آثاريون عراقيون يطالبون باستعادة القلادة السومرية

نظم اتحاد أدباء ذي قار جنوب العراق أمسية لتوقيع كتاب “الكارثة.. نهب آثار العراق وتدميرها” الصادر عن المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر في بيروت وهو عبارة عن مجموعة مقالات لكتّاب أجانب من أميركا وأوروبا، تتحدّث عن الآثار العراقية عبر التاريخ، وقد قام بترجمة العمل وتحريره عبدالسلام صبحي طه، ويقع في نحو 207 صفحات، وللمترجم فيه عدد من المقالات بذات الاتجاه.
أمسية نقاش
الأمسية حضرتها مديرة المتحف العراقي السابق المغتربة حاليا الدكتورة أمل بورتر وقدّمها المترجم العراقي أمير دوشي، وقد حاول المترجم أن يقدم ملمحا عن أهمية الآثار العراقية سواء تلك التي تم اكتشافها أو التي هي في طور الاكتشاف، أم التي لم تزل غير مكتشفة بعد. وقد عبّر مقدم الأمسية عن أسفه لما آلت إليه الآثار العراقية.
الكتاب، كما يقول عبدالسلام صبحي طه، جاء من أجل أن يصل الصوت إلى العالم بضرورة إعادة الآثار العراقية المنهوبة
واصفًا ما حصل لها بالنكبة الكبيرة، حيث تمت سرقة أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العراق منذ البعثات التنقيبية الأولى، كما دعا إلى العمل على استرداد ما نهب وسرق من هذه الآثار التي تحتضنها أغلى وأكبر وأفضل متاحف العالم، وتدر على تلك الدول الملايين من الدولارات سنويًا لكونها نجحت في جعل آثارنا معلمًا سياحيًا عالميًا.
وتحدّث المحتفى به القادم من نيوزلندا، الكاتب والمترجم وصاحب الكتاب عبدالسلام صبحي طه، عن إصداره الجديد الذي سهر معه سنوات وفي كيفية جمع المقالات التي تتحدّث عن الآثار العراقية التي تتواجد في كلّ شبرٍ عراقي من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب.
وأضاف أن هذا العمل ليس فقط من أجل ترجمة وإصدار الكتاب، بل من أجل أن يصل الصوت إلى العالم بضرورة إعادة الآثار المنهوبة. وبيّن أن الكتاب ضمّ مقالات لكتّاب مهمين وهو موثق بالصور والبيانات والأرقام وآراء لمؤرخين وآثاريين، وأن هذه المقالات هي لجيف إمبرليغ ومغاوير جبسون ودوني جورج وكذلك جون م. راسل وكاثرين هانس وإليزابيث سي. ستون وأيضا كريستين بليث.
الأمسية تحولت إلى المطالبة بإعادة الآثار، حيث دعا الجميع إلى أهمية قيام الدولة العراقية ووزارة الثقافة والسياحة والآثار بما يمليه عليها الواجب الوطني بالعمل على إعادة هذه الآثار.
وشاركت الدكتورة أمل بورتر في الأمسية وتحدثت في البدء عن عملها لأكثر من 15 عاما في إدارة المتحف العراقي في بغداد، مثلما تحدّثت عما تقوم به خلال مشاركتها في المؤتمرات الدولية التي تقام عن الآثار العراقية في أغلب دول العالم.
إعادة الآثار
قالت بورتر “دائما أطالب بالاهتمام بالآثار العراقية مثلما أطالب بإعادة ما تمّت سرقته ونهبه، وكذلك بالحفاظ على الآثار الباقية في العراق من عبث العابثين والتجار ومهربي الآثار”.
كتاب "الكارثة.. نهب آثار العراق وتدميرها" ضم مقالات لكتاب مهمين وهو موثق بالصور والبيانات وآراء لمؤرخين وآثاريين
ونوهت بورتر بالشعب المصري الذي استطاع من خلال حبّه لآثاره أن يجعل منها ثروةً قوميةً من خلال تسويقها كسياحة كبيرة. وفاجأت بورتر الحاضرين حين دعت إلى إعادة “القلادة الذهبية” إلى المتحف العراقي. وبينت أنها تطالب باسترجاع هذه القلادة القديمة التي تمثل كنزا وطنيا من ساجدة خيرالله طلفاح زوجة رئيس النظام السابق.
وكشفت بورتر أن ساجدة خيرالله زارتها في المتحف في منتصف سبعينات القرن الماضي بصحبة زوجة الرئيس الليبي معمر القذافي، وأمرت الحماية باستخراج القلادة لتلبسها. وأكدت أن القلادة اختفت من ذلك اليوم ولم تتمّ إعادتها إلى المتحف العراقي. وطالبت من كل مثقفي العراق ووسائل الإعلام العالمية والعربية والعراقية بالمساعدة على استرداد هذه القلادة السومرية المسروقة.
والقلادة كما تقول المصادر يعود تاريخها إلى العهد السومري، وهي أرقى وأجمل قلادة في العالم وتزن 2 كغ من الذهب الخالص، ويبلغ طولها مترا و12 سنتمترا ويصفها البعض بأنها مصنوعة من الحجر السليماني ومؤطرة بالذهب ومرصعة باللؤلؤ، ومن خرزات من العقيق اليماني الأحمر ومن الـذهب، وجميعها منضودة بسلك من
الفضة، ويقال إن ملك أور قد أهدى القلادة إلى الكاهنة الكبرى أبا بشتي في معبد أي آنا المقدس.
من جهته قال الآثاري العراقي عبدالأمير الحمداني إن الآثار العراقية تعرّضت إلى النهب إبان وبعد سقوط الدكتاتورية، واصفًا عملية النهب بالاجتياح وقد تمّ إلى الآن استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية. داعيا إلى البدء بعملية استرداد القلادة الذهبية وإعادتها إلى المتحف الوطني العراقي لأنها ملك للشعب.
في حين ذكر الكاتب والمؤرخ العراقي صباح كاظم أن القلادة الذهبية ربما تعدّ اليوم الحلقة الأصعب في كيفية إعادتها، لكن على الحكومة العراقية وعلى النخب المثقفة العمل على إعادتها ليس فقط لأنها عند زوجة رئيس النظام السابق، بل لأنها ذاكرة شعب وملك لشعب. وطالب كاظم بوضع آلية بالتعاون مع منظمات عالمية كاليونسكو وحتى المحكمة الدولية وغيرها من المنظمات الحيادية بوضع آلية لاسترداد الآثار العراقية عموما والقلادة السومرية الذهبية على وجه الخصوص.