الإرهاب يضع ملاعب الكرة تحت وصاية الأجهزة الأمنية

القاهرة - أعادت تفجيرات بلجيكا التي استهدفت مطار العاصمة ومحطة مترو، إلى الأذهان ما شهدته العاصمة الفرنسية باريس، من عمليات إرهابية استهدفت مسرح باتاكلان ومحيط ملعب فرنسا ومواقع أخرى، ما ترتب عليه تغيير روزنامة بعض منتخبات كرة القدم، وتأجيل عدد من المباريات، فضلا عن أن ملاعب الكرة باتت تحت إمرة قوات الأمن. كان الاتحاد البلجيكي لكرة القدم، أعلن الثلاثاء الماضي (يوم وقوع الحادث) إلغاء تدريبات منتخب بلاده، على ملعب الملك بودوين في بروكسل، استعدادا لمواجهة البرتغال وديا في 29 مارس الجاري، وهو اللقاء الذي لم يعرف حتى الآن هل سيقام أم لا، رغم اقتراح الاتحاد البرتغالي إقامة المباراة في البرتغال.
ما تشهده القارة البيضاء من تفجيرات انتحارية وعمليات إرهابية، في مناطق متفرقة، أرهق عقول مسؤولي كرة القدم في القارة، خاصة مع قرب انطلاق بطولة كأس الأمم الأوروبية، ثاني أكبر البطولات الكروية العالمية، والمقرر لها العاشر من يونيو المقبل. لعل أكثر ما يثير مخاوف فرنسا، البلد المضيف للبطولة، والتي شهدت في نوفمبر الماضي تفجيرات انتحارية زلزلت باريس، أن تتكرر العمليات الإرهابية.
وقد أثارت تصريحات جيانكارلو أبيتي نائب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، قلق جماهير كرة القدم الأوروبية، التي تنتظر يورو 2016 بفارغ الصبر، حيث أعلن في تصريحات لإذاعة فرنسا أخيرا، عدم استبعاد فكرة إقامة البطولة دون حضور الجماهير، خوفا من الإرهاب. وقال أبيتي، إن العالم ينتظر تاريخ العاشر من يونيو لانطلاق منافسات أمم أوروبا، لكن الحدث قد يتم خلف الأبواب المغلقة بسبب العمليات الإرهابية، خاصة أنها من البطولات الكبرى التي لا يمكن تأجيلها أو إلغاؤها، وهي التصريحات التي وصفتها صحف إنكليزية بـ”الصادمة”.
المخاوف انتقلت إلى القارة اللاتينية، حيث تستضيف البرازيل دورة الألعاب الأولمبية 2016 والتي تعد أكبر تجمع رياضي
مخاوف كبيرة
لم تعرف ملاعب كرة القدم تلك المخاوف من قبل، وكانت مشاهدة مباريات كرة القدم، خاصة في أوروبا، أقرب للتنزه، غير أن تلك الملاعب باتت تبحث عن خطط واستراتيجيات أمنية، خوفا من وقوع الكوارث. ولأن البطولة ربما تكون فرصة أمام الجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتها، لجأت الحكومة الفرنسية إلى استدعاء قوات منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، والقوات الجوية البريطانية الخاصة، لتأمين البطولة بالكامل، بداية من معسكرات التدريب وحتى ملاعب المباريات، بعد البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عقب تفجيرات بروكسل، وأعلن أن توفير الأمن والأمان هو أولوية اللجنة المنظمة.
وقال البيان، إن اللجنة المنظمة وجميع المساهمين في تنظيم البطولة، سوف يوحدون عملهم وسيتابعون بانتظام معدل المخاطرة بالنسبة إلى البطولة، وفقا لخططهم التنظيمية، وكانت اللجنة تعمل مع السلطات لتطوير أفضل طريقة عمل لضمان الأمن.
وأمام بعض الأصوات التي طالبت بإلغاء أو تأجيل يورو 2016، أعلنت باريس تحديها للإرهاب، وبادرت الشرطة الفرنسية بإجراء بروفات حية لعمليات مواجهة أي عمليات إرهابية محتملة، سواء داخل أو خارج الملاعب التي تستضيف البطولة الكبرى.
