خطة لارسون تحمل طوق الخلاص لبرشلونة

الأحد 2015/10/18

هل كتب على برشلونة أن يعاني الموسم تلو الآخر؟ وهل يمكن أن يستمد قوته ومواصلة طريق المجد والتتويجات من تألقه الموسم الماضي عندما أحرز ثلاثيته الرائعة المتمثلة في كأس دوري الأبطال أوروبا وبطولتي الدوري والكأس المحليين؟ وهل بمقدوره تكرار هذا الانجاز للموسم الثاني على التوالي مع مدربه لويس إنريكي؟

أسئلة تحتمل عديد الإجابات والمقاربات، لكن الثابت من خلال قراءة للوضع الراهن أن مستقبل إنريكي على المحك، واستقرار نتائج برشلونة لا ينبني إلاّ بوجود زمرة من النجوم القوية للغاية والقادرة على تحقيق المعادلة الصعبة في صورة غياب أحد النجوم الحاليين، وفي مقدمتهم اللاعب الموهوب و”روح” الفريق الكاتالوني أي ليونيل ميسي.

فيما مضى من الزمان وتحديدا خلال السنوات العشر الأخيرة كانت نتائج برشلونة مرتبطة شديد الارتباط بمستوى ميسي، إذ عندما يتراجع أداء النجم الأرجنتيني يتراجع المستوى العام للفريق، وعندما يغيب ميسي بسبب الإصابة يسقط الفريق في دوامة النتائج السلبية، أما في حال بروزه وتألقه فإن برشلونة يتحول إلى قوة رهيبة قادرة على بث الرعب في قلوب كل المنافسين.

هذا المعطى لا يبدو خافيا على أحد، ولكنه يبقى المشكل الأساسي الذي لم يجد له المشرفون على النادي وكافة المدربين الذين تداولوا على تدريبه أيّ حل تجاهه.

خلال بداية الموسم الحالي عادت إلى الأذهان تلك الذكريات السيئة التي عرفها النادي في الموسم قبل الماضي، عندما خرج في أعقاب موسم مرهق بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها، ودفع مدربه الأرجنتيني السابق تاتا مارتينو الثمن غاليا، والسبب في ذلك معروف للجميع ويتمثل في تعرض النجم الأوحد والأول والمدلل ميسي لإصابة في عز المنافسات، ليتأثر الفريق ككل ويخسر كل شيء في الأمتار الأخير من السباق.

عادت هذه الذكريات المزعجة بعد تعرض ميسي إلى إصابة قوية ستحرمه من الظهور لفترة طويلة نسبيا، والحصيلة الأولية لهذه الخسائر هي تعرض الفريق إلى الخسارة في مباراتين ضمن منافسات الدوري المحلي، فضلا عن تراجع الأداء الجماعي للفريق.

وما زاد الطين بلة أن إصابة ميسي جاءت في وقت سيئ للغاية يعاني خلاله الفريق من عدة غيابات أخرى، أبرزها غياب نجم الوسط إينييستا الذي يعاني بدوره من إصابة حادة، ضاعفت من محن برشلونة وهو ما تجلى على وجه الخصوص في مباراة الأسبوع السابع ضد إشبيلية عندما انحنى الفريق وخسر بنتيجة 2ـ1، ولم يقدر الثنائي نيمار وسواريز على فعل أيّ شيء في ظل غياب النجمين ميسي وإينييستا.

وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، فإن القرار السابق بحرمان برشلونة من التعاقدات إلى موفى العام الحالي جعل الفريق ومدربه إنريكي في ورطة يصعب التخلص منها، إلاّ في صورة تعافي ميسي ثم إينييستا.

ربما لم تفكر إدارة الفريق في هذا السيناريو المزعج خاصة وأن برشلونة مقبل على مشاركة هامة خلال شهر ديسمبر المقبل في منافسات كأس العالم للأندية، لكن يبدو أنها اقتنعت اليوم وأكثر من أيّ يوم مضى أنه من الضروري والحتمي التعاقد مع نجوم آخرين يكون بمقدورهم القيام بأدوار البطولة الثانوية في غياب النجوم الأساسيين.

لقد استحضر القائمون على الفريق الكاتالوني تجربة فريدة من نوعها حدثت منذ عشر سنوات بالتمام والكمال، ففي موسم 2005-2006 عانى الفريق من عديد الإصابات والغيابات، ففكرت إدارة النادي آنذاك بالتعاقد مع اللاعب السويدي المتقدم في السن هنريك لارسون، حيث قدم إلى برشلونة وهو في سن الثالثة والثلاثين من العمر، ليلعب لفترة قصيرة وكأنه قدم من أجل مهمة لا تدوم فترة طويلة.

تلك التجربة كانت رائعة وناجحة إلى أبعد حد، بما أن النجم السويدي الذي لعب دور المعوض الناجع ساهم في حصول برشلونة على لقبى الدوري المحلي ودوري الأبطال، إذ سجل 12 هدفا في مباريات حاسمة وهامة للغاية، ليخرج بعد انتهاء الموسم في ثوب البطل المنقذ الذي حرر برشلونة من الضغوط والقيود وقاده إلى المجد.

اليوم وقبل حوالي شهرين ونيف، ينتظر القائمون على النادي على أحرّ من الجمر انتهاء مدة العقوبة المسلطة عليه، كي يقدر على الدخول إلى سوق التعاقدات بخطى واثقة وحثيثة لتعزيز صفوف الفريق الذي أنهكته الغيابات والإصابات. لقد برز في هذا السياق اسم النجم الهولندي روبن فان بيرسي الذي صال وجال كثيرا في الملاعب الإنكليزية مع أرسنال ثم مانشستر يونايتد، قبل أن يختار الرحيل قبل الموسم الجديد إلى تركيا وتحديدا إلى نادي فنربخشة.

هذا اللاعب يبدو أنه الأجدر والأقدر من وجهة نظر إدارة برشلونة على تجديد تجربة السويدي لارسون، إذ أن نجم منتخب هولندا يتطلع إلى استعادة أمجاده رغم بلوغه سن الثانية والثلاثين، ولعل الدخول في دائرة اهتمام برشلونة قد يعني بالضرورة البقاء لفترة أطول ضمن دائرة الشمس واللعب مجددا مع الكبار.

كاتب صحفي تونسي

23