تكتيك إدامة الحرب في غزة.. ياسر أبوشباب نموذجا

لديّ قناعة تامة بأن منظومة اليمين الإسرائيلي الحاكم في تل أبيب بقيادة بنيامين نتنياهو تريد إبقاء حد أدنى من سلطة حركة حماس في القطاع، هربًا من استحقاقات العملية السياسية التي تشكل مناخها بعد السابع من أكتوبر المشؤوم، بضغط متزايد من أطراف دولية وازنة، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، من أجل وقف الحرب وإيجاد مسار سياسي وزمني يفضي إلى تنفيذ حل الدولتين.
لا يمكن إغفال سعي رئيس منظومة اليمين الحاكمة دفع مقدمات اقتتال داخلي أو حرب أهلية يديرها الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتمرير مخططات التهجير التي تستغرق وقتًا دون ضجيج السردية الفلسطينية المتمسكة بوقف الحرب والبقاء على الأرض وتجسيد الدولة.
ولا يمكن تجاهل محطة الانتخابات القادمة، والتي يراوغ بنيامين نتنياهو بسيناريوهات تملأ فراغ سير الحرب ورتابتها للوصول إليها بشعبية تحقق له البقاء ضمن معادلات الأغلبية في الكنيست.
◄ لا يمكن السماح لحماس بالتعميم على أيّ انتفاضة ضد وجودها في القطاع، خاصة وأن الشارع الغزي يغلي أمام ممارسات قيادات الحركة وعبث عناصرها
من هذه المنطلقات؛ فإن التسريبات الصحفية الإسرائيلية وتأويل التصريحات من قادة أحزاب معارضة لحكومة نتنياهو – الذين علقوا واعترفوا ضمنيًا بتمويل وتسليح هذه المجموعات – تخفي جزءًا من الحقيقة.
فمن قال إن الرواية الإسرائيلية التي تم ترويجها هي الحقيقة الوحيدة أو المطلقة التي يجب الأخذ بها والتعامل معها؟ وهنا تتولد تساؤلات محقة: ألم تدعم إسرائيل وأجهزتها ومؤسساتها الأمنية حكم حماس في غزة لضرب وحدة الكيانية السياسية الفلسطينية، وتؤدي إلى حل الدولتين؟
ألم تتعامى تل أبيب ودوائرها السياسية والأمنية على تحركات ميليشيات حماس أثناء انقلابها في العام 2007، في تأييد إسرائيلي واضح للخطوة الانقلابية؟
ألم تُرسل الأموال إلى حركة حماس لإدامة أسباب استمرارية حكم الحركة؟
ألا يعقل أن يتم توظيف هذه الظاهرة لتأخذ مداها، لتكن بمثابة فريسة سهلة ولقمة سائغة لبقايا قوى وعناصر حركة حماس، للقضاء على أيّ فكرة تدعو إلى خلق جسم بديل عن سلطة الحركة في القطاع، خاصة في ظل تنامي حركات احتجاجية على سلطة حماس وبقايا وجودها في غزة؟
ألم تقضي حماس وسلطتها الأمنية على تشكيلات سلفية جهادية في القطاع طيلة العقدين السابقين، بل اعتمدت طرق العنف المفرط لإنهاء هذه الظواهر المسلحة؛ مثل جماعة جند أنصارالله وتصفية قائدها وعدد من أتباعه؟
◄ لا يمكن إغفال سعي رئيس منظومة اليمين الحاكمة دفع مقدمات اقتتال داخلي أو حرب أهلية يديرها الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتمرير مخططات التهجير
لا يمكن، بعد كل ما جرى ومرّ على الشعوب العربية بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص، أن نسلم دائمًا للرواية الإسرائيلية وكأنها مسلّمات لا يجوز كسرها؛ ولا يعقل أن نتعاطى مع ما يصدر من حركة حماس على أنه حقائق وطنية، فتخوين مجموعات من الشعب الفلسطيني تريد الانتفاضة بوجه حماس وممارساتها العبثية سواء السياسية أو العسكرية، مفردة حاضرة دائمًا في قاموس الحركة السياسية.
من جهة أخرى، لمن يقول إن هذه المجموعات تعمل تحت أعين ومحراب الاحتلال وقوات جيشها، فإن حماس أيضًا تعمل تحت أنظار إسرائيل وتطلق الصواريخ وتنفذ الكمائن.
في المقابل، الحديث عن سرقة المساعدات؛ فإن شعب غزة يدرك من يدير عمليات النهب وتوزيعها للتجار لبيعها بأضعاف ثمنها الحقيقي.
البيان الصادر من عشيرة ياسر أبوشباب لا يمكن الاستناد عليه، كون هذا البيان صادر من حلفاء لمستويات قيادية داخل حماس، فلا يمكن الجزم بما يقال دون تحقيق رسمي يكشف الحقائق بمعزل عن تسييس هذه التجارب.
اليوم، أيّ تحرك شعبي جدي هدفه الإطاحة نهائيًا بحكم حماس من قبل الغزيين المنكوبين، سيقارن بنموذج ياسر أبوشباب المتهم بالخيانة والعمالة.
لذلك، لا يمكن السماح لحماس بالتعميم على أيّ انتفاضة ضد وجودها في القطاع، خاصة وأن الشارع الغزي يغلي أمام ممارسات قيادات الحركة وعبث عناصرها.