كروس مرة أخرى

الأحد 2014/12/14

سبق وأن تحدثنا عن اللاعب الألماني توني كروس، وتحديدا بعد مباراة نصف نهائي المونديال البرازيلي الأخير، ففي تلك المباراة التاريخية والاستثنائية ضرب المنتخب الألماني بقوة لا توصف، وهزم منتخب البرازيل البلد المنظم بسباعية كاملة، هي مباراة عرفت تألقا لافتا لتوني كروس وجعلته أحد أبرز لاعبي المونديال.

انتهى المونديال، وبدأ كروس في تجربة جديدة رائعة في مسيرته حيث انضم إلى الفريق الملكي الأسباني ريال مدريد، ومن الصدف أنه عندما تحول إلى الريال قادما من بايرن ميونيخ عوّض في وسط الميدان خابي ألونسو، الذي انتقل بدوره من الريال إلى بايرن.

ومثلما نجح هذا اللاعب الأسباني، فإن كروس استحوذ على الإعجاب والتنويه وكل عبارات الإشادة في هذه التجربة المستمرة مع الفريق الملكي.

لقد أبدع هذا الفتى الألماني وتألق كأفضل ما يكون ونجح في قيادة فريقه إلى تحقيق سلسلة من النتائج الرائعة، سواء في منافسات الدوري المحلي أو رابطة الأبطال، وتمكن في حيز زمني قصير للغاية من أن يصبح أحد الركائز الأساسية، بل قد لا تقل قيمته الفنية صلب تركيبة الفريق عن قيمة النجوم الكبار مثل رونالدو وبيل وكاسياس وبيبي..

لكن الأمر الذي قد يثير الإعجاب بهذا اللاعب حقا، أنه كان أكثر اللاعبين مشاركة في كل المباريات، إلى درجة أن مدرب الريال كارلو أنشيلوتي أكد أن كروس بمستواه الخارق وجاهزيته البدنية غير المعهودة، أجبره على الاعتماد عليه في كل المباريات، ولا يخشى أبدا أن يصاب “رمانة ميزان” وسط الميدان بأي إرهاق رغم النسق الماراثوني للمباريات.

في المباراة الأخيرة ضمن منافسات الدوري المحلي ضد ألميريا، قدم اللاعب السابق لبايرن ميونيخ مستوى رائعا ومثاليا إلى أبعد حد، وساهم في تسجيل الأهداف بفضل توزيعاته المحكمة والصائبة، قبل أن يكمل اللقاء بشكل مبهر، حيث لم يصبه أي تعب أو إعياء، وكان أكثر اللاعبين نشاطا وحيوية وتحركا فوق الميدان في هذه المباراة.

أداء رائع استحق عليه الإشادة من جديد، دفع العديد إلى الحديث عن سر هذا التألق المستمر دون أي كلل أو تراخ من قبل “الماكينة الألمانية” في تركيبة الريال، هذا الأمر تحدثت عنه كل الصحف ووسائل الإعلام وكل المحللين، حيث حاول كل طرف أن يفسر سر هذا النجاح المتتالي لكروس، وعدم شعوره بأي نوع من الإعياء أو الإرهاق.

فجاءت الإجابة مقنعة ومبررة بشكل يدفع إلى رفع القبعة أمام هذا اللاعب، الذي يعتبر من القلائل في عالم الكرة الأوروبية الذين لا يتعاطون أي نوع من أنواع الكحول أو المنبّهات، بل يحرص كل الحرص على أن تكون وجباته الغذائية صحية للغاية ولا تسبب له أيّ ضرر.

الإجابة أيضا حملتها تصريحات والده الذي كان لاعبا، حيث أشار إلى أنه نجح في غرس ثقافة الاحتراف الصحيح في ابنه عندما أشرف على تدريبه مع نادي هانزا روستوك الألماني.

فالوالد أحاط بابنه وجعل منه لاعبا لا يتهاون بالمرة مع التقيد بسياسة غذائية صارمة، تساعده على التغلب على كل أنواع التعب والإرهاق، فكانت النتيجة رائعة بحق، خاصة وأن كروس خاض 89 مباراة خلال آخر 17 شهرا، وهو بذلك يعتبر أكثر اللاعبين مشاركة مع الريال متقدما على كريستيانو رونالدو. لقد لعب كروس دورا مهما في تحسن نتائج الريال هذا الموسم، ورغم أنه ليس مهاجما هدافا، بل لاعب وسط دفاعي بالأساس، إلاّ أنه ساهم في تحقيق عدة انتصارات، خاصة وأنه صنع ما لا يقل عن تسعة أهداف وسجل هدفا في مرمى رايو فاليكانو.

كل هذه الأرقام والإحصائيات من شأنها أن تجعل مدربه أنشيلوتي يكون أسعد السعداء، فبعد أن خيمت مسحة من القلق والانزعاج لدى متابعي الريال وأحبائه، إثر الرحيل المفاجئ لألونسو نحو بايرن ميونيخ، سرعان ما تبدد هذا الشعور بعد أن قدم كروس بسرعة قياسية أوراق اعتماده في التشكيلة الأساسية للفريق الملكي، والثابت أن مدرب الريال يعتبر محظوظا للغاية بوجود هذه اللاعب الذي لا يكل ولا يمل ولا يتعرض بسهولة للإصابات.

اليوم وقبل انطلاق مشاركة الفريق في منافسات كأس العالم للأندية بالمغرب من حق الجميع، أن يكون متفائلا بخصوص قدرة الريال على تحقيق إنجاز جديد والتتويج باللقب العالمي، وبوجود لاعبين متميزين مثل كروس، قد لا يمكن لأي فريق أن يقهر الريال الذي سيتسهل مشاركته المونديالية يوم الثلاثاء القادم بخوض الدور نصف النهائي، وهو ما يجعل الطريق معبدة أمام هذا الفريق للظفر باللقب رغم أن المنافسة ستكون قوية.

هي فرصة للريال إذن لتأكيد تألقه في موسم استثنائي، خاصة بعد تتويجه بكأس رابطة الأبطال الأوروبية، وهي أيضا فرصة للنجم الألماني توني كروس كي يحقق إنجازا رائعا في سنة تاريخية، وبعد التتويج بلقب مونديال المنتخبات، يبدو هذا النجم “العبقري” على مرمى حجر من أن يحمل لقبه الأول مع الريال، ويضيف إلى سجله لقب مونديال الأندية.

23