سيميوني يتلقى دعوة من حبيب قديم
بضعة أشهر تفصلنا عن انتهاء منافسات أغلب الدوريات الأوروبية الكبيرة، وبعد ذلك يبدأ الجميع في الإعداد للموسم الموالي، عجلة تدور وتكاد لا تهدأ، والكل يريد أن يكون القادم أفضل وأحلى.
هكذا ربما يمكن أن نصف حال الأندية الإيطالية التي تريد منذ سنوات نفض غبار الإخفاقات المتتالية وتعود إلى الواجهة من جديد، الأمر ينطبق على إنتر ميلان الذي مازال يعيش على أطلال الماضي القريب، هو ماض ساهم في صنعه المدرب البرتغالي المحنك جوزيه مورينهو وزمرة من النجوم المتألقين الذين قادوا الفريق مع نهاية سنة 2010 إلى الحصول على أغلب الألقاب المحلية والقارية والدولية أيضا.
ومع ذلك، سقط الفريق بعد ذلك في مستنقع عميق لم يخرج منه رغم كل محاولات الانتشال البائسة، إذ تم التعاقد مع عديد اللاعبين والمدربين، بيد أن الأمر لم يتغير، قدم رئيس جديد وممول ثري، غير أن الوضع ظل على حاله. إذن، فما المطلوب كي يستعيد هذا الفريق بعضا من ذكرياته المشرفة؟ الحل هو استعادة ذكرى حبيب قديم، حبيب تجمعه بالإنتر علاقة مودة ومحبة دامت لفترة زمنية عاش خلالها الطرفان ذكريات جميلة خلال أواخر تسعينات القرن الماضي.
هذا الحبيب هو المدرب الحالي لنادي أتليتيكو مدريد دييغو سيميوني، هذا المدرب الناجح والبارع والذي بات اليوم يحتل مركزا متقدما في “سوق” المدربين العالميين وأضحى هدفا معلنا لعدة أندية قوية وعريقة.
بالعودة إلى تفاصيل تلك العلاقة الحميمية فقد حقق سيميوني، الذي كان في السابق لاعبا ماهرا ومتميزا مع المنتخب الأرجنتيني، نجاحا لافتا مع الإنتر حيث لعب معه حوالي 75 مباراة سجل خلالها 15 هدفا رغم أنه ليس مهاجما هدافا، وساهم في تألق الفريق فترة وجود البرازيلي رونالدو، وكسب مكانة رفيعة في قلوب عشاق الفريق.
وبما أنه لاعب يهوى المغامرة والتحديات فقد أراد تغيير الألوان وانتقل بعد تلك التجربة إلى نادي لاتسيو، علما وأنه قبل الانضمام إلى الإنتر خاض عدة تجارب سابقة أبرزها مع أتليتيكو مدريد الذي عاد إليه بعد سنوات مدربا بعد أن كان من أبرز نجومه في التسعينات عندما كان لاعبا.
اليوم بات سيميوني المرشح الأول والأبرز لإعادة ترتيب بيت الإنتر، إذ لا يرى أحباء الفريق بديلا عنه كي يكون الربان القادم للفريق الأسود والأزرق خلال المواسم الماضية، خاصة وأن علاقة الحب والمودة لم تنته أبدا، رغم كثرة تنقلات سيميوني وارتباطه العاطفي بالأتليتيكو منذ سنوات طويلة.
لقد صنع سيميوني ربيع أتليتيكو لسببين، أولهما العلاقة الوطيدة التي تربطه بالفريق الأسباني، وثانيهما أسلوبه وفلسفته في التدريب والتي ترتكز أساسا على تأمين الجانب الدفاعي ومن ثمة التفكير في الهجوم.
وبما أن هذين الشرطين قد يتوفران في تجربة مماثلة بين سيميوني والإنتر، فإن كل القائمين على الفريق الإيطالي بدأوا منذ فترة في إعادة الحب القديم ومغازلة المدرب الأرجنتيني الذي لم ينس أبدا تلك التجربة السابقة له مع الفريق.
بدأت التحركات وانطلقت وسائل الإعلام الإيطالية في بث أخبار مفادها وجود رغبة قوية للغاية من قبل مسؤولي الإنتر للتعاقد مع سيميوني، خاصة وأن أسلوب التدريبي يتماشى بشكل كبير مع رغبات وحاجيات الفريق.
بيد أن إحياء الحب القديم لن يكون سهلا بالمرة، في ظل تمسك الأتليتيكو بمدربه الذي نجح في بضع سنوات قليلة أن يخرج الفريق من المراكز الخلفية إلى دائرة الأضواء، بل ويقوده إلى التتويج بلقب الدوري والوصول إلى نهائي دوري الأبطال، والأهم من ذلك أن سيميوني أصبح “أيقونة” الأتليتيكو ونجمه الأول دون منازع، رغم مرور عدة لاعبين رائعين على الفريق ساهم هذا المدرب في تألقهم على غرار دييغو كوستا وراداميل فالكاو.. والثابت أن الإنتر سيجد منافسة قوية من الفريق الأسباني في معركة إثبات الجدارة بالارتباط العاطفي بهذا المدرب الألمعي، خاصة وأن سيميوني مرتبط بعقد مع أتلييتكو مدريد يمتد إلى سنة 2020.
معركة ثانية سيتعين على الإنتر كسبها، حيث لن يجد الفريق طريقة مفروشة بالورود لاستقطاب هذا الحبيب القديم، بما أن تشيلسي الإنكليزي يبدو بدوره مرشحا قويا لإغراء سيميوني وكسب وده والارتباط به بعد موسم سيء لم يجن خلاله الفريق اللندني الكثير، بل باءت علاقته العاطفية بالمدرب البرتغالي جوزيه مورينهو بالفشل وفك الارتباط من جديد.
وبما أن هذه المعركة لن تكون سهلة فقد بدأ القائمون على الفريق الإيطالي في اتّباع استراتيجية تعتمد على بعض المعطيات من بينها الارتباط العاطفي بين الطرفين، حيث لا يزال سيميوني يحتفظ بذكريات رائعة عن تجربته عندما كان لاعبا في الإنتر، فضلا عن إغرائه بمهر غال يتمثل في منحه امتيازات مالية تجعله في صورة الموافقة أحد أغلى المدربين في العالم، فهل يقبل سيميوني الدعوة ويجدد حبه للإنتر؟
كاتب صحافي تونسي