آن الأوان للاعتراف بدور المرأة الأردنية في الحراك المسرحي

عمان – يحتفل الأردنيون على امتداد سنة 2021 بالمئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية الحديثة، بما يميزها ويخط لها ملامح خاصة في محيطها العربي والعالمي، وخاصة عبر المنجز الثقافي والفني، حيث قدم الأردن للساحة الثقافية العربية الكثير من الفنانين التشكيليين والموسيقيين والأعمال الدرامية والكتاب والشعراء والمسرحيين وغيرهم من النخب التي كانت صوت الأردن المتفرد في منطقة الشرق الأوسط الثرية بثقافاتها وفنونها وحضاراتها.
ويظل المسرح من أبرز الفنون التي لا تتوقف عن التطور في الأردن، وهذا يتأكد بما يقدمه في تشابكه مع الفنون الأخرى وتجدده المستمر الذي ساهمت في ترسيخه العديد من الفنانات الأردنيات اللواتي قدمن للفن المسرحي الكثير ليصل إلى مرحلة من النضج ما جعله يحظى باهتمام الكثير من النقاد المسرحيين والكتاب والإعلاميين العرب، فكتبوا عن تجاربه (عروضا ونصوصا) وعن تاريخه وإشكالياته دراسات ومقالات نقدية كثيرة.
وفي إطار إبراز دور المرأة في الحراك المسرحي في الأردن عاينت ندوة نقدية عقدت أخيرا في فضاء مسرح كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية، التحولات والتطورات في المسرح الأردني من حيث البدايات التاريخية وصولا للوقت الحالي والشكل والمضمون لتجارب وأدوار عدد من المسرحيين التي أسهمت في تنامي الحركة المسرحية على امتداد مئة عام.
والندوة التي نظمها قسم الفنون المسرحية، بالتعاون مع منتدى النقد الدرامي ضمن فعاليات مئوية تأسيس الدولة الأردنية، وحملت عنوان “المسرح الأردني في مئوية الدولة الأردنية”، سلّطت الضوء على مساهمة المرأة الأردنية ودورها في الحركة المسرحية في الأردن.
وشارك في الندوة الكاتب والناقد مجدي التل، والمخرج والناقد باسم دلقموني، والفنان عماد الشاعر، بحضور عميد كلية الفنون والتصميم الدكتور محمد نصار ورئيس قسم المسرح في الجامعة الدكتور عدنان مشاقبة ورئيس الهيئة الإدارية لمنتدى النقد الدرامي الدكتور يحيى البشتاوي.
وفي ورقته التي حملت عنوان “حضور المرأة الأردنية في المسرح على امتداد مئة عام” لفت التل إلى أنه أسوة بمختلف المجتمعات العربية، تأخر حضور المرأة الأردنية في المسرح رغم أن البدايات الأولى للحركة المسرحية وإرهاصاتها كانت في بداية القرن الماضي، وذلك يعود إلى أسباب ثقافية اجتماعية، إلا أن الحضور الفعلي والمكرس للمرأة في المسرح بدأت ملامحه تأخذ عتباتها الأولى في بداية ستينات القرن الماضي.
والمرأة لم تكن فاعلة في مجال الكتابة للمسرح أو الإخراج المسرحي منذ بداية المسرح في العالم العربي، وحتى منتصف القرن العشرين، لكن إسهاماتها في تطوير المسرح العربي كانت إسهامات ملموسة وفعَّالة في المجالات المسرحية الأخرى مثل الأزياء وغيرها، ليتحقق لها الحضور الفعلي فوق الخشبات كممثلة أو كمخرجة في العقود اللاحقة وتقدم أعمالا تنافس المسرحيين وتتفوق عليها في أحيان كثيرة.
واستعرض التل في الندوة التي أدارها الفنان عماد الشاعر، مراحل وأشكال حضور المرأة في المسرح بوصفها ممثلة ومخرجة وكاتبة وباحثة والمهن المساندة في العملية الإنتاجية المسرحية، منوها أن ثمة مؤشرات كبيرة في العقود الأخيرة على تنامي حضور المرأة في مختلف مواقع العملية المسرحية إضافة إلى الاهتمام بالتوسع في الدراسات الجامعية بتخصصات الصناعات الدرامية وإقبال العديد من الشابات على دخول هذا المجال علاوة على التحولات الاجتماعية الثقافية في العقود الأخيرة بالمجتمع الأردني والتي أسهمت في تطور الوعي وقبول شريحة واسعة من المجتمع لحضور المرأة في صناعة الفن.
وبدوره، تحدث الدلقموني عن تجربة الكاتب الراحل جمال أبوحمدان وموضوعاته حول المرأة وتوظيف الشخصيات النسائية في محمولات عروضه المسرحية، مستعرضا مسرحيات “علبة بسكوت لماري أنطوانيت” و”حكاية شهرزاد الأخيرة في الليلة الثانية بعد الألف” و”ليلة دفن الممثلة جيم”.
ولفت إلى أن الكاتب أبوحمدان ركز في نصوصه المسرحية على الجوانب الإنسانية التي لا تحدها حدود وكان للمرأة فيها مكانة مهمة وخاصة، مقدما إياها عن قصد وبوعي إنساني رفيع من خلال تاريخها.
وفي هذا الإطار، بيّن دور المرأة في هذه النصوص المسرحية التي كتبها الراحل أبوحمدان وتوظيفه لها في إسقاطات تتعلق بالراهن العربي في مختلف أبعاده الثقافية والاجتماعية والسياسية.
واعتبر في ختام ورقته أن الراحل أبوحمدان يعد في بعده الإنساني منفتحا على كتاب المسرح على المستوى العالمي، معتبرا أنه لم يأخذ حقه ككاتب أعمال درامية؛ من مسرح وسينما وتلفزيون، من دراسة وبحث بالقدر المطلوب.
وكان الشاعر نوّه بأن هذه الندوة تناولت المرأة في المسرح الأردني من ناحية تاريخية توثيقية ومن ناحية مضمون ورسائل ومحمولات أسهمت في إبراز الدور المهم للمرأة في المجتمع. وفي ختام الندوة جرى حوار ونقاش بين الجمهور من أكاديميين وطلاب مع المتحدثين.