بنكهة فرنسية اتحاد جدة يستعيد الزعامة

لم يفوت الاتحاد فرصة الظفر بلقب الدوري السعودي لكرة القدم، للمرة العاشرة في تاريخه، حاسما مواجهته مع الرائد، الهابط رسميا إلى الدرجة الأولى، قبل جولتين من النهاية، لأول مرة في تاريخه، بعدما حقق "العميد" لقبي 2009 في الجولة الأخيرة، فيما حسم الدوري الموسم قبل الماضي 2023 قبل جولة من النهاية.
الرياض- سجل الموسم الحالي العديد من اللحظات الخالدة في الملاعب العربية والأوروبية، من أهمها فوز ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الـ20 في تاريخه. فالعريق الإنجليزي استعاد عرش صدارة الفرق الأكثر تتويجا باللقب، بالتساوي مع مانشستر يونايتد، تلك الصدارة التي لم يتوقع يوما أن يفقدها حتى يستعيدها. وبعد أيام من تتويج ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي، كان الاتحاد يُتوج هو الآخر بلقب الدوري السعودي، بعد منافسة شرسة مع الهلال. ولو تُوج الاتحاد قبل شهرين، لكان هذا اللقب هو العاشر بالنسبة له، ليصبح الفارق بينه وبين الهلال، أكثر الفائزين بالدوري السعودي، 9 ألقاب، لكن تتويجه به الآن جعل الفارق بينهما 7 ألقاب فقط.
ويعود ذلك إلى ما فعلته لجنة توثيق بطولات الكرة السعودية التي زادت عدد ألقاب الاتحاد في الدوري إلى 13، وعدد ألقاب الهلال إلى 21، وفقا لما كشفت عنه بعض التقارير الصحفية. مع تتويج “العميد” بالدوري السعودي هذا الموسم، أصبح يمتلك 14 لقبا، وبات الفارق بينه وبين الهلال 7 ألقاب فقط. ويعني ذلك أن الاتحاد أصبح يملك ثلثي ألقاب الهلال في الدوري السعودي، بدلا من أن يملك نصفها تقريبا، وهو مكسب كبير لـ”النمور”. هذا المكسب رفع طموحات جماهير الاتحاد في محاولة الاقتراب أكثر من عرش الهلال في السنوات المقبلة، قبل الانقضاض عليه والانفراد به.
من رحم البريميرليغ
هذا السيناريو شاهدته الجماهير عيانا في الدوري الإنجليزي الذي تحولت صدارة أكثر الفرق تتويجا به من ليفربول إلى مانشستر يونايتد في غضون 20 عاما. ففي موسم 1989-1990، حقق ليفربول لقب الدوري الإنجليزي للمرة الـ18 في تاريخه، ليصبح الفارق بينه وبين مانشستر يونايتد 11 لقبا كاملا، إذا لم يحقق “الشياطين الحمر” سوى 7 ألقاب في ذلك الحين. ولكن بعد انطلاق حقبة “البريميرليغ”، بدأ مانشستر يونايتد في حصد لقب تلو الآخر، فيما وقف ليفربول عاجزا عن مقارعته. جماهير “الريدز” كانت تتشدق بأفضليتها الشاسعة في عدد الألقاب، غير أن هذه الأفضلية بدأت تتلاشى عامًا بعد الآخر، حتى ذهبت أدراج الرياح. ففي 2009، بعد 19 عاما من تتويج ليفربول بلقبه الأخير، حقق مانشستر يونايتد لقبه رقم 18، وعادل “الريدز” بصدارة أكثر الفرق تتويجا بالدوري الإنجليزي، قبل أن يحقق لقبين آخرين في 2011 و2013. بعد ذلك توقفت عجلة مانشستر يونايتد، لكن عجلة ليفربول ظلت متوقفة هي الأخرى، حتى حقق الفريق اللقب رقم 19 في 2020، ثم عادل عدد ألقاب “الشياطين الحمر” هذا الموسم.
وتُعول جماهير الاتحاد على ذكريات جيلها الذهبي الذي سيطر على الكرة السعودية لعدة سنوات، من أجل تحقيق هذا الإنجاز. ففي موسم 1996-1997، حقق الاتحاد لقب الدوري بعد غياب 15 عاما كاملة، ورغم خسارته في الموسم التالي لصالح الهلال، لكنه عاد وفاز به في موسم 1998-1999. وخلال تلك الحقبة، سيطر الاتحاد على الدوري السعودي، فحققه 5 مرات في غضون 7 سنوات، فيما حصده الهلال مرتين. الاتحاد كرر هذا الأمر مؤخرًا، حيث فاز بالدوري السعودي الموسم قبل الماضي، ثم خسره لصالح الهلال في الموسم الماضي، ثم عاد وفاز به هذا الموسم. وتأمل جماهير الاتحاد أن يتكرر السيناريو نفسه، ويهيمن “النمور” على اللقب في المواسم المقبلة، من أجل تقليص الفارق مرة أخرى مع الهلال.
