ بالطبع! (…) لكن عندما يكون المرء زبون أبل، فإنه يبقى كذلك، ويستمر في شراء منتجاتها.”

10