ليلة تهد الحيل
هذه هيَ ليلتي، لكنها ليست مثل حلم حياتي التي سمعتها قبل أزيد من أربعين سنة، بحانة عشتار الجميلة، على مبعدة رنّة كأسٍ من ميمنة سينما بابل ببغداد العباسية المذهلة.
ليلتي الليلة قائمة على ضجر وكدر عظيم، لذا قررت أن لا أسخّمَ مساءاتكم بسواد السياسة وقهرها. لن أكتب أبدا عن حرب النفط، ولن أدعو من الله أن يسخط سعر برميله إلى عشرة دولارات حتى يعود جلّ أصدقائي الأدباء إلى نقاء ضميرهم. سأمحو من رأسي فكرة مقارنة مدمرة بين محرقة معاذ الكساسبة، ومحرقة أربعمئة عراقيّ بملجأ العامرية البغدادي المشهور فذاك أمر داعشيّ وهذا مثله تماما.
لن أعلّق على نحيب وبكاء حرامية بغداد على طاولة ميزانية ضخمة تقوم على مئة وخمسة مليار دولار ودولارة، مع دعوة الفقراء لشدّ الأحزمة والبطون.
السياسة تفسد العقل وتهدّ الحيل وتأكل الجسم، لذلك لن أكتب الليلة إنّ الوحوش الأميركان إذا دخلوا قرية أفسدوها. لن أعلّق على قول نوري إنه لن يرشّح نفسه لرئاسة الحكومة ثانية، لكنه قد يتراجع ويترشح إذا ما أرادت الرعية ذلك.
لن أجدّد دعائي ودعوتي الصارخة بتسوير وبتأميم المؤسسة الدينية، وتحويل دنانيرها إلى الفقراء، وضلالاتها تحت طائلة القانون، تماما مثل تلاوة تأميم النفط بصوت أحمد حسن البكر البديع.
لن أكره صاحبي الذي نزع زيتوني البعث ولبس عمامة، ثم شمر العمامة واللحية ولبس الشروال والكيوة، فانترستْ بطنه بالسمك وبالطيور وبهرافي الخرفان الطيبات. لن أكرر آهتي فأكتب: آخٍ يا بلادي الحلوة، لقد قَتَلَكِ أهلُكِ والغزاة.