فالكاو يتحالف مع الشرير

الأحد 2015/07/26

سيخوض المهاجم الكولومبي راداميل فالكاو تجربة جديدة وتحديا أكثر قوة، وربما يكون في الاختبار الأخير في مسيرته الرياضية ولا مجال للفشل، لأن ذلك يعني نهاية هذه المسيرة والعودة إلى نقطة الصفر، وبالتالي الخروج من نادي المشاهير من الباب الصغير.

فالكاو صاحب الـ29 عاما خاض في السابق عدة تجارب أوروبية، حيث لعب مع بورتو البرتغالي الذي قدمه للجميع كمهاجم بارع لا يشق له غبار، فانتقل بعدها إلى أتليتيكو مدريد ليعرف مع الفريق الأسباني تألقا كبيرا واستحق لقب “النمر” الكولومبي، لتتهافت عليه أكبر الأندية، بيد أنه فضّل التعاقد مع الفريق الذي قدم له أفضل عرض مادي ممكن ونعني نادي موناكو الفرنسي الذي قضى معه موسما واحدا عانى خلاله من مخلفات إصابة على مستوى الأربطة المتقاطعة.

في الموسم الماضي كان فالكاو يمنّي النفس بخوض تجربة جديدة مع فريق أكثر قوة وعراقة، فكان الانتقال على سبيل الإعارة إلى مانشستر يونايتد الذي يعيش فترة انتقالية مازالت مستمرة إلى اليوم، غير أن هذه التجربة كانت بائسة وفقيرة وغير موفقة، ولم يقدر على إقناع مدرب مانشستر لويس فان غال، لتنتهي التجربة سريعا ويغادر أسوار قلعة الأولترافورد معقل الفريق.

وفي الوقت الذي كان يتأهب خلاله للعودة إلى فريقه السابق أي موناكو فتح أمامه باب آخر للنجاة من العودة إلى الخلف وتجنب الفشل من جديد، حيث عرض عليه نادي تشيلسي المتوج الموسم الماضي بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز الانضمام إليه، وتطورت الأمور بسرعة وحدث الاتفاق لينضم فالكاو إلى كتيبة المدرب جوزيه مورينهو ويبدأ للتو تجربة جديدة وتحديا أكثر قوة وصعوبة.

فهل يقدر فالكاو على استعادة مستواه المعهود والمحافظة على مكانته ضمن نادي المشاهير، والحال أنه سيلعب في صفوف فريق لا يحصل النجاح فيه بسهولة؟ بل إن عددا كبيرا من اللاعبين دخلوا من الباب الكبير ثم غادروا من الشباك، مثلما حصل مع المصري أحمد صلاح والكاميروني إيتو والبرازيلي فيليبي لويس، وقد يحصل أيضا مع مواطن فالكاو كواردادو الذي عاش نهاية موسم صعبة للغاية مع تشيلسي؟

فالنجاح مع فريق يعج بالنجوم ومعروف بشدة المنافسة والتنافس بين لاعبيه، يبدو أمرا صعبا للغاية وغير قابل للتعويض في المستقبل، خاصة وأن قائد كتيبة هذا الفريق هو المدرب البرتغالي صاحب المزاح المتقلب والشخصية القوية جوزيه مورينهو الذي لا يتهاون بالمرة في إقصاء كل لاعب لا يتماشى مع أفكاره مهما كانت قيمته وتأثيره، فما بالك بلاعب فشل في الموسم الماضي مع مانشستر.

الثابت حاليا أن فالكاو اختار الطريق الأصعب، مقدما على خوض تحد مثير للغاية، وربما تحمل خصوصية هذا التجربة الجديدة إجابة عن السؤل السابق، بما أن التعامل مع مدرب متميز واستثنائي قد يحمل معه نجاحا استثنائيا، ولعل مورينهو، هذا العبقري الشرير مثلما يحلو للبعض تسميته، يبقى قادرا على توظيف قدرات ومهارات فالكاو بشكل إيجابي ما يساعده على النجاح.

ففي تجارب سابقة أكد مورينهو هذه النظرية، وكم من لاعب ساعده هذا المدرب على استعادة سالف تألقه ونجاحه وآخرهم الأسباني فابريغاس الذي غادر مكرها نادي برشلونة واتجه نحو تشيلسي الموسم الماضي، ليحصد نجاحا كبيرا بقيادة مورينهو ويتحول إلى أحد أفضل اللاعبين في الدوري الإنكليزي.

في السابق أيضا أحسن مورينهو توظيف مهارات عدد كبير من لاعبي الريال، وكانت أيضا نظرته صائبة بخصوص بعض اللاعبين الآخرين الذين خرجوا من حساباته.

ولهذا السبب يبدو أن فالكاو اقنتع وأدرك جيدا أن النجاح لا يتحقق، إلاّ من خلال “التحالف مع الشرير” القادر على إخراج “مارد” فالكاو والمساهمة في تعويض فشله السابق.

لقد أكد مورينهو بنفسه في حديثه عن هذه الصفقة أن فالكاو مهاجم نادر الوجود ولديه مهارات رهيبة، لكن لم يتم تقديرها سابقا في إشارة إلى تجربة اللاعب مع مانشستر، وهو ما يوحي بأن مورينهو ذاته يعرف جيدا ماذا يفعل ومع من يتعاقد.

أما دييغو كوستا نجم تشيلسي حاليا والذي شكل بمعية فالكاو ثنائيا مرعبا في السابق مع أتليتيكو مدريد فقد رحب كثيرا بالتعاقد مع المهاجم الكولومبي، مؤكدا أن إعادة النجاح السابق ممكن وبشدة، لأن فالكاو لم يفقد مهاراته وموهبته العالية.

وبالتالي فإن هذا “النمر” الكولومبي سيكون أمام فرصة مواتية لقلب المعطيات الراهنة، والتأكيد أنه لاعب استثنائي صاحب موهبة استثنائية لم يتم منحها حق قدرها في أول موسم له في الدوري الإنكليزي، وبما أن الظروف تبدو مغايرة تماما لما كان عليه الوضع في مانشستر يونايتد الذي مازال يعاني تأثيرات التغييرات الجوهرية بعد رحيل مدربه السابق أليكس فيرغسون، فإن الانضمام إلى فريق يعيش فترات زاهية ويعرف الاستقرار، يجعل من النجاح ممكنا لفالكاو وكسب هذا التحدي وارد بشدة، خاصة في ظل وجود مدرب استثنائي ماكر و”شرير” يعرف جيدا تقييم مهارات كل لاعب وحاجيات فريقه.

كاتب صحفي تونسي

23