آباء يستسهلون نقل مسؤولياتهم العائلية إلى الابن المتسلط

يشير خبراء علم الاجتماع إلى أن منح الآباء أحد الأبناء دون غيره حقوقا استثنائية يصنع منه شخصا متسلطا، ما يعني أن تفويض المسؤولية بشكل خاطئ يمتد إلى التحكم بدل الاهتمام. كما يلفتون إلى أن شخصية الأخ المتسلط غالبا ما ترتكز على إعطائه كل ما يرغب به في طفولته المبكرة.
تونس – يتنازل بعض الآباء طواعية عن سلطتهم داخل أسرهم ما ينقل المسؤولية العائلية إلى أحد أبنائهم وعادة ما يكون متسلطا أو ربما قد يمارس التسلط نتيجة لتوليه سلطة العائلة.
ويؤدي تحكم الأخ المتسلط إلى إذكاء الصراع والرغبة بالنزاع بين الإخوة، كما أنه قد يقود إخوته إلى أن يكنّوا له مشاعر سلبية يمكن أن تؤدي إلى الكراهية.
ويشير خبراء العلاقات الأسرية إلى أن للأهل دورا كبيرا في الشخصية المتسلطة لدى أحد الأبناء تجاه إخوته، لأنهم هم أصحاب التأثير الكبير عليهم منذ الطفولة، وذلك من خلال الدلال الزائد.
ويقول الخبراء إنه من أخطاء الأهل في التربية منح أحد الأبناء دون غيره حقوقا استثنائية، مشيرين إلى أن شخصية الأخ المتسلط غالباً ما ترتكز على إعطائه كل ما يرغب به في طفولته المبكرة.
وقالت أسماء (اسم مستعار) إنها عانت من تسلط إخوتها منذ كانت طفلة صغيرة تدرس بالتعليم الابتدائي وحتى الإعدادي، ذلك أنها لم يكن لها حرية اختيار أصدقائها أو ما ترتديه من ملابس. ولأنها كانت صغيرة السن فإن أحد إخوتها كان يفرض عليها أن ترتدي ملابس أخيها الذي يكبرها بسنة.
وأضافت أن لا أحد من أهلها كان قادرا على الاعتراض لأن أخاها كانت له شرعية التحكم فيها وإخوتها، وهي شرعية اكتسبها، وفق أسماء، من أمه التي كانت تميزه عن بقيه إخوته وتكن له حبا لا يضاهى. وتروي أسماء أنها مرت منذ أيام بحادثة جعلتها تعادي أخاها لأنه رفض زواجها ممن تحب بدعوى أن عائلته لا تليق بهم وبمستواهم الاجتماعي.
سواء كان الأخ المتسلط هو الأكبر أو الأوسط، سيستغل قوة شخصيته مع حياد أهله السلبي لفرض سيطرته على إخوته
ويشير خبراء علم النفس إلى أن تأثير الأخ المتسلط على حياة إخوته قد يكمن في زيادة الإحباط لديهم نتيجة عدم السماح لهم بالتعبير عن شخصياتهم وبالتالي ضعف الشخصية لديهم. كما قد يؤدي تسلط أحد الأبناء إلى جعل إخوته يلجأون إلى بديل عن وجود أخ كالبحث عن صديق يشاركهم الحديث عن مشكلاتهم، وهذا يؤثر على مفهوم علاقة الأخوّة.
كما قد يؤدي تسلط الأخ إلى الخلط ما بين التنافس الشريف الطبيعي بين الإخوة لتحقيق الإنجازات التي تميز أحدهم عن الآخر بإيجابية، وبين الغيرة السلبية التي تدمر العلاقة في ما بينهم.
ويرى خبراء علم الاجتماع أن تفويض المسؤولية بشكل خاطئ يجعل أحد الأبناء يشعر بالمسؤولية حيال إخوته بطريقة خاطئة تمتد إلى التحكم بدل الاهتمام وإلى السيطرة بدل المحبة.
كما أن المعاملة العكسية التي تتضمن إهمال الأهل لأحد الأبناء تجعله يعمل على محاولة إثبات شخصيته من خلال السيطرة والتسلط على إخوته والتحكم فيهم.
