بين المدفعجية والحطاب صبر أوشك على النفاد

الأحد 2016/03/20

ربما لن يكون بمقدور المدرب الفرنسي أرسين فنيغر أن يسير على منوال الأسكتلندي أليكس فيرغسون المدرب السابق لمانشستر يونايتد الذي استمر بتدريب الفريق لأكثر من 23 سنة، ونجح معه في الحصول على عدة ألقاب سواء محلية أو أوروبية، وخاصة بعد الحصول على لقب دوري الأبطال في مناسبتين، وهذا الأهم.

وربما لن يكون بمقدوره أن يحقق حلمه المستمر في الظفر بلقب أوروبي يخلّد به تاريخه مع “المدفعجية”، خاصة وأن الصبر طال أكثر من اللزوم ولم يتحقق المراد.

لقد أوشكت تجربة عشرين سنة بالتمام والكمال بين المدرب فينغر ونادي أرسنال الإنكليزي على النهاية، نعم ربما يكون الموسم الحالي لفينغر “الحطّاب” هو الأخير في مسيرته الممتدة من عام 1996 مع “الجانرز”، فعدة معطيات تفيد أن هذا “الزواج” الناجح نسبيا يوشك أن يغدو فراقا لا مفرّ منه.

السبب في ذلك يعود إلى نفاد الصبر عن “الحطّاب” الذي بات اليوم عاجزا عن مجاراة الفرق القوية، ولم يقدر على أن يشكل فريقا مهابا رغم كل الإمكانات المرصودة أمامه كي يطلب ما يشاء ويتعاقد مع من يشاء.

في سنواته الأولى مع “المدفعجية” كانت الحكمة والرؤية الثاقبة سلاحه الأول، لقد وجد فريقا يضم العديد من اللاعبين الجيدين على غرار الهولندي دينيس بيركامب، فنجح بسرعة وقاد الفريق إلى تحقيق بعض النجاحات المحلية، ليضمن بذلك البقاء في المقام الرفيع، خاصة وأن الجميع في النادي بات معجبا بطريقته في التعاقد مع بعض اللاعبين الشباب والمغمورين قبل أن يقودهم إلى البروز والتألق، ومن ثمة “بيعهم” بأسعار عالية لفرق أخرى.

نجاح فينغر الذي يعرف بـ”الحطّاب”، يعود إلى أنه يحذق جيدا جمع اللاعبين الذين يبدو عودهم طريا، ومن ثمة يقوم بتشكيل مجموعة قادرة كل موسم على لعب الأدوار المتقدمة في الدوري المحلي، وأحيانا ينجح معهم في التقدم ضمن المسابقات الأوروبية ما يمكن النادي من كسب امتيازات مالية قيمة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وهكذا دواليك، إذ في كل موسم يعمل “الحطّاب” على اكتشاف اللاعبين الشبان من فرق أخرى، وكثيرا ما يتم التعاقد مع لاعبين لا تتجاوز أعمارهم الـ17 ربيعا، وبسياسة التكديس هذه يوفّق في تكوين فريق متماسك وقويّ ولا يكلّف خزينة النادي كثيرا، بل في بعض المواسم يتوصل إلى الحصول على بعض الألقاب المهمة على غرار ما حصل سنوات 1998 و2002 و2004 عندما قاد أرسنال إلى الحصول على لقب الدوري الإنكليزي.

والأهم من ذلك كله، أن نجاح فريق يتكون من نجوم من الصف الثاني في بلوغ الدور النهائي لدوري أبطال أوروبا سنة 2006، زاد في ترسيخ القناعة لدى الجميع أن هذا المدرب بمقدوره القيام بإنجازات أفضل من ذلك بكثير لو توفر له المال والعتاد كي يتعاقد مع أيّ لاعب موهوب، مهما كان ثمنه باهظا.

هذه السياسة الجديدة التي تبنتها إدارة الأرسنال توضحت خلال السنوات الأخيرة، حيث منح مسؤولو النادي الضوء الأخضر لفينغر كي يتعاقد مع أيّ لاعب يشاء، وهو ما حصل فعلا خلال الموسم الماضي عندما تم التعاقد مع لاعبين كبار مثل مسعود أوزيل النجم السابق لريال مدريد وأليكس سانشيز مهاجم برشلونة.

ومع ذلك، لا شيء تغيّر نحو الأفضل في الفريق، بل يبدو أن إدارة “المدفعجية” ندمت كثيرا على تغيير سياستها لأن فينغر “الحطّاب” أضاع فأسه، وأظهر أنه لم يعد قادرا على تحمل المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه.

لقد بدأ فينغر في خسارة الحصانة التي كان يتمتع بها، إذ لم يعد التتويج بكأس الاتحاد الإنكليزي أو الحصول على المركز الثاني في الدوري المحلي يغري الجميع.

وما يزيد في شعور أحباء الأرسنال بالغبن الموسم الحالي أن فريقهم بدا وكأنه كان يمسك بالماء بأياد غير متشابكة، بل هو فريق يطارد الوهم وسط كوكبة من الفرق الأخرى التي تحسنت وتطور مستواها، رغم أن إمكاناتها المالية والبشرية لا ترتقي لما هو متوفر في الفريق.

لم يستفد فينغر وفريقه هذا الموسم من تواصل تراجع مستوى مانشستر يونايتد وليفربول وتراجع مستوى تشيلسي ومانشستر سيتي أيضا، وبعد خروجه المتكرر سنويا من دوري الأبطال، يبدو أن حلم الحصول على لقب الدوري المحلي بات بدوره صعب المنال، ولهذا السبب أوشك الصبر أن ينفد، وربما المعجزة قد تنقذ هذه الزيجة من خطر “الطلاق” في نهاية الموسم الحالي.

المعجزة تكمن في نجاح فينغر بتدارك خيباته المحلية وإزاحة ليستر سيتي وتوتنهام من طريقه، ثم الصعود إلى المركز الأول وإنهاء منافسات الدوري في الصدارة، هذا الأمر لوحده قد يحافظ على رابط عشرين عاما بين “المدفعجية” و”الحطّاب”، وأيّ نتيجة أخرى تعني أن موسم أرسنال كان فاشلا، وبالتالي فإن الفراق سيكون واقعا حتميا ومفروضا ولا مناص منه، لأن الصبر سينفد حينها بكل تأكيد.

كاتب صحافي تونسي

23