آلة العود "سلاح يُحيي ولا يقتل" في مهرجانات بعلبك

بيروت (لبنان) - استعاضت مهرجانات بعلبك الدولية "رمزيا" عن إقامة أنشطتها في موقعها المألوف شرق لبنان بحفلة حمل فيها فنانون لبنانيون وفلسطينيون "سلاحا يُحيي ولا يقتل" هو آلة العود،؛ وذلك بسبب المخاوف الناجمة عن المواجهات العسكرية المستمرة مع إسرائيل.
وجمعت حفلة “أوتار بعلبك” على خشبة مسرح كركلا ليل الخميس في منطقة سن الفيل (شمال بيروت) عازف العود اللبناني شربل روحانا وفرقة “الثلاثي جبران” الفلسطينية، لتكون بمثابة “لقاء تبادل وتضامن حول هذه الآلات الوترية ذات اللون الشرقي النقي بين أيادي موسيقيين كبار” لبنانيين وفلسطينيين، وفق قول رئيسة المهرجانات مايا دو فريج.
وذكّرت دو فريج بأن “الأوضاع الإقليمية” أوجبت الاكتفاء بحفلة واحدة في برنامج هذه السنة، مع أن التحضيرات كانت قد بدأت لبرنامج أوسع أبرز ما فيه تكريم لنجم الباليه الراحل السوفييتي رودولف نورييف “الذي رقص في بعلبك سنة 1964”. وأضافت “حفاظا على أمن الفنانين والجمهور مع تَواصُل الهجمات الإسرائيلية، لم يعد لدينا خيار سوى نقل الحفلة إلى العاصمة لأن الصمت يعني الموت ببطء”.
ورأى روحانا أن “الحفلة كانت لتتخذ طابعا مغايرا ورمزية مختلفة لو أقيمت في بعلبك”. وقال روحانا الذي استهل الحفلة بمقطوعة “مياس” وتنقلت ريشته برشاقة بين الأوتار فيما تراقصت أصابعه اللينة على زند العود “عندما أعتلي المسرح أشعر أنني أقوم برحلة وأسعى إلى اصطحاب الجمهور فيها. وأمنيتي إسعاد الجمهور وخصوصا في ظل الأوضاع الراهنة”.
وقدم العازف توزيعا مميزا لأغنية “عالروزانا” الفولكلورية، ثم “أنت والوتر” و”سلامي معك” التي كتبها شقيقه بطرس روحانا. وختم مؤلف كتاب “مقام العود” القسم الأول بمقطوعة أطلق عليها عنوان “كومون روتس”، وقد كتبها في التسعينات و”فيها تأثيرات غربية.. وتركية”. وإذ لاحظ أن فرقة الثلاثي جبران “أثبتت حضورها على الساحة الفنية العربية والدولية”، أشار إلى أنه يحب “العزف مع موسيقيين من ثقافات مختلفة إذ أن كل تجربة هي بمثابة إضافة”.
◙ القصائد الوجدانية والوطنية لمحمود درويش كانت حاضرة في ما قدمته الفرقة التي تحتفل هذه السنة بعيدها العشرين
وبعد “دقيقة صمت على أرواح الشهداء في فلسطين” استُهِل بها الفصل الثاني، قال عضو “تريو” سمير جبران متوجها إلى الجمهور “سنعزف الليلة لنطمئن إلى أننا بشر فلا تبحثوا في داخلنا عن الضحية ولا عن البطل”. وبين معزوفة وأخرى كان يخاطب الجمهور، معتبرا أن “ما يحصل أصعب من كل ما مرّ به الشعب الفلسطيني”، مضيفا “هذا العود هو السلاح الوحيد الذي نستطيع حمله وهو جميل لأنه لا يقتل بل يُحيي”.
وكانت القصائد الوجدانية والوطنية للشاعر الفلسطيني محمود درويش حاضرة في ما قدمته الفرقة التي تحتفل هذه السنة بعيدها العشرين. ورافق الفرقة، المؤلفة من سمير المقيم في رام الله ووسام الموجود في باريس وعدنان الذي يعيش في لندن، عازفا تشيللو وإيقاع. وقال سمير جبران إن العزف في لبنان بمثابة “تسديد بعض من ديون المحبة لهذا البلد الذي وقف مع الشعب الفلسطيني”.
ورأى أن “العود في فترة رائحة الدم (…) والمشاهد العنيفة والوجع وصوت الطيران والانفجارات يشكل مقاومة لنبقى أحياء وليبقى لدينا أمل أقوى من كل الحروب”. وكان ختام القسم الأول مع قصيدة “سقط القناع” بصوت محمد درويش، ورافقت ذلك موسيقى سريعة الإيقاع. وخاطب جبران الجمهور قائلا “أتمنى أن يكون لقاؤنا المقبل في القدس”.
وكانت لافتة نهاية حفلة “أوتار بعلبك” التي عبرت عن تضامن الفنانين، إذ عزف معهم روحانا مقطوعة “ليتنا”، ورافقوه في أغنية من تأليفه وتلحينه تحية من بيروت إلى بعلبك. وسبق لمهرجانات بعلبك أن نقلت حفلاتها في العام 2013 من “مدينة الشمس” إلى خان الحرير في منطقة جديدة المتن بضواحي بيروت بسبب مخاوف أمنية مرتبطة بارتدادات الحرب في سوريا المجاورة، وفي 2014 استطاعت أن تقيم حفلة الافتتاح في بعلبك فيما توزعت حفلاتها الثلاث الأخرى على موقعين مختلفين.