صورة من الأول ألف
الحلُّ بسيط. الحلُّ جدُّ بسيط. استعينوا بالذاكرة وبالذكرى، ويمّموا وجوهكم ونيّاتكم التي هي أعمالكم، صوبَ دفتر الصور العتيقة الذي تسمّيه ناس الإفرنجة الألبوم. لتكنْ صافرة مفتتح الماراثون الحميم في أول محطّات تشكّل الوعي. الصف الأول الابتدائي الذي تشيل خشبتهُ القوية حرفَ الألف، وهذا الصفّ من المدرسة سيكون مفضّلاً وجالباً لزهو التلميذ الغضّ وفخر أبيه السعيد، على التضادّ تماماً من أولاد الصف باء وثالثهما الفصل جيم. اقفزوا الآن على سلّم الأول متوسط، وبعده طفرة بزانة السادس الإعدادي، وأنهوا الرحلة بقاعة الجامعة وأيامها الحلوة.
حدّقوا جيداً وبحلقوا في الوجوه المعلنة في الصورة الجمعية. أعيدوا بصوتٍ خفيضٍ لا يفزّز الجيران، تلحين أسماء الصحب والصويحبات الثلاثين والأستاذ الذي أشتهي اللحظة محو النقطة القائمة فوق دالهِ، وسوف أهبُ واحدكم الذكيّ أو واحدتكنَّ الذكية، جائزةً سمينةً قيمتها تسعة ملايين وتسعمئة وتسعة وتسعون دولاراً ودولارة، إن نجحتم في معرفة من هو السنّي ومن هو الشيعيّ من كائنات تلك الصورة الرحيمة.
قد نحزر المسيحيّ والصابئي في صورة الذكريات، لأنهما سيقضيان خمساً وأربعين دقيقةً وهما يتمشيّان بساحة المدرسة، خارج المدى المنظور لحصّة التربية الإسلامية، وبعد أن يدقّ جرس نهاية المداومة، ستقفز كائنات الصورة المطقوقة بالأبيض وبالأسود، نحو مقهى سامي المتخفية على مبعدة شربة ماء من بدن إعدادية النضال، من أجل متعة ممارسة الحقّ المكفول بلعبتَي الدومينو والطاولي، ثم يهجُّ الخسرانون صوب دكان الكائن المسيحيّ اللطيف حازم، فيأكل الفائزون ما تشتهي الأنفس المغتبطة من سندويجات البوارد التي مشهوراتها الروست واللسان والكفتة والمخّ الذي كنتُ أكرههُ والخاتمة بالبتيتة جابّ.
افتحوا الآن دفتر الجندية، فمن كان منكم مالكاً لصورة مؤثثةٍ بعشرة مبشّرةٍ بالقتال، فسوف يرتاح قلبهُ لمنظر الوجوه السنّية والشيعية والمسيحية والصابئية والأيزيدية، وأيضاً الكردية والتركمانية والشبكية، وقد أدّبَ فتيانها إيران وإسرائيل فأحسنوا تأديبهما.
روحوا إلى كتاب الزيجات والجيرة وشراكة الدكان والطوبة والقصيدة واللوحة والملهاة والأغنية والبستة، والمقهى والحانة وسفرة السينما وطرزان وما يصنع بالوحش، وجمّار سدة الهندية والصدور، وعيد رأس السنة والفطر والخليقة ونوروز، وعربانة العمبة وسخانات فايركنك وصوبة علاء الدين وصابون غار العيسى، وبلم التراوبي والكراش والمشن والشابي والسينالكو والطعوم الطيبة المازالت تلبط فوق اللسان. ماذا جرى لكم أحبتي؟
هل أصابتكم عينٌ بمقتلٍ أبديّ؟
هل تخبّلتم؟