نجومية كرة القدم نعمة أم نقمة

الأربعاء 2016/07/20
نجومية كرة القدم نعمة أم نقمة

القاهرة - أمام القانون لا فرق بين وزير أو خفير، لذلك يصفونه “بالأعمى”، وثمة خيط رفيع يفصل بين تطبيق القانون على أي فرد، سواء كان مواطنا عاديا أو نجما مشهورا، وبين احترام تاريخ هذا النجم إذا ارتكب خطأ يستحق العقاب.

أزمة حسام حسن، المدير الفني لفريق المصري البورسعيدي، وأحد أشهر الهدافين في تاريخ كرة القدم المصرية، والذي مثل أمام المحكمة أخيرا بتهمة الاعتداء على رقيب شرطة أثناء تصويره مباراة فريقه أمام غزل المحلة، أعادت إلى الأذهان جرائم لنجوم كرة محليين وعالميين قادتهم إلى قفص الاتهام.

الأزمة مرت كالكابوس على عميد لاعبي العالم السابق، كما يحلو لهم تسميته، وأثارت غضبه بعد أن أدخل منطقة سجون طرة بالقاهرة، إلى أن أقنع أحد الوسطاء رقيب الشرطة (المجني عليه) بالتصالح، حتى تم الإفراج عنه، لكنه انتقد بغضب ما تعرض له، وأعلن شقيقه إبراهيم، لاعب منتخب مصر السابق، أنهما سيغادران للعيش خارج مصر، وكأن الشهرة أو النجومية تبيح لصاحبها ارتكاب الأخطاء دون عقاب.

وتدخل الوسطاء بعد أن أثار خبر حبس حسام حسن حالة من البلبلة في مدينة بورسعيد، إحدى مدن قناة السويس، وخروج الجماهير للمطالبة بالإفراج عنه، وتم القبض على بعضهم، لذا تجنب الوسطاء سكب البنزين على النيران، خاصة أن جماهير بورسعيد تدعي الاضطهاد بعد أحداث عام 2012، والتي راح ضحيتها 72 من مشجعي الأهلي.

سلاح ذو حدين

تعتبر الشهرة سلاحا ذو حدين، إما أن تقود صاحبها إلى أعلى درجات سلم المجد، أو إلى قاعات المحاكم والمعتقلات، لكن اللافت للنظر في ملفات تورط نجوم الكرة المصرية في بعض الجرائم، أن جميع السيناريوهات تنتهي بحفظ التحقيقات بعد هرولة مسؤولين كبار لاحتواء الأزمة على طريقة (الجلسات العرفية)، حفاظا على سمعة نجم ذائع الصيت. وفي ديسمبر 2013، وفي واقعة مشابهة نجا لاعب الزمالك، محمود عبدالرازق “شيكابالا”، من عقوبة السجن بتهمة الاعتداء على ضابط جيش بمطار الغردقة، ولم يكن اللاعب على علم بأن طرف الشجار يعمل ضابطا بالقوات المسلحة، حيث كان يرتدي زيّا مدنيا، إلى أن تدخل بعض مسؤولى الزمالك، وتم إنهاء الأزمة بالتصالح بين الطرفين.

قبل ذلك، تورط عماد متعب، مهاجم الأهلي، في التعدي على ضابط مرور، ووصل الأمر إلى إشهار مسدسه في وجه الضابط، بسبب اعتراض متعب على منحه مخالفة مرورية بعد أن ركن سيارته في الممنوع، وتمت إحالة اللاعب إلى المحكمة، وقضت بمعاقبته بالسجن 6 أشهر وغرامة مالية قدرها نحو ألفي دولار، إلا أنه تم التصالح وإخلاء سبيل اللاعب بكفالة بلغت خمسمئة دولار.

وإذا كانت هذه الأزمات في مصر تنتهي بجملة واحدة هي، “حفظ التحقيقات للتصالح”، فإن مثيلاتها في دول أخرى لا تعترف بهذا المبدأ، حتى أن النجم الأشهر ليونيل ميسي، الذي وصفوه بأفضل من لمس كرة القدم عبر تاريخها، كان على بعد خطوات قليلة من الاعتقال، ومثل أمام المحكمة في قضية التهرّب الضريبي، حتى تمت تبرئته.
اللافت للنظر في ملفات تورط نجوم الكرة المصرية في بعض الجرائم، أن جميع السيناريوهات تنتهي بحفظ التحقيقات بعد هرولة مسؤولين كبار لاحتواء الأزمة على طريقة (الجلسات العرفية)، حفاظا على سمعة نجم ذائع الصيت
وبالنظر إلى دفاتر التاريخ، نجدها سجلت أن أسطورة الملاكمة مايك تايسون، قد تم اعتقاله في العام 2006 بتهمة قيادة سيارته تحت تأثير المخدر، ومن قبلها تم اعتقاله لستة أعوام في قضية اغتصاب فتاة سوداء، وهي القضية التي أذيع بأنها ملفقة للانتقام من تايسون. وعقب الإفراج عنه اعترف تايسون بأن السجن قضى على غروره، ومنحه الفرصة للتعرف على الإسلام وإدراك تعاليمه السمحة.

محنة أم منحة

أحيانا تتحول المحن إلى منح، مثلما حدث مع باولو روسي، نجم المنتخب الإيطالي في الثمانينات، والذي حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات في قضية المراهنات عام 1980 والمعروفة بقضية “توتونيرو”، وتم تخفيف العقوبة على اللاعب إلى عامين فقط، وخرج روسي قبل كأس العالم 1982 التي استضافتها أسبانيا، والمفاجأة أن مدرب المنتخب الإيطالي آنذاك، قام باستدعاء اللاعب لصفوف المنتخب، ونجح في قيادة منتخب بلاده للفوز باللقب، وانتزع لنفسه لقب الهداف برصيد 6 أهداف. الأمثلة كثيرة، لكن يبقى الفارق في الحرص على تطبيق القانون، أما النجم فإنه لا بد أن يحافظ على ما وصل إليه حتى لا يصل به الحال إلى منحه لقب “متهم”.

يرى أيمن يونس، لاعب الزمالك السابق، أن النجومية تجبر اللاعب على أن يكون قدوة للآخرين، وعدم الإتيان بتصرفات غير محسوبة تنال من سمعته واسمه.

وأشار لـ”العرب”، إلى ضرورة أن تكون التصرفات محسوبة داخل الملعب وخارجه، خاصة أن بعض اللاعبين الشباب قد ينتابهم الغرور بعد تحقيق الشهرة، لذا فإن مهمة المدير الفني هي كبح جماحهم وتقديم النصح، لأن لعبة كرة القدم تشهد حالات شد وجذب تصل أحيانا إلى التشاجر في بعض الأحيان. وأوضح عضو اتحاد كرة القدم المصري السابق، أن الجماهير تعشق نجوم كرة القدم والفن، لذلك فإن أي أزمة من السهل أن تنتهي بالتصالح بعد تدخل البعض، غير أن هذا لا يعطي الحق لأي لاعب لإيذاء الآخرين.
23