كيف حوّل الأهلي السعودي السقوط المحلي إلى إنجاز قاري

ترقب مشوب بالخوف لمستقبل يايسله مع العملاق الجداوي.
الأحد 2025/05/11
من رحم المعاناة إلى معانقة المجد

نجح الأهلي السعودي في الفوز بدوري أبطال آسيا للنخبة عن جدارة واستحقاق، وسط وعود أطلقها مسؤولوه ولاعبوه، وتتمثل في المنافسة على لقب دوري روشن السعودي في الموسم المقبل. وهي مهمة صعبة بالنظر إلى قوة المنافسين الذين يتقدمهم الهلال والاتحاد والنصر، ما يعني أن الأهلي السعودي سيكون في حاجة ماسة إلى تدعيم صفوفه بصفقات من العيار الثقيل، والأهم من ذلك الاحتفاظ بأفضل لاعبيه ومنعهم من الرحيل في ميركاتو الصيف المقبل.

جدة - أضاف الأهلي السعودي أول ألقابه القارية إلى “قلعة الكؤوس”، بإحرازه دوري أبطال آسيا للنخبة لكرة القدم بأداء راق يترجم كنيته. وتوّج مسيرة مميزة بدأها في المجموعة الموحدة وفقا للنظام الجديد، باحتلاله الوصافة خلف مواطنه الهلال بفارق الأهداف ومن دون خسارة، وأنهاها بانتصارات مدوية، أبرزها على الهلال المتوج بأربعة ألقاب قياسية، في الأدوار الإقصائية التي استضافتها جدة.

بعد فوزه المريح على كاواساكي فرونتالي الياباني في النهائي (2-0)، وأمام قرابة 60 ألف متفرج ضجت بهم مدرجات ملعب الإنماء، تربع الفريق الجداوي، حامل لقب الدوري المحلي ثلاث مرات والذي تأسس عام 1937، على العرش القاري في البطولة التي حلّ فيها وصيفا مرتين سابقا (1986، 2012).

نجاح استثنائي

◙ نجاح استثنائي
◙ نجاح استثنائي 

يعكس تتويج “الراقي” باللقب القاري نجاحا استثنائيا لمسيرة قادها المدرب الألماني الشاب ماتياس يايسله (37 عاما) الذي عرِف كيف يصعد بفريقه، الخامس في ترتيب الدوري المحلي، إلى عرش المجد الآسيوي. تجاوز الترجيحات التي كانت تصب لمصلحة نظيريه، الهلال بطل الدوري المحلي، والنصر المُرّصع بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، أفضل لاعب في العالم خمس مرات، ومتصدر هدافي الدوري المحلي بـ23 هدفا.

بـ11 انتصارا وتعادل وحيد، عبّدَ الأهلي طريقه مؤازرا بقاعدة جماهيرية لم تخذله، تحديدا في المباريات الإقصائية في جدة، راسمة لوحات الـ”تيفو”.. ومطلقة الأهازيج، وبادلها هو بأداء رفيع حظي بإعجاب الجميع. لكن الأهلي، بحسب أحمد عيد، أحد أبرز رموزه التاريخيين، ليس غريبا عن البطولة القارية، فقال “كنا أول فريق سعودي يُدعى إلى البطولة (بنظامها القديم) عام 1972، لكننا اعتذرنا عن المشاركة بسبب تواجد فريق إسرائيلي وقتذاك (مكابي نتانيا)، قبل أن تُلغى النسخة بالفعل بعد انسحاب معظم الفرق للسبب عينه.”

ويتابع حارس مرمى الأهلي سابقا “حلّ الفريق وصيفا أيضا مرتين، خلف جيف يونايتد تشيبا الياباني عام 1985، وكنت وقتها رئيسا للنادي، وعام 2012 عندما خسر النهائي أمام أولسان هيونداي الكوري الجنوبي 0-3”. ويقّر عيد (76 عاما)، وهو أول رئيس للاتحاد السعودي بالانتخاب، خلفا للأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود، أن “التوقعات كانت تصب لمصلحة الأندية السعودية الثلاثة، بالترتيب الهلال ثم النصر ثم الأهلي، لكن الأهلي ظهر بمستوى مغاير منذ بداية البطولة القارية.”

