مباريات كرة القدم في مرمى التغير المناخي

مونديال الأندية يشتعل والطقس خصم جديد.
الخميس 2025/06/26
هل يصمد اللاعبون؟

تُعطّل الحرارة الشديدة والعواصف الرعدية سير مباريات كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، وسط مخاوف من تكرار الأمر في مونديال 2026. فالمدربون واللاعبون يتخذون تدابير للتأقلم مع الظروف المناخية القاسية، بينما تحذّر دراسات من مخاطر صحية على اللاعبين والجماهير نتيجة تغيّر المناخ.

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - تُربك الحرارة الشديدة والتهديد بالعواصف الرعدية سيرَ مسابقة كأس العالم للأندية في كرة القدم، المُقامة في الولايات المتحدة، ومن المرجّح أن يتكرّر هذا المشهد في كأس العالم 2026.

وبات التأقلم مع الطقس أولوية للمدربين واللاعبين، مع اجتياح موجة حرّ قاسية لشرق الولايات المتحدة.

فقد اتخذ بوروسيا دورتموند الألماني خطوة غير مألوفة، بإبقاء لاعبيه الاحتياطيين داخل غرف الملابس خلال الشوط الأول من مباراتهم أمام ماميلودي صنداونز الجنوب أفريقي، ضمن الجولة الثانية في سينسيناتي، بدلاً من جلوسهم على دكة البدلاء تحت الشمس الحارقة.

أما الإيطالي إنزو ماريسكا، مدرب تشلسي الإنجليزي، فاختصر الحصة التدريبية لفريقه يوم الاثنين في فيلادلفيا، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 99 فهرنهايت (37.2 مئوية).

وقال الكرواتي نيكو كوفاتش، مدرب دورتموند، إن الطقس قد يكون العامل الحاسم في تحديد بطل المسابقة.

كان لدرجات الحرارة المرتفعة جزئيا في منتصف النهار تأثير واضح على البطولة خلال المباريات التي تقام في هذا التوقيت

وأضاف “أعتقد أن هذه المسابقة لن تُحسم من قبل الفريق الأفضل، بل من قبل الفريق القادر على التأقلم مع هذه الظروف المناخية، وهو على الأرجح من سيفوز بها”.

وعلى الرغم من أن فترات التبريد في منتصف كل شوط باتت قاعدة معتمدة في البطولة، فقد اتخذ دورتموند، كغيره من الفرق، إجراءات إضافية للتخفيف من آثار الحرارة والرطوبة.

وقال كوفاتش “لاعبونا يحظون بعناية جيدة من قبل الأطباء والجهاز الطبي. لقد اتخذنا التدابير اللازمة ونحاول القيام بكل ما يلزم لاتخاذ القرارات الصحيحة والاعتناء باللاعبين”.

وقد تكون تجربة كأس العالم للأندية بمثابة معاينة لما ينتظر اللاعبين والمشجعين في نهائيات كأس العالم التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك العام المقبل.

ويحضر توماس توخيل، مدرب منتخب إنجلترا، منافسات كأس العالم للأندية لمراقبة كيفية تكيّف اللاعبين مع ظروف الطقس الحار والرطب المتوقعة.

ومن الممكن أن تكون كأس العالم المقبلة، التي ستُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، واحدة من أكثر البطولات حرارةً في تاريخ المسابقة.

صيف ساخن
صيف ساخن

وقال توخيل أثناء إعداد فريقه لمواجهة أندورا في برشلونة ضمن تصفيات كأس العالم “من المهم مشاهدة المباريات الآن في أميركا، وفي ميامي عند الساعة الثالثة بعد الظهر. سأراقب ذلك. كيف يبدو الأمر؟ علينا أن نعرف كيف نُرطّب اللاعبين ونزوّدهم بالماء. ما هي خياراتنا؟”

ويستعد المنتخب الإنجليزي لمباراته أمام أندورا في مدينة جيرونا الإسبانية، باستخدام خيام حرارية لاختبار ردّ فعل اللاعبين ومدى قدرتهم على التعافي من التدريب في ظل الحرارة والرطوبة.

