الإمارات ترسّخ موقعها على خارطة الذكاء الاصطناعي العالمي

"أوبن إيه آي" تخطط لمركز بيانات عملاق في أبوظبي.
الأحد 2025/05/18
جسور الذكاء الاصطناعي تمتد نحو الشرق

في خطوة تعكس تصاعد أهمية البنية التحتية للذكاء الاصطناعي عالميا، تتجه شركة "أوبن إيه آي" نحو شراكة جديدة في الإمارات لتطوير أحد أكبر مراكز البيانات في العالم من خلال مشروع تبلغ طاقته التشغيلية 5 غيغاواط، ما يعكس اهتماما متزايدا من كبرى الشركات الأميركية بالاستثمار في منطقة الشرق الأوسط.

أبوظبي - في خطوة تعكس التوسع المتسارع في طموحات شركات الذكاء الاصطناعي نحو بناء بنى تحتية ضخمة حول العالم، تستعد شركة "أوبن إيه آي" للمساهمة في تطوير مركز بيانات جديد في الإمارات، يُتوقع أن يصبح من بين الأكبر عالميا، في إطار شراكة واسعة تجمع عدة أطراف دولية.

وتخطط شركة "أوبن إيه آي" للمشاركة في تطوير مركز بيانات ضخم جديد في دولة الإمارات، قد يصبح في نهاية المطاف أحد أكبر المراكز في العالم. وتُعد هذه الخطوة رهانا كبيرا على الشرق الأوسط، وتوسعا لافتا في طموحات الشركة لتوسيع بنيتها التحتية العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

ومن المتوقع أن تكون مطوّرة "تشات جي بي تي" أحد المستأجرين الرئيسيين لمركز البيانات الجديد، الذي تبلغ قدرته التشغيلية 5 غيغاواط، بحسب مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن أسمائها، نظرا إلى عدم الإعلان الرسمي عن التفاصيل بعد. وأضافت المصادر أن مشاركة "أوبن إيه آي" لا تزال قيد التفاوض، مع إمكانية الإعلان الرسمي عنها قريبا.

عند اكتماله، سيغطي المرفق مساحة شاسعة تُقدر بـ10 أميال مربعة، وسيستهلك طاقة تعادل تقريبا إنتاج خمسة مفاعلات نووية، ما يجعله أكبر بكثير من أيّ منشأة أعلنت عنها "أوبن إيه آي" أو أقرب منافسيها حتى الآن. وأوضحت المصادر أن الطاقة الكاملة البالغة 5 غيغاواط لن تُخصص بالكامل لـ"أوبن إيه آي"، بل سيتم تقاسمها بين عدة شركات تقنية. وكانت وكالة بلومبيرغ قد أفادت في وقت سابق بأن الشركة تدرس إنشاء منشأة في الإمارات.

وأعلن مسؤولون أميركيون وإماراتيون أن شركة الذكاء الاصطناعي "G42"، ومقرها أبوظبي ولها علاقات تاريخية مع الصين، ستتولى بناء مركز البيانات بالشراكة مع عدد من الشركات الأميركية، التي لم تُكشف أسماؤها. وجاء هذا الإعلان في اليوم نفسه الذي زار فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب البلاد ضمن جولة في الشرق الأوسط تهدف إلى عقد صفقات إستراتيجية، شملت مشاريع محتملة في مجال الذكاء الاصطناعي.

◙ مركز البيانات سيغطي مساحة شاسعة تُقدر بـ10 أميال مربعة، وسيستهلك طاقة تعادل تقريبا إنتاج خمسة مفاعلات نووية
◙ مركز البيانات سيغطي مساحة شاسعة تُقدر بـ10 أميال مربعة، وسيستهلك طاقة تعادل تقريبا إنتاج خمسة مفاعلات نووية

كما كشفت مصادر أن شركة “MGX”، وهي شركة استثمارية مقرها في أبوظبي، تدرس كذلك المشاركة في المشروع إلى جانب "أوبن إيه آي" و"G42"، مع إمكانية انضمام شركاء أميركيين آخرين. ورفضت "أوبن إيه آي" التعليق على الأمر، كما لم يرد ممثلو "MGX"، و”G42″، ووزارة التجارة الأميركية على طلبات للتعليق.

وبحسب مصدرين مطلعين، يُعد هذا المجمع جزءا من مبادرة  "ستارغيت" التي أطلقتها "أوبن إيه آي" بالتعاون مع "سوفت بنك غروب" و"أوراكل" في يناير الماضي، خلال إعلان مشترك مع ترامب. ويهدف المشروع إلى استثمار ما يصل إلى 500 مليار دولار في مشاريع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة.

ويمثل المشروع في الإمارات امتدادا لهذه المبادرة، حيث تسعى "أوبن إيه آي" من خلاله إلى تسريع توفير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق أهداف طموحة سبق أن اقترحتها للحكومة الأميركية، والتي تتضمن الحاجة إلى مراكز بيانات بسعة 5 غيغاواط، وهو هدف غير مسبوق أثار جدلا حول مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المنشآت.

ويُتوقع أن تبلغ قدرة أول مجمع “ستارغيت” في الولايات المتحدة 1.2 غيغاواط، مع خطط لبناء ما يصل إلى عشرة مواقع إضافية. لكن من اللافت أن المشروع المقام في الإمارات قد يسبق تنفيذ أيّ من تلك المشاريع الأميركية.

ويمثل مركز البيانات المزمع إنشاؤه نقطة ارتكاز لاتفاقية تعاون أوسع بين الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد تشمل الاتفاقيات المرتقبة صفقة لبيع أكثر من مليون شريحة متطورة من شركة "إنفيديا" إلى دولة الإمارات، ضمن إستراتيجية ترامب لتعزيز مكانة التكنولوجيا الأميركية عالميا، ومنع الصين من التوسع في أسواق المنطقة.

إلا أن هذه الخطط أثارت بعض التحفظات داخل الإدارة الأميركية، إذ أعرب عدد من المسؤولين عن قلقهم بشأن ما يعتبرونه نقلا لقدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الخارج، إضافة إلى مخاوف أمنية من مشاركة أشباه الموصلات الأميركية المتطورة – والتي تُعد أساسية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي - مع دول أو شركات ذات علاقات قوية مع الصين، بحسب تقرير بلومبيرغ.

تجدر الإشارة إلى أن "أوبن إيه آي" تتمتع بعلاقات قوية وطويلة الأمد مع الإمارات، تعود إلى شراكتها الأولى مع "G42" في عام 2023. كما شاركت "MGX" في جولة تمويل بقيمة 6.6 مليار دولار لصالح "أوبن إيه آي" أُغلقت في أكتوبر الماضي، وتخطط حاليا للاستثمار في مشروع "ستارغيت" أيضا.

13