كريستينا قرانوح وجه إعلاني بجسد ملاكم

تحاول الملاكمة والوجه الإعلاني اللبناني كريستينا قرانوح أن تقطع مع التناقض الذي يراه الناس بين الصورة المفترضة للملاكمة والوجه الإعلاني وعارضة الأزياء، موضحة أنه لا فرق بين الصور الثلاث فالجامع واحد أنثى متعددة المواهب.
الأحد 2016/06/26
أنوثة تفيض من روح القتال

كسرت كريستينا قرانوح الحصار الاجتماعي على ممارسة المرأة لرياضة الملاكمة، وقدمت نفسها كامرأة مقاتلة ووجه إعلاني تتسابق عليه العدسات والمطبوعات.

وتعرض كريستينا لهذه النظرة الاجتماعية التي تحاصرها قائلة “كان الناس دائما يتساءلون حول الأسباب التي دفعتني إلى ممارسة هذه الرياضة. البعض كان يعتبر أن المسألة تتعلق برغبتي في ضرب أحد ما أو الدفاع عن نفسي. البعض الآخر كان يعتمد التحليل النفسي ويتساءل إذا كنت قد تعرضت لشيء ما أو إذا كنت أسيرة عقدة معينة”.

وتضيف قرانوح “لعل وضعي الشخصي كامرأة مطلّقة ساهم في إضافة تعقيدات إلى هذه الصورة العامة حيث تم الربط بين فشل حياتي الزوجية وبين حبّي للملاكمة، وسمعت تحليلات تربط بين الأمرين في حين أن الواقع هو على العكس من ذلك تماما، ولكن المجتمع يحب تركيب رواية تحمّل المرأة المسؤولية”.

وأوضحت عارضة الأزياء اللبنانية أن “معظم الناس يرون في الأمر تناقضا ما، ولكنني لا أشعر بهذا التناقض، وأعتبر أنه يشبه ذهاب طبيب إلى النادي الرياضي وتربية عضلاته، ثم إنني لا أمارس عرض الأزياء بصيغته الكلاسيكية التي تتطلب مقاييس معينة لم تعد مقبولة، وباتت العديد من الدول تعتبر أنها تقدم نموذجا غير صالح ويتناقض مع المعايير الصحية”.

وأكدت الملاكمة اللبنانية “أنا امرأة أملك مواهب متعددة وأسعى إلى استثمارها وتوظيفها، ولا أرى تناقضا بين موهبتي في الملاكمة وبين أنوثتي وأمومتي”.

وشددت قرانوح على أن عبارة “أف مش مبيّن عليكي” التي كثيرا ما تتردد على مسامعها تفصح عن وعي عام مأزوم في ما يتعلق بالأنوثة والرياضة والجمال في آن واحد، مشيرة إلى أن العيش في لبنان لا يزال تحت سلطة نظرة تفصل بين كل هذه المكوّنات، ولا ترى رابطا منطقيا ممكنا يجمع بينها بل تعتبر أنها تنتمي إلى عوالم مختلفة ومتناقضة.

وترى صاحبة الوجه الإعلاني الجميل أن عالم الرياضة وخصوصا القتالية لا يزال خاضعا لتصوّر مسبق لا يقيم وزنا كبيرا للمهارة والدقة، ويحل مكانهما العنف الخالص والعضلات المفتولة التي تكوّن صورة البطل كما تتمثّله المخيلة الشعبية.

وأضافت كريستينا أن هذا التصور الاجتماعي الغالب يفرض حصارا خانقا على المرأة يحرمها من الانتماء إلى مجال الرياضة التي أثبت التصور اللبناني لها أنها استعادة لسياقات حربية تناقض كل أخلاقيات الرياضة ومفاهيمها، لذا فإنه من البديهي أن تكون الرياضة فعلا متناقضا مع الأنوثة ومفاهيمها المرتبطة بنبذ العنف ومعاداة الحروب.

وقالت كريستينا قرانوح إن مهمة المرأة في مجتمعنا لا تزال وعلى الرغم من كل ما يقال عن الخصوصية اللبنانية المتميزة في هذا المجال خاضعة لما ترسمه بعض العبارات التي تتردد في مسلسل باب الحارة من قبيل “حاضر ابن عمي” و”عراسي تُشكل آسي” وهي الكلمات التي يريد المجتمع للمرأة أن تكررها على الدوام.

وأكدت الملاكمة اللبنانية أن كل امرأة تنجح في كسر هذه التصورات وإثبات خوائها وعدم صحّتها سيكون عليها الفوز في سلسلة متّصلة من المعارك التي لا تنتهي، مشيرة إلى أنها تشكل نموذجا حيا على ذلك، إذ أنها نجحت في الفوز بعدة بطولات وذلك دون رعاية رسمية من الدولة اللبنانية على الإطلاق، مؤكدة أن كل تكاليف التدريب والمشاركة في البطولات كانت تقع على عاتقها.

وأرجعت غياب الرعاية الرسمية لها ولأمثالها إلى نوع معلن من التبخيس الاجتماعي الذي ينظر إلى المرأة التي تمارس هذا النوع من الرياضة بوصفها امرأة تحمل نزوعات وسمات ذكورية، وتوصف بأنّها امرأة مسترجلة.

والجدير بالذكر، أن كريستينا قرانوح لا تمثل سوى عيّنة من جدل مفتوح إلى أجل غير مسمى حول معنى الأنوثة والصور والسلوكيات التي يفترض المجتمع أنها تتلاءم مع المرأة.

24