آفاق تصنيع الأدوية في المغرب تكتسب المزيد من الزخم

خطط طموحة لسوطيما أكبر شركة في البلاد بهدف زيادة الاستثمار والتوسع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
الجمعة 2025/04/11
الجودة والموثوقية هما رأس مالنا

اكتسبت آفاق تصنيع الأدوية في المغرب المزيد من الزخم مع إعلان أكبر شركات القطاع عن خطط لزياد استثماراتها والتوسع في الخارج، الأمر الذي سيحفز باقي المنافسين على تعظيم أعمالهم، بما يصب في مصلحة ازدهار السوق، والذي تعول عليه السلطات ليكون داعما للأعمال والتنمية.

الرباط - تخطط سوطيما، أكبر شركة تصنيع أدوية في المغرب، لاستثمار ملياري درهم (حوالي 209 ملايين دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف زيادة الإنتاج محليا ورفع حجم صادراتها مستقبلا.

وكشفت لمياء التازي الرئيسة التنفيذية ورئيسة مجلس إدارة الشركة الخميس، أنه سيتم التركيز خلال المرحلة المقبلة على توسيع الأسواق الخارجية سواء في الشرق الأوسط أو قارة أفريقيا.

وتدير سوطيما الشركة العائلية التي تأسست عام 1976، سبعة خطوط إنتاج لتصنيع أدوية بقدرة تناهز 70 مليون وحدة في السنة.

وبحسب البيانات، حققت العام الماضي إيرادات بنحو 290 مليون دولار، بزيادة 13.3 في المئة بمقارنة سنوية، وأرباح بلغت حوالي 33 مليون دولار بزيادة قدرها 19.8 في المئة.

وتلتزم شركات الأدوية المغربية بالاستثمار في البحث والتطوير، مع التركيز على إنتاج الأدوية الجنيسة (البديلة) وتلبية احتياجات الأسواق المحلية والإقليمية والدولية في ظل المنافسة القوية على الحصص العالمية.

ويسلط اهتمام هذه الشركات بالتوسع من بوابة صناعة الأدوية، كما هو الحال مع البنوك، الضوء على نشاط هذا القطاع الحيوي، في ظل طموحات البلد للنهوض بإنتاج محلي قوي قادر على الإسهام في تحقيق السيادة الصحية عربيا وأفريقيا.

وتراهن الحكومة على استكشاف كافة الفرص الاستثمارية في هذا المضمار، لاسيما وأن المغرب بإمكانه أن يكون قاعدة إقليمية للإنتاج والتوسع خارجيا بالنسبة للشركات المحلية، بفضل خططها المستقبلية.

لمياء التازي: سوطيما ستركز على أسواق الشرق الأوسط وقارة أفريقيا
لمياء التازي: سوطيما ستركز على أسواق الشرق الأوسط وقارة أفريقيا

ويغطي القطاع 80 في المئة من احتياجات السوق المحلية من الأدوية والمواد العلاجية مع تصنيع 70 في المئة من هذه الاحتياجات محليا من حيث الحجم و54 في المئة من حيث القيمة، إذ يستفيد من خبرة وطنية في المجال تعود إلى سبعينات القرن الماضي.

وخضع القطاع للتطوير في سياق خطة التسريع الصناعي ما بين 2014 و2020، مما جعله اليوم من بين القطاعات الأكثر ديناميكية وابتكارا في القارة الأفريقية.

وتستفيد هذه الصناعة، البالغة قيمتها أكثر من ملياري دولار، من البرنامج الحكومي لتعميم التغطية الصحية الإجبارية، حيث أشارت التازي إلى تسجيل نمو كبير في استهلاك الأدوية خلال السنوات الأخيرة.

وكان نمو إيرادات الشركة العام الماضي مدفوعا بطرح 18 منتجا جديدا في السوق لعلاج أمراض السرطان، والسكري، وأمراض القلب، إضافة إلى المكملات الغذائية والمعدات الطبية.

وتعتزم سوطيما إطلاق عدة مشاريع إستراتيجية هذا العام، من بينها مصنع متخصص في إنتاج الأجهزة الطبية سيكون الأول أفريقيا لإنتاج أكياس الدم والحقن والقسطرة ومعدات أخرى تستعمل في المجال الاستشفائي.

وقالت التازي في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق إن هذا المشروع “سيقلل اعتماد المغرب على الاستيراد من الخارج.”

