بيع الحرام.. للكفار!
لم أكن قد علمتُ بالتحاقه بصفوف السلفية الجهادية عندما جاء عندي إلى بيتي حاملا معه ما يناهز عشرين رواية من روايات الكاتب السّعودي عبدالرحمان منيف، ضمنها خماسية مدن الملح. كان يريدني أن أشتريها منه بأي ثمن.
هكذا، بفضل “توبة” صاحبنا أغنيتُ خزانتي بالعشرات من الكتب “الكفرية” وبثمن زهيد حددت قيمته بنفسي ودفعته له على أقساط لم أكملها في الأخير طالما أن صاحبنا اختفى فجأة أو توارى على حين غرة أو هاجر إلى أرض الله الواسعة فانقطعت أخباره.
تساءلت: لماذا تركني أحدد الثمن بنفسي وبلا نقاش؟ لماذا منحني التفويض المطلق لكي أحدد السعر والأقساط والدفعات؟ كيف سولت له نفسه أن يبيع كتبا يراها ضدّ الدين؟ أليس بيع الحرام حراما؟
قبل بضعة أشهر زرت مدينة صغيرة تقع بأقصى شمال المغرب وتعاني من مشاكل التهريب، فأخبرني بعض الأصدقاء عن وجود ملتحين متخصصين في تهريب البضائع من المناطق الأسبانية إلى داخل المغرب. المشكلة عند هؤلاء لا تتوقف عند حدود التهريب، وإنما تبلغ مستوى تهريب المواد منتهية الصلاحية، ما يهدد الصحة العمومية. والسؤال، هل مثل هذا الضرر الكبير قابل للتبرير؟ لا أستبعد أن يكون الجواب هو نعم.
قال لي محاوري يوما: الجميع يمارس الكذب، الجميع يمارس الاحتيال، الجميع يمارس الغش، فلا داعي لتركيز النقد على جهة بعينها. قلت له: لكن الأسوأ من هؤلاء من يبررون كل ذلك باسم الدين.