ستيرلينغ يثير الدهشة والجدل

الأحد 2015/07/19

منذ أيام حسم الدولي الإنكليزي رحيم ستيرلينغ الشاب قراره واختار الرحيل عن ناديه السابق ليفربول، وكانت الوجهة نحو أحد أغنى الأندية في أوروبا وإنكلترا أي مانشستر سيتي صاحب لقب الدوري الممتاز الموسم قبل الماضي.

الصفقة أثارت الكثير من الدهشة والجدل، حيث أن قيمتها بلغت حوالي 49 مليون جنيه إسترليني لمدة خمسة أعوام ليصبح بذلك أغلى لاعب بريطاني في التاريخ، وثالث أغلى لاعب في الدوري الإنكليزي على الإطلاق بعد أنخل دي ماريا لاعب مانشستر يونايتد وفرناندو توريس لاعب تشيلسي السابق.

وبانتقاله إلى معقل “السيتيزن” أي المان سيتي، باتت بعض الأسئلة مطروحة حاليا في الشارع الرياضي الإنكليزي وهي: هل يستحق رحيم هذا الملبغ؟ وهل يقدر على أن يكون فعلا نجما عالميا ومؤثرا مع الفريق الأزرق الطامح خلال الموسم الجديد لاستعادة لقبه؟ وهل أصاب ليفربول فريقه السابق في التفريط فيه بعد أن كان اللاعب في الموسم الماضي نجمه الأول؟

هذه الأسئلة مردها الأول يبدو بالأساس متعلقا بمستوى ستيرلينغ وموهبته، فهو ليس ميسي أو رونالدو أو سواريز زميله السابق في “الليفر” قبل أن ينتقل إلى برشلونة، ستيرلينغ تحدثت عنه الصحافة الإنكليزية كما تحدثت أيضا مسيرته القصيرة خلال الموسمين الماضيين، فصاحب العشرين ربيعا، عاش السعادة ودلف في نادي مشاهير الدوري الإنكليزي الممتاز الموسم قبل الماضي عندما تم تصعيده من فريق الشباب إلى الفريق الأول لليفربول، ليشكل بمعية سواريز ومواطنه ستوريدج ثالوثا هجوميا مرعبا في الفريق الذي كاد يتوج بلقب الدوري قبل أن يتعثر في الجولات الأخيرة.

ففي ذلك الموسم ضرب ستيرلينغ بقوة واستفاد من وجود سواريز وبدرجة أقل ستيفن جيرارد، ليسجل عدة أهداف وضعته ضمن مهاجمي المقدمة في سباق الهدافين وساهمت في التحاقه بالمنتخب الإنكليزي في سن 19.

بيد أن الموسم الماضي كان مخيبا للآمال سواء بالنسبة إليه أو لناديه ليفربول، ولم يكن عطاؤه بالقيمة ذاتها مقارنة بالموسم الأول، ويبدو أن خروج سواريز وتعرض ستوريدج للإصابة أثر في قوته الهجومية.

هذا الفشل لم يضعف موقفه في الدوري الممتاز بما أنه بقي ضمن نجوم هذا الدوري وحافظ على إشعاعه وقيمته التسويقية، بل وكان محط أنظار عدة أندية قوية على غرار ريال مدريد ومانشستر سيتي الذي سبق الجميع وفاز بتوقيع هذا المهاجم الذي يتميز بسرعته الفائقة.

ومع ذلك بقي سعر هذا اللاعب مثار الدهشة والجدل، فكيف للاعب لا يفوق مستواه أفضل المهاجمين في العالم أن يكون أغلى لاعب إنكليزي؟. ستوريدج انتقل بموجب صفقة قياسية حطمت كل الأرقام وباغتت الجميع لتجعل منه واحدا من أكثر اللاعبين إثارة للدهشة.

فبين مؤيد لتقديم هذا المبلغ، بل وعرض سعر أعلى ورافض لتقييم ستيرلينغ بهذه القيمة انقسم متابعو الدوري الإنكليزي، وراح البعض إلى درجة عقد مقارنة بين المسيرة المتوقعة لستيرلينغ مع مانشستر سيتي وبعض النجوم السابقين الذين تم التعاقد معهم بمبالغ خيالية قبل أن يكون الفشل العنوان الأول لمسيرتهم بعد ذلك.

ومثال على ذلك فإن اللاعب الدولي الإنكليزي السابق أندي كارول اعتبر في وقت من الأوقات أغلى لاعب بعد انتقاله إلى ليفربول، غير أن مستواه تراجع بشكل ملحوظ وأصبح لاعبا عاديا، والأمثلة عديدة في هذا السياق، ما يؤكد أن مصير سترلينغ يبدو غامضا نسبيا وأن النجاح ليس مضمونا مئة بالمئة.

الثابت أيضا أن المان سيتي قد يستفيد تسويقيا وإعلاميا بنسبة معتبرة من انضمام هذا اللاعب، لكن قلة خبرته وعدم جودة مستواه مقارنة بنجوم الفريق الحاليين على غرار أغويرو، قد لا تجعله اللاعب المنقذ مثل ميسي، أو النجم الأوحد ونجم الشباك مثل رونالدو، لكن من يدري فقد يكون لوجوده ثأثير على مستوى النجاعة الهجومية للفريق بعد أن افتقدها مانشستر سيتي الموسم الماضي.

الثابت أيضا أن ليفربول لن يتحسر أبدا على رحيل هذا الفتى الشاب، فـ”جوهرته” الفاتنة تم التفريط فيها بمبلغ قياسي يرضي غرور أي مسؤول في أي فريق في العالم، ومبلغ 49 مليون جنيه إسترليني قد يساعد هذا الفريق على التعاقد مع أي لاعب آخر يكون مستواه قريبا وربما أفضل من مستوى ستيرلينغ.

وبين التكهن بنجاح هذا اللاعب مع فريقه الجديد وبالتالي البرهنة على أنه يستحق هذا المبلغ من جهة، والحديث عن وجود مبالغة ومغالاة في تقييم سعره في سوق اللاعبين العالمي، سيتعين على ستيرلينغ أن يجاهد نفسه ويحسن مستواه كي يثبت للجميع أنه صفقة رابحة وأن مانشستر سيتي لم يبلع الطعم، بل سبق الجميع وافتك صيدا ثمينا للغاية سيكون له شأن كبير في قادم السنوات.

كاتب صحفي تونسي

23