الأهلي والزمالك من معركة الألقاب إلى حصار الصفقات

يبقى الصراع بين الأهلي والزمالك أحد أهم عناوين الرياضة المصرية والعربية والأفريقية على مدار سنوات طويلة، في ظل العديد من النجوم الكبار الذين لعبوا للفريقين الكبيرين، والجماهيرية الطاغية للناديين اللذين تخطيا حاجز المئة عام.
القاهرة - عاش الأهلي والزمالك صراعا من الألقاب سواء في كرة القدم أو غيرها من الألعاب وتنافسا شرسا على الشعبية والجماهيرية خرج من حدود الأراضي المصرية إلى الوطن العربي.
وفي الأيام الأخيرة بدأ الحديث عن تغير معادلة المنافسة بين الأهلي والزمالك بعد سلسلة من الصفقات المدوية التي أبرمها الفريق الأحمر لتدعيم صفوفه أغلبها من لاعبين سابقين بالقلعة البيضاء.
ورغم أن حرب الصفقات كانت ومازالت عنوانا بين الناديين إلا أنها دخلت منعطفا جديدا في الموسم الأخير تحديدا مع تركيز إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب على اقتناص خدمات بعض اللاعبين السابقين من الزمالك في مشهد أشبه بحصار الصفقات.
وذهب البعض إلى عدة زوايا لتناول هذه الظاهرة بين حق الأهلي في تدعيم صفوفه كيفما يشاء، أو استغلال المشاكل الإدارية الواضحة التي يعاني منها منافسه التقليدي الزمالك، بينما ينظر البعض الآخر إلى الأمر من منطلق أن هناك نهجا متعمدا من جانب إدارة الأهلي ربما للمكايدة أو تفريغ منافسه، أو ربما إفلاس في استقطاب لاعبين والمغامرة بنجاحهم من عدمه، ومحاولة الاعتماد على عناصر مضمونة سبق أن تركت إرثا بالفعل مع فريق آخر.
ظاهرة قديمة
مشهد انتقال لاعب من الأهلي إلى الزمالك أو العكس ليس ظاهرة جديدة على الإطلاق، بل حدثت من قبل على مدار سنوات عديدة مع نجوم كبار بداية من حسين حجازي أسطورة الكرة المصرية والملقب بـ”الأب الروحي” للعبة في مصر ربما قبل قرن كامل من الزمان.
وظلت العديد من الصفقات بمثابة أحداث تاريخية لا تنسى، مثل انتقال جمال عبدالحميد من الأهلي إلى الزمالك بعد إصابة شهيرة كادت تقوده للاعتزال وما قاله قائد مصر في كأس العالم 1990، بأن الأهلي رفض علاجه على عكس الزمالك الذي تحمل نفقات العلاج، ليتألق بقميصه لسنوات.
الأهلي يحاول ببساطة الاعتماد على عناصر أثبتت نجاحها من قبل، تجنبا للوقوع في فخ صفقات فاشلة
وجاءت صفقة رضا عبدالعال ورحيله من الزمالك للأهلي كواحدة من أشهر أحداث حقبة التسعينات من القرن الماضي، ثم جاء انتقال التوأم حسام وإبراهيم حسن من الأهلي للزمالك مع بداية الألفية الثالثة كخطوة يراها البعض “صفقة القرن” للقلعة البيضاء.
واستمرت انتقالات النجوم بين الأهلي والزمالك لسنوات، وكان آخرهم صبري رحيل الذي انضم من الفريق الأبيض للأحمر عقب نهاية عقده عام 2013 وأيضا مؤمن زكريا الذي لعب معارا للزمالك ثم انتقل للأهلي. كل هذه الصفقات كانت على فترات متباعدة وليست متتالية ولكل منها ظروف خاصة وكواليس تتحدث عنها، بعكس ما دار في الموسمين الأخيرين بين الأهلي والزمالك.
منذ انتخاب محمود الخطيب رئيسا للأهلي، والعلاقة بينه وبين إدارة الزمالك لم تكن الأفضل بعد خلاف شرس مع الرئيس الأسبق مرتضى منصور، وصل إلى حد اللجوء إلى القضاء.
وإبان تلك الفترة أقدم الأهلي على ضم محمود عبدالمنعم “كهربا” في يناير 2020 بعد 7 أشهر فقط من رحيله المفاجئ عن الزمالك إلى ديسبورتيفو أفيس البرتغالي، وهو ما جعل مرتضى يوجه اتهامات صريحة للخطيب بتحريض كهربا على الرحيل، وظلت هذه القضية متداولة لسنوات في الأوساط الكروية المصرية مع حصول الزمالك على حكم من محكمة “كاس” بتغريم اللاعب.