ويقول الخبراء إنه عندما يتصرف الأهل بحيادية تجاه مشاكل أبنائهم وتسلط أحدهم على الآخر يؤدي ذلك إلى تحكم القوي في الضعيف. وسواء كان الأخ المتسلط هو الأكبر أو الأوسط أو حتى الأصغر، سيستغل قوة شخصيته أو قوته البدنية مع حياد أهله السلبي لفرض سيطرته على إخوته. ويعتقد الأخ المتسلط أنه دائماً على حق وعلى هذا الأساس يعمد إلى فرض رأيه على إخوته على أنه وحده الصحيح حتى ولو لم يكن كذلك بالفعل.
وغالباً ما يفعل الأخ المتسلط ما يريده هو فقط ولا يأخذ برأي إخوته ولا أي أحد، ويقوم بما يريده بالطريقة التي يحبها هو وفي الوقت الذي يرغبه، وقد يكون مستعداً لإفشال أي مخطط جماعي عائلي لأسبابه الشخصية وعلى النحو الذي يناسبه.
الأخ يمكن أن يكون متسلطا لتغطية بعض نقاط الضعف التي توجد في شخصيته، لذا على أخته استيعابه وفهمه
وقال الدكتور ناجي عبدالعال الأستاذ بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن إنه “لا يحق للأخ أن يتسلط سواءً بوجود الأب أو في غيابه وبأي شكل من الأشكال، وما عليه فقط هو إبداء النصيحة إذا رأى سلوكاً هو غير راض عنه، أو رأى تعاملا من أخته ليس على الوجه المطلوب، كما يجب أن يتقرب من أخته كي تقبل نصيحته، لأنها إذا أحبته تقبلت كل نصائحه، ويجب عليه البعد عن الغطرسة والاستبداد”.
وأضاف “كما لا يحق للأب أن يسلم زمام الأمور إلى ابنه، وخصوصاً إذا كان صغيرا، لأنه من الممكن أن يسيء التصرف، ولذا أقول لكل من يعمد إلى سلوك التسلط، كن رحيما يُسمع لك”.
ويعاني بعض الإخوة من الضغط والتسلط من قبل أحد أفراد الأسرة، وهو الأمر الذي يجعلهم يعانون كثيرًا. ومن المشاكل الكبيرة التي يمكن أن توجد في الأسرة تسلط أحد أفرادها على شخص آخر، وهو الأمر الذي يتسبب في إحزان ذلك الشخص ومعاناته بشكل كبير.
وهناك بعض الصفات التي إذا تواجدت في الأخ يتم تصنيفه على أنه من الأشخاص المتسلطين الذين يمكن أن يجعلوا الآخرين يعانون كثيرًا في حياتهم، فنجد أنه دائمًا ما يفقد شعوره بالحب واللين تجاه المحيطين به، ودائمًا ما يحاول أن يفرض سيطرته على من حوله من أخواته بشكل خاص.
ويحاول الأخ المتسلط أن يأخذ دور الأب في غيابه خاصةً إن كان لديه أخوات أصغر منه في العمر، ويسعى لفرض سيطرته على من حوله، لذا يسعى البعض لمعرفة الطرق الفعالة التي يمكن من خلالها معرفة كيفية التعامل معه بطريقة فعالة ومن دون إفساد العلاقات بينهم. ومن الممكن أن يكون سبب تسلط الأخ هو ضعف في شخصية الأخت ويجد أنه من السهل السيطرة عليها.
ولا بد من زيادة الثقة بالنفس قدر الإمكان حتى لا يستغل نقاط ضعفها، وتحسين العلاقات الخارجية، فهي من الأشياء التي تزيد من الثقة بالنفس وتجعل الأخت قادرة على المواجهة. ويمكن أن يكون أسلوب التربية داخل الأسرة هو من أهم الأسباب، لذا يمكن للأخت أن تقوم بتقبل بعض قرارات أخيها إن كانت لا تؤثر على حياتها سلبيا.
ويمكن أن يكون الأخ متسلطا لتغطية بعض نقاط الضعف التي توجد في شخصيته، لذا على أخته استيعابه وفهمه. ولا بد من التحلي بالهدوء والصبر قدر الإمكان حتى لا يستغل نقاط ضعفها ويتسلط عليها أكثر