ومن المقرر أن تستضيف 16 مدينة مباريات كأس العالم العام المقبل، وسط توقعات بدرجات حرارة قصوى محتملة.

وفي دالاس، وهي إحدى المدن المضيفة، تتجاوز درجات الحرارة في المتوسط 28 درجة مئوية في أكثر من 80 في المئة من أيام شهري يونيو ويوليو.

وأشارت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الدولية للبيوميتورولوجيا، إلى الخطر الذي يمثّله الحر الشديد على اللاعبين والمشجعين، بسبب تغيّر المناخ الذي يؤدي إلى موجات حر “أكثر تكرارًا وحدّة”.

وخلصت الدراسة إلى أن 14 من أصل 16 مدينة مضيفة في كأس العالم 2026، تشهد درجات حرارة تتجاوز كثيرًا الحدود الآمنة المقبولة وفق مؤشر”WBGT”، وهو مقياس شائع لقياس الإنهاك الحراري.

سلامة اللاعبين في الميزان
سلامة اللاعبين في الميزان

ودعت الدراسة إلى جدولة المباريات خارج فترات بعد الظهر، وهي الأوقات التي تكون فيها درجات الحرارة في ذروتها.

وإلى جانب الحرارة والرطوبة الشديدتين، توقّفت خمس مباريات في مونديال الأندية بسبب التهديدات بالعواصف الرعدية.

وأصبحت مباراة بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزيلندي، التي أُقيمت الثلاثاء، خامس مباراة في البطولة تشهد تأخيرًا طويلًا، وفق لوائح السلامة العامة المعمول بها في الولايات المتحدة، والتي تُلزم بإيقاف اللعب عندما تكون الصواعق على بُعد 10 أميال (16.1 كيلومتر) من الملعب.

وشهدت مباراة بنفيكا البرتغالي وأوكلاند تأخيرًا بسبب الطقس دام قرابة ساعتين.

وقال بن شوت، المسؤول في هيئة الأرصاد الجوية الوطنية، والذي يُقدّم الاستشارات للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وفريق عمل كأس العالم 2026، إن هذا النوع من الطقس ليس غريبًا، ويجب أن يكون الجميع مستعدًا له في العام المقبل.

Thumbnail

وصرّح شوت لوكالة فرانس برس “ما نراه الآن ليس غريبًا، حتى وإن كنا نسجّل أرقامًا قياسية. معظم شرق الولايات المتحدة يحطّم أرقامًا قياسية حاليًا، وهذا يحدث تقريبًا كل صيف. لذا، من المتوقع حدوث شيء مماثل في العام المقبل، ويجب على من يخطط لحضور المباريات أن يكون مستعدًا لذلك”.

وعلى الرغم من أن الحرارة كانت تحديًا عندما استضافت الولايات المتحدة كأس العالم عام 1994، فإن أيّ مباراة حينها لم تُوقف بسبب تحذيرات من العواصف.

ويُعزى ذلك، بحسب شوت، إلى التقدّم الكبير في تقنيات التنبؤ الجوي. وقال “أصبح بإمكاننا الآن رؤية التغيرات الجوية قبل أسبوع تقريبًا والتنبؤ بها بدقة جيدة، مقارنة بما كنا عليه قبل 15 إلى 20 عامًا. لقد شهدنا تقدمًا كبيرًا في علم الأرصاد الجوية منذ كأس العالم 1994”.

وأشار شوت إلى أن العواصف الرعدية شائعة جدًا في مناطق عدّة من أميركا الشمالية. وتابع “هذا النمط من الطقس يُعدّ أمرًا معتادًا في الولايات المتحدة خلال هذا الوقت من العام. نستقبل الكثير من الرطوبة القادمة من خليج المكسيك، ما يؤدي إلى تشكّل عواصف رعدية بعد الظهر. لذلك، مع اقتراب كأس العالم 2026، من المحتمل جدًا أن نشهد ظروفًا مماثلة”.

ولم يردّ الاتحاد الدولي لكرة القدم على طلب للتعليق عند اتصال وكالة فرانس برس به.

16