ومنذ انتقال كهربا، ابتعد الأهلي قدر الإمكان عن ضم نجوم الزمالك رغم أن بعضهم كان متاحا، وارتبط اسمه بالفعل بإمكانية التحرك للفريق الأحمر مثل التونسي فرجاني ساسي والمغربي أشرف بن شرقي مع انتهاء عقودهما، ولكن الأنباء التي خرجت وقتها من الأهلي بأن الخطيب أعطى تعليماته بعدم ضم نجوم الفريق الأبيض.
ولكن سياسة الخطيب تغيرت بشكل واضح مؤخرا بعد ضم إمام عاشور لاعب وسط ميتيلاند الدنماركي عقب رحيله عن الزمالك بعدة أشهر، ما أثار جدلا واسعا وصل إلى درجة حديث البعض حول كون العرض الدنماركي مجرد “كوبري” أو بوابة لرحيل اللاعب للأهلي.
وتعاقد الأهلي بعدها مع أشرف بن شرقي في شهر يناير الماضي قادما من الريان القطري بعد تجربة لافتة ورائعة عاشها اللاعب لسنوات مع الزمالك، ثم انضم أحمد رضا لاعب الزمالك السابق إلى الأهلي قادما من بتروجت.
منذ انتخاب محمود الخطيب رئيسا للأهلي، والعلاقة بينه وبين إدارة الزمالك لم تكن الأفضل بعد خلاف شرس مع مرتضى منصور
وكاد الأهلي أن يضم محمد أبوجبل حارس الزمالك السابق بعد إصابة محمد الشناوي حارس المرمى في العام الماضي في الكتف، ولكن الصفقة تعثرت في اللحظات الأخيرة.
وتحرك الأهلي للتعاقد مع البرتغالي جوزيه غوميز مدرب الزمالك السابق الذي يقود الفتح السعودي حاليا بجانب ياسين مرعي مدافع فاركو الذي تخرج من صفوف الزمالك.
ولكن تبقى الصفقة الأهم والأكثر ضجيجا متمثلة في الانتقال المنتظر للاعب الزمالك أحمد مصطفى “زيزو” عقب نهاية عقده للأهلي، بعدما أعلن الزمالك عدم توصله إلى اتفاق لتجديد عقد اللاعب صاحب الـ29 عاما ثم دخل الطرفان في نزاع قانوني بعد التأكد من توقيع زيزو للأهلي.
الأمر في منظور قطاع كبير من جماهير الأهلي يعود إلى نظرية مصلحة النادي التي رجحت كفة هذه الصفقات والتعاقد معها لتدعيم الفريق.
ويتحدث البعض الآخر عن فشل إداري في الزمالك بعد معاناة مالية للفريق الأبيض على مدار سنوات طويلة لم تمكنه من الحفاظ على نجومه سواء بن شرقي وزيزو اللذين لم يجددا تعاقدهما، أو إمام عاشور الذي حاول العودة بعد تجربته في الدنمارك، أو ضعف الرؤية الفنية بالسماح برحيل ياسين مرعي وأحمد رضا بعد خروجهما من قطاع الناشئين.
مكايدة أم إفلاس
قطاع كبير أيضا من جماهير الزمالك ينظر لهذه الظاهرة بأنها مكايدة من الخطيب لإدارة الزمالك بعد خلاف شديد في الفترة الأخيرة في عدة قضايا على رأسها ملف التحكيم في الدوري المصري، وأزمة لقاء القمة الأخير وانسحاب الفريق الأحمر.
هذه المكايدة دفعت الخطيب، في وجهة نظر داعمي هذا الاتجاه، إلى التحرك شرقا وغربا لضم عناصر سبق أن دافعت عن ألوان الزمالك ليس لتدعيم الأهلي، ولكن لتحطيم الفريق الأبيض وجماهيره نفسيا.
ويرى البعض أن الأمر يعكس إفلاسا في الرؤية لدى الأهلي في اختيار عناصر جديدة قادرة على النجاح، رغم أن هذه المغامرة امتلكها الفريق الأحمر في صفقات أخرى مثل الفلسطيني وسام أبوعلي والسلوفيني نيتس غراديشار.
الأهلي يحاول ببساطة الاعتماد على عناصر أثبتت نجاحها من قبل، تجنبا للوقوع في فخ صفقات فاشلة بخلاف أنه سيوجه ضربة لمنافسه مثلما حدث من قبل مع الإسماعيلي وجيله الذهبي مطلع الألفية الثالثة، الذي اقتنص الأهلي مواهبه واحدا تلو الآخر بعد رحيلهم عن الدراويش.