العمليات الإرهابية وإن انتقلت من المنطقة العربية إلى أوروبا، فإنها تلقي بظلالها السلبية على كرة القدم، بل على الرياضة بأكملها، ومع وقوع الحوادث الكبرى، يصبح الكل منصاعا لأوامر الجهات الأمنية. وبمجرد وقوع تفجيرات باريس، لجأت بعض حكومات الدول الأوروبية لإصدار قرارات عاجلة، بإلغاء عدد من المباريات الدولية الودية، حتى أن بلجيكا نفسها كانت أول تلك الدول، وألغت مباراة ودية كان من المقرر أن تجمع بين منتخبي بلجيكا وأسبانيا، بينما اضطرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى الاستجابة لتحذيرات وزارة الداخلية، ووافقت على إلغاء مباراة ودية كانت ستقام بين ألمانيا وهولندا. وحملت تفجيرات بروكسل، بعض الحكومات الأوروبية عل إعادة النظر في المباريات الودية الدولية التي من المقرر أن تخوضها المنتخبات خلال الفترة المقبلة.
لم تعد المخاوف من اقتراب انطلاق بطولة أمم أوروبا فقط، بل انتقلت إلى القارة اللاتينية، حيث تستضيف البرازيل دورة الألعاب الأولمبية “ريو دي جانيرو 2016” والتي تعد أكبر تجمع رياضي على مستوى الكرة الأرضية، من حيث عدد الدول المشاركة واللاعبين.
أبيتي قال إن العالم ينتظر تاريخ العاشر من يونيو لانطلاق منافسات أمم أوروبا، لكن الحدث قد يتم خلف الأبواب المغلقة
وذكرت صحيفة “ستادو دي ساو باولو” البرازيلية أن مخاوف السلطات البرازيلية خلال دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في أغسطس المقبل، تتركز على الهجمات الإرهابية. ولفتت الصحيفة إلى تقارير صادرة عن جهات أمنية برازيلية، تفيد بأن التنظيم سيسعى إلى تجنيد بعض الشباب البرازيليين للانضمام إلى إحدى مجموعاته التي يطلق عليها مجموعة “الذئاب المنفردة”، وهم الأفراد الذين يقومون بأعمال عنف بشكل منفرد، دون أن تربطهم علاقة واضحة بالتنظيم وغير مدرجين ضمن لائحة الشخصيات الإرهابية، ما يضمن لهم حرية الانتقال وتنفيذ عمليات إرهابية في أي دولة من دون أن يكونوا تحت المراقبة.
وأوضحت الصحيفة أن الأجهزة الاستخباراتية سلمت تقارير وافية للرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، ذكرت فيها أن الخطر الأكبر خلال أولمبياد ريو 2016، يتمثل في التظاهرات والاحتجاجات، فضلا عن الهجمات الإرهابية.
كلاسيكو الأرض
وإذا انتقلنا إلى أسبانيا، التي تنتظر المباراة المهمة التي ستجمع بين برشلونة وريال مدريد بالدوري المحلي، وهي المباراة التي يطلق عليها “كلاسيكو الأرض”، والمقرر لها الثاني من أبريل القادم، فنجد أن الهلع يسيطر على الجهات الأمنية، خشية وقوع عمليات إرهابية.
ونقلت تقارير إعلامية أسبانية تحذيرات الخبراء الأمنيين من عودة جهاديي أوروبا المنضمين للتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، ولفتت إلى أن المشكلة تكمن في أن هناك مجموعات جهادية، من أصل أوروبي، وبالتالي ليست لديهم أي مشاكل تعوق تحركاتهم ودخولهم الملاعب، وهو ما حدث في تفجيرات بلجيكا، حيث كشفت التحقيقات الأمنية أن منفذي الهجوم يحملون الجنسية البلجيكية.
وأعلنت الأجهزة الأمنية الأسبانية، حالة تأهب تحسبا لأي عمل إرهابي، وأن قوات الأمن في برشلونة وضعت خططا سرية لكشف هؤلاء الجهاديين، كما أن تركيا نفسها المتهمة بإيواء الإرهابيين، شهدت تفجيرات إرهابية قبل أيام، ما تسبب في تأجيل مباراة الديربي التركي بين قلعة سراي وفناربخشه.