رعب "الهالويين" يثير اهتمام المصريين

تجتمع أزياء التنكر الغريبة والمرعبة مع اليقطين المزخرف والملون سنويا في آخر يوم من شهر أكتوبر، للاحتفال بالأرواح الهائمة وبعودتها إلى الحياة، لكن هذا التقليد الذي اهتم الغربيون والمسيحيون بمضمونه أصبح اليوم يثير اهتمام العرب والمسلمين للترفيه وإنعاش الاقتصاد.
الاثنين 2016/10/31
رعب محبب للاحتفال

القاهرة – أصبح الاستعداد للاحتفال بعيد الهالويين الذي يحتفل به سنويا يوم 31 أكتوبر، لا يقتصر على البلدان الأوروبية أو في أميركا، بل تجتذب هذه المناسبة أيضا عددا كبيرا من المولعين بالتنكر وقصص الأفلام في البلدان العربية.

وتعد مصر من أكثر البلدان العربية التي أصبحت للهالويين أو عيد القديسين فيها طقوس وتحضيرات للاحتفال به، وبدأت منذ أيام الاستعدادات له على قدم وساق سواء في مراكز التسوق الكبرى “المولات”، أو المدارس (خصوصا المدارس الدولية).

وتتسابق المحلات التجارية خاصة في القاهرة على تزيين مداخلها بالديكورات، والتزود بالملابس التنكرية الخاصة بهذا اليوم، ومساحيق التجميل المُرعبة حتى قبل موعدها بأسبوع أو أكثر.

ويحتفل بعيد الهالويين، كما يسميه الإنكليز، عشية ليلة عيد القديسين الخاص بالمسيحيين في الغرب، حيث تؤكد بعض المصادر التاريخية أنه يرتبط بأحد مظاهر عيد الحصاد في الثقافة السلتيكية، فيما ذهب آخرون إلى وصفه بالعيد الوثني، برغم أن هناك آراء تؤكد استقلاليته، وارتباطه بالديانة المسيحية.

وأرجعت مصادر أخرى، أصل الاحتفال بعيد الهالويين إلى أيرلندا، حيث تتصادف إقامته مع احتفال المسيحيين بعيد القديسين، وهذا ما أرجع الصلة القوية بينهما.

وتثير محاكاة هذا الاحتفال الذي يحرص المسيحيون على ترسيخه وتخصيص طقوس وتقاليد لإحيائه سنويا، موجة من الضيق لدى شريحة كبيرة من المجتمع المصري والعربي، حيث تؤكد بعض الآراء أن ذلك الاحتفال لا يمثل الثقافة العربية في شيء، فهو مجرد تقليد أعمى، كما أنه بعيد عن القيم الإسلامية.

لكن في الوقت ذاته، هناك من لا يرون ضررا في الاحتفال، حيث يجدونه سببا لإضفاء البهجة على الأطفال، ويبررون رأيهم بأنه مجرد احتفال فقط، ولا يرسخ أمورا سيئة لديهم، كما يظن البعض.

وأشارت عفاف النجار، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة سابقا، إلى أن تلك الاحتفالات، الوافدة إلى الشرق من الغرب، تخالف القيم المجتمعية الشرقية، خصوصا الإسلامية، حيث تجذب الأطفال لثقافات بعيدة عن معتقدات مجتمعهم، ما يُشعرهم بالغربة في وطنهم.

وأكدت لـ”العرب”، أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عندما أمر المسلمين بالاحتفال بعاشوراء، قال له الصحابة، إن في ذلك تقليدا لليهود، لأنهم يحتفلون هم أيضا بذات اليوم، فقال لهم قدِمّوا أو أخِّروا يوما عن موعدهم، في إشارة منه إلى عدم التقليد، وأن تكون للإسلام خصوصية احتفالاته.

ولفتت إلى أهمية أن يغرس الآباء، داخل نفوس أطفالهم، فكرة الانتماء إلى ثقافتهم الشرقية، والترغيب في الاحتفالات الدينية الخاصة بالمسلمين، أو حتى المسيحيين الشرقيين، محذرة المدارس، التي تقيم تلك الاحتفالات، من الوقوع في فخ طمر هوية الأطفال الشرقية، وإبعادهم عن قيم ومبادئ الوطن.

الهالويين يعني “الرعب”، وتتضمن الاحتفالات به ارتداء الملابس التنكرية المرعبة، وقبعات الساحرات الشريرات، والمكنسة المصنوعة من “القش”، التي اشتهرت في الأفلام الأميركية، وكذلك ممارسة الخِدع، إيمانا منهم بأن الأشباح تتجول بالشوارع في ذاك اليوم.

كما تهتم بعض المجتمعات الغربية في هذا اليوم، بنحت ثمرة اليقطين وإبرازها في تلك المناسبة، والحفر فيها بملامح لوجه شبح، مع إضافة الإضاءة بداخلها، لتتزين بها مداخل البيوت والمحال التجارية.

وفي الدول العربية، تحول الأمر، إلى تجارة و”بيزنس″ أكثر منه احتفالا، ولا يعني أنه إيمان بما ترسخه الفكرة، لأن أصلها في الغرب، أنهم كانوا يؤمنون بأن أرواح الموتى تهبط من البرزخ إلى الأرض في ليلة هذا الاحتفال، وتعبث بالبشر، من المساء وحتى الصباح، وهو ما لا يؤمن به المسلمون.

وفي هذا العيد، تنتعش تجارة الأدوات الخاصة باحتفالات الهالويين في مصر بشدة، قبيل مجيء موعده، حتى المدارس التي تقيم هذه الاحتفالية، تطلب من الأطفال شراء هذه الأدوات من أماكن بعينها، تتفق معها تلك المدارس.

ولأن تلك الاحتفالية، تقوم في الغالب، على شريحة من المصريين الأغنياء فإن الأمر لا يسبب لهم أي مشكلة، وتقول أماني مصطفى، وهي أم لثلاث بنات “في كل عام، يكون مطلوبا مني، شراء تلك الملابس التنكرية، ومكنسة الساحرة الشريرة، والشعر المستعار، بألوان الأسود والبنفسجي”، وتضيف ضاحكة “لا أرى في الاحتفالية بالهالويين أمرا سيئا، بل على العكس، فالأمر برمته لا يخرج عن نطاق البهجة”.

وأشارت لـ”العرب”، إلى أن أطفالها بمدرسة إنكليزية، تميل في احتفالاتها إلى الغرب، لكنها لا تنفي كذلك اهتمام المدرسة بالاحتفالات الدينية والشرقية الخاصة بالمصريين، مثل أعياد شم النسيم، ويوم عاشوراء، وعيد الأضحى.

وأنتجت هوليوود المئات من الأفلام، التي تعزز فكرة الاحتفال بالهالويين، وتعرضها في دور العرض على مستوى العالم، من بينها الدول العربية، وتنتج أفلام رعب كارتونية، تؤصل لهذه الفكرة لدى الأطفال وتحببهم فيها.

24