ومن المرتقب أن يوجه المصنع الجديد إنتاجه للسوق المحلية وأيضا للدول الأفريقية والعربية، كما تخطط الشركة لإطلاق خط صناعي جديد في المغرب خاص بإنتاج الأنسولين المعبأ في خراطيش.

وعلاوة على ذلك، سيتم إطلاق منتجات صيدلية مستخرجة من القنب الهندي، وهي الزراعة التي تم تقنينها خلال السنوات الأخيرة للاستفادة من الفرصة الهائلة التي توفرها.

ويمثل التصدير نحو 10 في المئة من إيرادات سوطيما، وتسعى، وفق التازي، إلى رفع النسبة إلى أكثر من 30 في المئة بحلول نهاية هذا العقد.

وأشارت خلال تصريحاتها إلى أن حصة الأدوية المُنتَجة في إطار تراخيص من شركات دواء عالمية تمثل 57 في المئة من المبيعات، بينما مثلت الأدوية الخاصة بها نحو 41 في المئة بنهاية العام الماضي.

وللتوسع أكثر خارجيا، تركز سوطيما على السعودية وكوت ديفوار، حيث تعتبرهما سوقين إستراتيجيين يحققان للشركة فرص نمو أسرع.

وقالت التازي إن “منذ السنة الماضية وحتى الآن، عقدنا العديد من اللقاءات والمشاورات مع شركاء سعوديين محتملين، وفاعلين اقتصاديين، ومسؤولين حكوميين، بهدف افتتاح مصنع كبير للأدوية للمساهمة في جهود السعودية لتوطين الصناعة الصيدلانية.”

أرقام عن مساهمة صناعة الدواء

80 في المئة من احتياجات السوق المحلية يغطيها القطاع

70 في المئة حجم ما يصنعه القطاع من المستلزمات العلاجية

10 دول تستثمر في القطاع منها فرنسا وسويسرا وألمانيا

وخلال العام الماضي، افتتحت شركة تصنيع الأدوية مكتبين علميين بكل من السعودية وكوت ديفوار، وهي خطوة أولية لاكتشاف السوق وبيع المنتجات قبل الوصول إلى مرحلة الاستثمار في الإنتاج محليا.

وأطلقت سوطيما العام الماضي كذلك 4 منتجات دوائية جديدة في السوق الخليجية، ويتوقع أن يتضاعف الرقم في السنوات المقبلة.

وقبل السعودية وكوت ديفوار، عززت الشركة تواجدها في العراق بإطلاق 30 منتجا جديدا، كما أبرمت اتفاقية تعاون مع وزارة الصحة العراقية من أجل توريد مادة المورفين الحيوية.

ولدى سوطيما أيضا تواجد في السنغال عبر الشركة الفرعية ويست أفريك فارما، التي أطلقت مؤخرا خط إنتاج جديد خاص بالأدوية السائلة.

وفي أغسطس الماضي أكدت دراسة نشرها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن القطاع يمتلك إمكانات تنموية واعدة، بواقع استثمارات سنوية تصل إلى 68.96 مليار دولار، ورقم معاملات سنوية يبلغ 1.5 مليار دولار.

وأشارت الدراسة التي جاءت تحت عنوان “هل قطاع الصناعات الدوائية بالمغرب مستعد لمواجهة تحديات الصيادلة الصحية” إلى أن هذا النشاط جعل القطاع يتبوأ المرتبة الثانية بأفريقيا، والخامسة بالمنطقة العربية.

وتطرقت الدراسة إلى أن هذه الديناميكية تتعلق أساسا بقطاع يضم 50 شركة، و11 ألف صيدلية خاصة، بينما سيزيد زخمه بالاعتماد على نمو مرتقب على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك موازاة مع الرفع من إنتاج الأدوية الجنيسة.

وقامت 10 دول بالاستثمار في مجال الصناعة الدوائية بالمغرب، بما فيها فرنسا بواقع ست شركات، متبوعة بكل من سويسرا والولايات المتحدة بواقع 3 شركات لكل واحدة على حدة، فضلا عن شركتين ألمانيتين اثنتين.

كما أن كل من دول الإمارات والهند والأردن والبرتغال تستثمر في السوق المغربية بواقع شركة واحدة لكل واحدة منها.

وفي مارس 2023، تم تدشين “المصنع الذكي” لشركة فارما 5 في بوسكورة في الدار البيضاء، باستثمار تجاوز 29.56 مليون دولار بهدف مضاعفة الإنتاج خمس مرات باستخدام تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي.

11