آمال مصرية بتعظيم قيمة تدفق الاستثمارات التركية

القاهرة تركز على مجالات صناعية تشمل الملابس والإلكترونيات والأدوية والتصنيع الزراعي ومواد البناء.
الاثنين 2024/07/08
دعونا نقم بالترتيبات عن بعد

تعلق السلطات المصرية آمالا كبيرة على جذب المزيد من الاستثمارات التركية خلال الفترة المقبلة في العديد من القطاعات الحيوية وذات القيمة المضافة، بما يحقق المنافع المتبادلة مع عودة العلاقات بين البلدين عقب سنوات من القطيعة الدبلوماسية.

القاهرة - كشف مسؤول مصري حكومي الأحد أن القاهرة تتطلع إلى جذب رؤوس أموال تركية بقيمة مليار دولار بحلول 2026، تشمل قطاعات مختلفة أهمها الملابس والأجهزة المنزلية والكهربائية.

ويتجاوز الحجم الإجمالي للاستثمارات التركية في السوق المحلية 3 مليارات دولار، من خلال 1700 شركة، وفق آخر بيانات منشورة لوزارة الصناعة والتجارة المصرية.

وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه إن القاهرة تستهدف نموا في المبادلات مع أنقرة "بنسبة 15 في المئة خلال العامين الحالي والمقبل، ليصل إلى 7.2 مليار دولار، مقابل 6.3 مليار دولار بنهاية 2023".

وتتمثل أبرز بنود التبادل السلعي بين البلدين في قطاعات الأسمدة والأسلاك والضفائر الكهربائية والأقمشة والملابس الجاهزة وحديد التسليح والسيارات وزيت الصويا والذرة الصفراء والأعلاف والأجهزة المنزلية.

وكانت شركة شيريكغي أوغلو التركية للملابس الجاهزة قد حصلت الشهر الماضي على موافقة لإقامة مشروع لتصنيع الجينز بمحافظة بورسعيد في مصر، على مساحة 100 ألف متر مربع، وبتكلفة استثمارية تبلغ 700 مليون دولار.

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل عامين، واجهت الشركات التركية، التي تعد ثالث أكبر مورد إلى أوروبا، ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث تخاطر الشركات بالتخلف أكثر عن منافسيها الآسيويين بعد أن رفعت الحكومة الضرائب على واردات المنسوجات.

وفي مواجهة موجة من الواردات الأرخص، رفعت أنقرة في نوفمبر الماضي الرسوم الجمركية بنسبة 30 إلى مئة في المئة على المئات من منتجات المنسوجات الواردة، بهدف دعم مصنعي الغزل والنسيج المحليين.

يحيى الواثق بالله: نعكف حاليا على إتمام العديد من المشاريع الصناعية
يحيى الواثق بالله: نعكف حاليا على إتمام العديد من المشاريع الصناعية

وتأتي محاولات تعزيز التبادل الاستثماري والتجاري بعدما زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القاهرة للمرة الأولى منذ أكثر من 11 عاما في فبراير الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وذلك في إطار استمرار التقارب بين البلدين.

في المقابل، واجه القطاع الصناعي في مصر خلال آخر عامين أزمة خانقة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح الدولار، مما هدد حينها بإغلاق عدد كبير من المصانع التي تعمل في القطاعات الإستراتيجية.

لكن الحكومة حصلت على استثمارات أجنبية ضخمة، في مقدمتها صفقة رأس الحكمة مع دولة الإمارات بقيمة 35 مليار دولار من المشروع البالغ كلفته 150 مليار دولار، مكنتها من خفض قيمة الجنيه، وهو أمر قد يحفز الشركات الأجنبية على الاستثمار في البلاد.

وتسببت الحرب الروسية - الأوكرانية في هروب الاستثمارات الساخنة من السوق المحلية وأربكت بشكل كبير الإمدادات من الخارج، الأمر الذي دفع القاهرة إلى الاستسلام للأمر الواقع وخفض صناع القرار النقدي قيمة الجنيه في ظل ضغوط تضخمية غير مسبوقة.