غير أن تلك الأحلام تبدو بعيدة لعدة أسباب، أبرزها قوة الفرق المتنافسة التي تدعم نفسها أولا بأول، لاسيما الهلال نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر القوام الأساسي للفريق فوق حاجز الـ30 عاما، بداية من ثنائي الدفاع حسن كادش ودانيلو بيريرا، مرورا بثنائي الوسط فابينيو ونغولو كانتي، وصولا إلى مهاجم الفريق ونجمه الأول كريم بنزيمة. هذا الارتفاع الكبير في معدل أعمار نصف عناصر الفريق الأساسي لا يعطي تلك الفرصة للاستمرارية لسنوات طويلة، وهو ما يتطلب بعض عمليات الإحلال والتجديد في صفوفه. ومع ارتفاع نسق المنافسة في الدوري السعودي، سيكون من الصعب على أي فريق أن يهيمن عليه لفترات طويلة، لذلك سيكون على الاتحاد بذل مجهودات مضاعفة من أجل تحقيق أحلام جماهيره صعبة المنال.
انتعاشة حقيقية
تمر الكرة السعودية بفترة انتعاشة حقيقية تجلت بوضوح في دوري المحترفين بعد قدوم العديد من النجوم، ما أثرى المسابقة وزاد من حدة التنافس، لتناطح الدوريات الأوروبية الكبرى.
الصراع المحموم منذ صيف 2023 بالتعاقدات القياسية للأندية جعل موسم 2023-2024 يشهد منافسة قوية بين أندية الصندوق الأربعة، الأهلي والاتحاد والهلال والنصر، لكن الموسم الحالي بدا أقوى وأشرس من حيث التنافسية والظواهر الإيجابية. موسم 2024-2025، يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويستعد لمشهد ختامي بعدما اتضحت أغلب ملامحه، من تحديد البطل، ومعظم المراكز المؤهلة للمشاركة الخارجية.
الموسم الماضي 2023-2024، كان شاهداً على صراع ثنائي، سواء على مستوى اللقب، وانحصار المنافسة مبكراً بين الهلال والنصر، أو حتى صراع الهدافين، الذي كان يتصدره كريستيانو رونالدو نجم وقائد النصر، ويلاحقه الصربي ألكسندر ميتروفيتش “الهلال” رغم الفارق التهديفي لصالح الدون، لكن الثنائي كانا الأبرز في الصراع التهديفي.
أما الموسم الحالي فقد كان مختلفا كليا، إذ أن سباق اللقب، حتى منتصف الدور الثاني من الدور كان ثلاثياً على الأقل بين الهلال والنصر والاتحاد، وحتى القادسية كان له أمل في المنافسة على البطولة قبل سلسلة من التعثرات. ولم يعرف صراع اللقب سوى المنافسة الثنائية في آخر الجولات بين الهلال والاتحاد، ليحسم العميد اللقب لمصلحته مؤخرا.
صراع الهدافين أيضا يظل مشتعلا حتى الأمتار الأخيرة، إذ أن رونالدو كعادته يتصدر القائمة برصيد 23 هدفا، ويلاحقه 3 لاعبين هم عبدالرزاق حمد الله “الشباب”، وإيفان توني “الأهلي”، وكريم بنزيمة “الاتحاد”، ويقترب أيضا من السباق قلب آخر جولتين، جوليان كينونيس “القادسية” بـ19 هدفا، وألكسندر ميتروفيتش مهاجم الهلال بـ 18 هدفا. كذلك ساهم الوافدون الجدد بالموسم الحالي في ازدياد المنافسة اشتعالا على غرار إيفان توني، وكينونيس وماركوس ليوناردو، بالإضافة إلى بيير إيمريك أوباميانغ. وإذا كان الموسم حماسياً منذ بدايته بين أهل القمة، فإن صراع البقاء أيضا يظل مشتعلا حتى آخر جولتين، فقد تحدد أول الهابطين فقط وهو المتذيل الرائد، بينما تظل 6 فرق لم تضمن بشكل رسمي التواجد في “روشن” للموسم الجديد، وهي ضمك والخلود والفتح والوحدة والعروبة والأخدود.