آفاق السلام في الشرق الأوسط قاتمة

تعدّ البحرين من أبرز الأمثلة على المؤامرات الإيرانية التي تسهدف أمن دول المنطقة واستقرارها، وذلك عبر تأجيج الفتنة الطائفية وزرع خلايا وأذرع تحرّكها متى رأت ذلك مناسبا.
وثبت بالحجج والأدلة، وقوف إيران خلف الاضطرابات التي يشهدها الشارع البحريني من حين لآخر منذ سنة 2011، سواء بتدريب وتمويل المعارصة ومثيري الشغب في الشوارع أو بتوفير الغطاء الإعلامي لهم.
وفي كل مرة تفشل طهران في جعل المملكة الخليجية ساحة لتصفية حساباتها الإقليمية وتحويلها إلى بؤرة للتوتر في منطقة الخليج العربي، إلا أن ذلك لم يمعنها من مواصلة مؤامراتها مستغلّة الوضع في منطقة الشرق الأوسط وتداعياته على الدول الإقليمية، حيث أكّد وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، خلال محاضرة نظمها المعهد الدولي للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعنوان “آفاق السلام في المنطقة وسبل تحقيق ذلك”، بمشاركة الرئيس التركي السابق عبدالله غول، ورئيس المعهد الدولي للسلام تيري ريد لارسن ونخبة من المسؤولين والدبلوماسيين والأكاديميين، أن المنطقة تتعرض للكثير من الضغوطات ويجب أن نتعاون لمواجهة تلك التحديات، مشيرا إلى أن الإرهاب الأخطر هو الذي ترعاه دول كإيران.
وأشار الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إلى أن طهران عيّنت نفسها حامية للشيعة منذ الثورة الإسلامية، ما أثار المشاكل في المنطقة، وردعها يستوجب تكاتف دول الإقليم مع بعضها البعض لحل الأزمات، مشيرا إلى أن “دول مثل مصر والسعودية والإمارات وباقي دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تدرك أنها لاعب مهم وقادر على البناء وأن يساعد بعضها البعض”.
وبشهادة الخبراء الدوليين، نجحت البحرين في تفادي الوقوع في فخّ المؤامرة الإيرانية التي حاولت الاستثمار في بعض التحركات البحرينية التي طالبت بإجراء إصلاحات على الدستور والحكومة؛ الأمر الذي استجابت له السلطة في المملكة ضمن منظومة إصلاحية شاملة، قطعت مع مطامع إيران التي حوّلت تركيزها على دول إقليمية أخرى، ذات أهمية اسراتيجية، وكثّفت من تحرّكاتها في العراق وسوريا واليمن، الأمر الذي يستوجب، وفق الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، تركيز دول المنطقة على حماية شعوبها والعمل على تنمية مجتمعاتها وحماية حدودها الجغرافية تحسّبا للأخطار المحدقة بالمنطقة والتي تبدأ بالمؤامرات الإيرانية ولا تنتهي عند تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال وزير الخارجية البحريني إن المنظمات الإرهابية مثل داعش، ليست جديدة وإنما هي نتاج تحول للقاعدة، و”هذه المنظمات الإرهابية بتنا نعرفها ونحاربها يوميا، لكن هناك إرهاب أخطر مثل حزب الله الذي يتلقى الدعم من إيران من أجل تقويض الأمن في لبنان. وكذلك نقل الأسلحة إلى الكويت وتدريب جماعات في البحرين للقيام بأعمال إرهابية”.
|
وحذّر الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة من أن خطورة اللعبة الإيرانية تكمن في كونها ترتدي جلبابا دينيا وطائفيا، فإيران تقدم نفسها كـ”حام” للطائفة الشيعية، في حين أن الشيعة في البحرين مواطنون فخورون بمواطنتهم. ولمواجهة هذا الأمر يرى وزير خارجية البحرين أنه “لابد من العمل بشكل جدي وتغيير طريقة تفكير المجتمع من حيث البعد الطائفي لاسيما شكل الهوية، فالناس يرتبطون بمجموعات على أساس طائفي، لذلك لابد من التغلب على هذه المسائل التي تقسم المجتمع، ولابد من التركيز على الهوية الوطنية من أجل الأمن والسلام في البحرين والمنطقة ككل، ومتى ما فتح المجال نحو هذه الأبعاد التي تشطر الهوية الوطنية فمن الصعب التعامل معها”.
تلعب منطقة الشرق الأوسط دورا محوريا في سلام العالم واستقراره، لاسيما إذا أخذ في عين الاعتبار حجم الكوارث الإنسانية الناجمة عن عدم استقرار دول في هذه المنطقة.
الأمر الذي أكّده الرئيس التركي السابق عبدالله غول، داعيا بدوره، إيران إلى أن تكون أكثر تحفزا لإرساء علاقات إيجابية مع جيرانها. لكنه استطرد قائلا إن على طهران تغيير سياستها نحو المنطقة ككل وليس منطقة الخليج العربي فقط، بل وفي سوريا أيضا.
|
وتطرّق عبدالله غول إلى الصراع في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية في أوروبا وتأثيراتهما الاقتصادية والاجتماعية على الشرق الأوسط بنحو مباشر والعكس صحيح كذلك، فالوضع الحالي يؤثر على الجميع والأخطار كبيرة والحلول تتطلب أعمالا وجهودا شجاعة.
وقال الرئيس التركي السابق “وجهت تحذيرات جدية بأن العراق كان شكلا مصغرا للشرق الأوسط، وأن دخول الغرب العراق هو بمنزلة فتح صندوق باندورا الذي سيصعب إغلاقه مرة أخرى، ونصحت الغرب أن يكونوا حذرين في التصرف حيال احتلال العراق وقلت لهم إن هذا الصندوق تم فتحه من دون النظر إلى تداعياته في المستقبل”.
وذكر أنه تحدث قبل وقوع الحرب مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأيضا تحدث لساعات طويلة مع الرئيس السوري بشار الأسد قبل اندلاع الحرب في سوريا وطلب منه التعامل مع الناس بشكل عادل، وألا يتأخر في الإصلاحات ولكن أي من ذلك لم يتم.
وأوضح أن الفراغ في السلطة في العراق وسوريا وليبيا واليمن يجب ملؤه، وإلا فإن الحرب بالوكالة ستستمر حتما على أسس عرقية وطائفية وسيضطر الضعفاء للدخول تحت إملاءات الإرهابيين بسبب الإحباط.
وأضاف أن الائتلافات والتحالفات التي شكلت ضد الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والحوثيين أمر ضروري لأن استخدام القوة مفيد ولكنه ليس الحل الكامل، مشيرا إلى أن القوة لن تكون وحدها هي الحل، فهناك حل آخر يكمن في التسويات السياسية الصبورة التي تساعد في إيجاد حلول ممكنة.