وأوجدت كل تلك العوامل حالة من الشلل في معظم القطاعات الاقتصادية قادت البلاد نحو أزمة مالية، وهو ما يجبرها على التفكير في اعتماد سلاح المقايضة التجارية كحل مؤقت للتغلب على الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

ويشجع التقارب وعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على توجيه الأنظار لنجاح هذه الخطة بعد توتر أعاق تحويل الطموحات الاقتصادية المشتركة إلى واقع.

وبدأ التقارب يأخذ منحى إيجابيا ملموسا منذ العام الماضي، حيث تعهدت شركات تركية باستثمار نصف مليار دولار في مصر تضاف للاستثمارات الحالية التي تتجاوز ملياري دولار.

وتستهدف مصر رفع قيمة الاستثمارات الصناعية بنحو 10 في المئة خلال هذا العام لتصل إلى 3.6 مليار دولار، مركزة بشكل رئيسي على قطاعات الأدوية والتصنيع الزراعي والبتروكيماويات والأغذية والمشروبات ومواد البناء.

وسبق أن صرح رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري يحيى الواثق بالله لبلومبيرغ الشرق قائلا إن مكاتب الجهاز “جذبت استثمارات صناعية العام الماضي بنحو 3.3 مليار دولار، فيما بلغت المشاريع التي تم تحقيقها 1.3 مليار دولار، وجار الاتفاق على الباقي".

وترغب العديد من الشركات التركية في نقل أعمالها إلى مصر، كما تتطلع الشركات التركية العاملة في السوق المصرية إلى التوسع في أعمالها القائمة بالفعل في ضوء ما تتمتع به باعتبارها بوابة للقارة الأفريقية.

◙ 1 مليار دولار رؤوس الأموال التي تستهدف القاهرة جذبها بحلول العام 2026

وكان كبير مسؤولي مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا (دي.إي.آي.كي) قد أكد في فبراير الماضي، أن الاستثمارات التركية في مصر توفر 70 ألف فرصة عمل بشكل مباشر و100 ألف بشكل غير مباشر، مع تحقيق عائد إجمالي سنوي بقيمة 1.5 مليار دولار.

وقال مصطفى دينيزر رئيس مجلس الأعمال التركي – المصري، في مقابلة مع وكالة الأناضول، حينها إن “حجم المبادلات بدأ يزيد منذ عام 2007 مع توقيع اتفاقية التجارة الحرة، ووصل الآن إلى 10 مليارات دولار". وشدد دينيزر على أهمية العلاقات التجارية بين البلدين، آملا أن يصل حجم التجارة إلى ما بين 15 و20 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة.

وتتمتع المنتجات التركية بإقبال في السوق المصرية بسبب جودتها العالية والاعتراف بعلاماتها التجارية، في الوقت الذي يواجه فيع الجنيه المصري والليرة التركية انخفاضا حادا في قيمتيهما، وتسبب ذلك في ارتفاع مستوى التضخم، بما انعكس سلبا على أسعار الكثير من السلع والخدمات.

ومع ذلك، يرى دينيزر أن مشكلة مصر الحالية تتمثل في "النقص والاختناق في احتياطيات النقد الأجنبي"، ولهذا السبب لا تستورد البلاد "الكثير" من تركيا، وأعرب عن تفاؤله بأن كل شيء سيعود إلى طبيعته بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لمصر.

ويعتقد كثيرون أن فائض الحساب الجاري المصري من الطاقة يجب أن يوجه بطريقة أو بأخرى إلى المنتجات التركية، لأن "الصناعة المصرية تحتاج إلى الكثير من السلع الوسيطة".

وتحتاج مصر إلى جميع أنواع السلع التي يمكن أن تدخل السوق المحلية كمنتجات تامة الصنع وهذا الأمر سيشهد نموا مع مرور الوقت باعتبارها السوق الأكبر في المنطقة العربية بتعداد سكان يتجاوز 105 ملايين نسمة.

ويدير رجال الأعمال الأتراك الذين يعملون مع مصر ثلث إجمالي صادرات البلاد من المنسوجات والملابس وهي تتزايد تدريجيا نتيجة للاستثمارات في القطاع وقطاعات أخرى مثل السياحة والخدمات اللوجستية وتجارة التجزئة.

11