أنشيلوتي يبحث عن التكريم والتعويض

الأحد 2015/12/13

عندما فاز ريال مدريد الموسم قبل العام الماضي وتحديدا سنة 2014 بلقب دوري أبطال أوروبا رفع المدرب الإيطالي على الأعناق وأشاد به الجميع في مدريد، كيف لا وهو من صنع المجد من جديد وساهم في حصول الفريق الملكي على “العاشرة” نسبة للكأس رقم عشرة في تاريخ مشاركات الفريق ضمن أمجد الكؤوس الأوروبية.

ومع ذلك وبعد موسم واحد فقط تغيرت الصورة تماما، وبات أنشيلوتي في نظر القائمين على إدارة الفريق الملكي مصدر “فشل”، بما أن الريال خرج الموسم الماضي خالي الوفاض من جميع المسابقات.

لقد غادر المدرب الإيطالي رغم أن أغلب أنصار الفريق يدركون جيدا كم كانت جميلة تلك الأيام التي قضاها أنشيلوتي في البيت الملكي، وكم كانت العلاقة رائعة بينه وبين اللاعبين والأحباء على حد سواء.

اليوم وبعد أقل من نصف سنة من البطالة الاختيارية، بما أنه لم يرغب بعد إقالته من تدريب الريال تولّي مهمة التدريب سريعا رغم كثرة العروض خلال الصائفة الماضية، عاد اسم كارلو أنشيلوتي للتداول من جديد، وهذه المرة بشكل أوضح وأكبر بكثير مما حصل في بداية الموسم، حيث اعتبره البعض أنه المرشح الأبرز من بين المدربين المعروفين في أوروبا كي يحصل على عرض مغر وهام.

في أحدث الأخبار أشارت عدة وسائل أوروبية أن أنشيلوتي لديه عدد من العروض الجيدة، وبات مرشحا لتولي منصب المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد في حال فشل المدرب الحالي لفريق “الشياطين الحمر” لويس فان غال في تحقيق لقب هذا الموسم.

وارتبط اسم أنشيلوتي أيضا بتدريب نادي زينيت سان بيترسبرغ الروسي الذي يرى مسؤولوه أن المدرب الإيطالي هو الأقدر على قيادة الفريق إلى التألق الأوروبي، وبالتالي خلافة المدرب الحالي فيلاش بواش الذي أعلن مؤخرا أنه لن يواصل المهمة.

ربما يعتقد البعض أن أنشيلوتي هو بمثابة “المهدي المنتظر” والربان القادر على قيادة كل السفن إلى برّ الأمان مهما كانت الرياح عاتية والأمواج مرتفعة، فمسيرة أنشيلوتي كمدرب مقتدر تتماهى مع أفضل المدربين “الطليان” عبر التاريخ، إذ نجح هذا المدرب في الفوز بأغلب الألقاب الممكنة، حيث توج بكأس دوري الأبطال في ثلاث مناسبات ونال لقب الدوري في ثلاث بطولات مختلفة ورفع عاليا كأس العالم وكأس السوبر.

الأهم من ذلك كله أن المدرب المتميز درّب في أربع بطولات وتحديدا في إيطاليا وإنكلترا وفرنسا وأخيرا أسبانيا، وفي المحصلة يبدو رصيد هذا المدرب رائعا ومميزا ومغريا دوما للتعامل معه.

ربما يبقى أيضا سر نجاح أنشيلوتي هو حسن تعامله مع اللاعبين والمحيطين به، فهو ليس بالمدرب الشرير أو القاسي أو المتغطرس، بل هو قادر دوما على التعامل مع اللاعبين وكأنه فرد منهم، والدليل على ذلك ما حصل في تجربتيه الأخيرتين مع باري سان جيرمان عندما امتدح أغلب نجوم الفريق الباريسي طريقة عمل هذا المدرب، ثم مع ريال مدريد عندما عبر كل اللاعبين عن تعاطفهم التام معه بعد صدور قرار الإقالة من قبل إدارة النادي المدريدي.

هو مدرب ينجح بالفطرة عبر “عبقريته” في التعامل مع المحيطين به، وهو ليس من المدربين الذين يفتعلون المشاكل، همه الوحيد تطبيق أسلوبه الخاص وقيادة الفريق الذي يدربه إلى النجاح والتتويجات.

صحيح أن لكل مدرب هفواته وعيوبه وعثراته، وما حصل له مع ريال مدريد في الموسم الماضي لم يقلل أبدا من قيمته، فهو محبوب من الجميع وأسهمه في بورصة المدربين ظلت مرتفعة رغم الخروج القاسي والموجع من القلعة البيضاء.

لهذا السبب حان وقت التعويض والتكريم، وهذا الأمر تأكد من خلال كثرة العروض وتهافت الجميع عليه، ففضلا عن ربطه بمانشستر يونايتد يرى البعض أن أنشيلوتي سيكون مطلوبا خلال الأشهر المقبلة من عدة أندية قوية سواء في إيطاليا أو خارجها، حيث يحلم مسؤولو الميلان في التعاقد معه، وكذلك اليوفي لا يستبعد أن يتعامل معه مجددا في صورة إخفاق مدربه الحالي أليغري، والقائمة طويلة وربما تضم أيضا تشيلسي الإنكليزي ودورتموند الألماني.

لقد حان الوقت إذن كي يستعيد المدرب المحبوب مكانته ضمن قائمة أغلى المدربين في العالم، ولهذا السبب لن ينتظر طويلا بما أن الحنين إلى الأجواء المشحونة في الملاعب بات يشكل ضغطا قويا على المدرب الإيطالي كي يستعيد كبرياءه ومكانته المرموقة.

وبين هذا العرض والآخر، فإن صاحب الأمجاد والبطولات سيفاضل بين مجمل هذه العروض المحتملة، لكنه ربما يختار من حيث انتهى مواطنه فابيو كابيلو الذي عمل طويلا في روسيا مع المنتخب الأول، والوجهة قد تكون الفريق الروسي زينيت الذي حقق في مرحلة المجموعات لدوري الأبطال نتائج مذهلة جعلته يتأهل إلى المرحلة المقبلة في المركز الأول في مجموعته.

وبما أن أنشيلوتي من المدربين الذين يحبذون التعامل مع المخاطر والتحديات، فإنه قد يبحث عن التعويض من بوابة المعسكر الروسي، علّه ينجح مستقبلا في تحقيق ألقاب جديدة لا تقل قيمة عمّا حققه في السابق.

كاتب صحفي تونسي

23