التيار الصدري.. فاعل متحرك دون ضجيج

بعد الاستقالة الجماعية التي قدمها نواب التيار الصدري من البرلمان على إثر الخلافات التي ضربت عملية تشكيل الحكومة، وعدم قدرة التيار الصدري بتحالفه الثلاثي من تشكيلها، سارع الصدر إلى الانسحاب من البرلمان وتلته مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات والتي أجريت في 2024 وأعلن عدم مشاركته فيها، وفي نفس الوقت عمل على تمتين نفسه داخلياً فسارع إلى إعادة تنظيم الداخل الصدري وتغيير اسمه إلى “التيار الوطني الشيعي” ما يعني أنها الخطوة الأولى نحو إنهاء المقاطعة السياسية، وفي 11 فبراير دعا الصدر أتباعه إلى إجراء تقييم داخلي بشأن المشاركة في الانتخابات المقبلة أو مقاطعتها ما يعني أنها كانت الإضاءة الأولى لعودته إلى المشاركة في الانتخابات والساحة السياسية بشكل عام.
غياب التيار الصدري ساهم كثيراً في توحيد القوى السياسية الشيعية وخلق بيئة أكثر ملاءمة لتعزيز مكانتها السياسية، والسير بهدوء نحو تشكيل الحكومات المحلية وقبلها تشكيل الحكومة والتي تشكلّت بعد مخاض عسير، وبعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني استشعر الصدر خطورة الابتعاد عن المشهد السياسي والحكومي ما دعاه إلى إعادة النظر في مقاطعته للعملية السياسية والانتخابات البرلمانية القادمة والتي من المزمع إجراؤها يوم 11 نوفمبر من العام الجاري.
◄ إذا ما قرر الصدر المشاركة في الانتخابات لعام 2025 فإنه سيمثل تطورا هاما في السياسة العراقية
التيار الصدري وكما هو المتوقع سيبدأ نزوله الميداني من خلال دعمه للتظاهرات والاحتجاجات، خصوصاً التي ستنطلق قبيل إجراء الانتخابات بذريعة سوء الخدمات والكهرباء وعدم الرضاء عن حكومة السوداني، أو ربما سيذهب إلى منبر الجمعة لتعبئة جمهوره وتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات، وهو أمر سبقته اجتماعات مع قيادات صدرية من كتلة الأحرار وسائرون والتيار الصدري، والتي تمثل عودته الفعلية إلى الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات القادمة، وبالرغم من ظهور بوادر عودته إلى الساحة السياسية والبرلمانية، إلا أن الصدر يصرح بأن المقاطعة ستستمر، وبقراءة تحليلية فإن مثل هذه الحركة التي يقوم بها الصدر هي من أجل إعادة تنظيم جمهوره وتوجيههم نحو المشاركة السياسية والانتخابية، وضمن هذا السياق ستكون هناك آليات تحدد الأداء الانتخابي له والتي من بينها القانون الانتخابي الذي يحدد العلاقة بين الكيان السياسي والجمهور.
النظام السياسي السابق “سانت ليغو” يقلل من احتمال حصول الصدر على ما حصل عليه سابقا،ً 73 مقعداً، كما في انتخابات 2021، ووفقاً للصيغة المعدلة التي ستحل محل النظام القديم فإن الصدر سيخسر مقاعد في محافظات عدة، ما يعني أن الصدر لن يحقق الرقم الذي وصل إليه في عام 2021، ومع استبعاد إمكانية تغيير قانون الانتخابات فإنه يجب على التيار الصدري أن يبني قراره بالعودة إلى العمل السياسي على حسابات في داخل إطار النظام الانتخابي الجديد.
التيار الصدري سيراقب بدقة العوامل المتطورة قبل اتخاذ قراره النهائي بشأن المشاركة في الانتخابات. وإذا ما قرر الصدر المشاركة في الانتخابات لعام 2025 فإنه سيمثل تطورا هاما في السياسة العراقية ويمكن أن يشير إلى مرحلة جديدة في الانتخابات العراقية، ستكون لها تداعيات إقليمية ومحلية، كما إن انتخابات 2025 لن تكون مجرد سباق انتخابي بقدر ما ستشكل عتبة حاسمة للمستقبل السياسي للشيعة وشمولية النظام، وشرعية التمثيل السياسي الحالي.