◙ على قاعدة "رب ضارة نافعة"، فإن هبوط الأهلي في موسم 2021- 2022 إلى الدرجة الثانية لم يكن عثرة بل كان دافعا قويا

يشيد عيد أيضا بالدعم الحكومي الذي تلقاه الفريق فضلا عن دور يايسله “أدرك المدرب أن الفريق يحتاج إلى نوعية معينة من اللاعبين، لذا وجّه الفريق بشكل صحيح ونجح بملامسة النتائج المطلوبة.”

ومنذ يونيو 2023، يستحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودية على 75 في المئة من ملكية أندية الأهلي، الهلال، النصر والاتحاد. بدوره، يتفق محمد شلية، أحد نجوم الأهلي السابقين مع عيد “الهدف كان واضحا منذ البداية، وهو لقب دوري أبطال آسيا للنخبة.” لكن شلية (50 عاما)، والذي اختير أفضل لاعب سعودي في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، يعتبر أن “الجمهور الأهلاوي هو عراب البطولة القارية.”

يشرح الظهير السابق “استمرار يايسله منح الاستقرار للفريق، الذي يعتبر هو الأساس في تحقيق اللقب القاري. في منتصف يناير الماضي، وعقب الخسارة أمام الخلود في الدوري، كان الجمهور هو عراب بقاء يايسله، بعدما وقف بوجه الإدارة ضد قرار الإقالة المحتمل عبر التجمع أمام أسوار النادي معترضا على التفكير حتى بإقالته.”

وعن تلك الفترة التي تردد بها اسم المدرب الإيطالي ماسيميليانو أليغري كمرشح قوي، يقول أحمد عيد “لا أعتقد أن أي عاقل كان يقبل برحيل المدرب، من طالب بذلك وقتذاك.. لا يفقه شيئا بكرة القدم.” وبدا لافتا حينها وعند استقرار الأمور، إشادة مدرب ريد بول سالزبورغ النمساوي سابقا بجمهور الأهلي، مبيّنا سعادته وتقديره للقيم الإيجابية التي يتحلى بها هذا الجمهور. وعن سر التفوق تحديدا على الهلال، الخبير قاريا، بعد مباراة مشهودة، يعتبر النجم الدولي السعودي سابقا أن “يايسله قرأ الهلال جيدا، وعدّل في طريقة اللعب بما يتناسب مع المباراة عكس البرتغالي جورجي جيزوس الذي أفلس فنيا” وفقا لرأيه.

إنتركونتيننتال والدوري

◙ الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني لنادي الأهلي، أكد أنه ينتظر ما ستسفر عنه قرارات الإدارة بخصوص مستقبله
◙ الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني لنادي الأهلي، أكد أنه ينتظر ما ستسفر عنه قرارات الإدارة بخصوص مستقبله

يرتب الفوز القاري الأول مسؤوليات مستقبلية كبيرة على النادي الجداوي بحسب عيد “هذا اللقب قرّب الأهلاوية من بعضهم البعض، والتف الجميع حول الأهلي لتحقيق المزيد من الإنجازات.” يعتبر أيضا أن “الهدف المقبل والأهم سيكون بطولة كأس القارات للأندية “إنتركونتيننتال” التي ضمِن الأهلي مشاركته فيها فضلا عن كأس العالم للأندية 2029، كما النسخة المقبلة من دوري أبطال آسيا للنخبة.

وفيما يرى شلية الذي حقق كأس آسيا 1996 بقميص الأخضر، أن الثلاثي الجزائري رياض محرز، والبرازيلي روبرتو فيرمينو والبرازيلي روجير إيبانيز كانوا أفضل نجوم الفريق في البطولة، ويعتبر أن المشاركة في القارات تتطلب بعض التعديلات على اللاعبين المحترفين عبر استبدال التركي ميريح ديميرال والإسباني غابري فيغا.

وعلى قاعدة “رب ضارة نافعة”، يؤكد عيد أن هبوط الأهلي في موسم 2021-2022 إلى الدرجة الثانية لم يكن عثرة بل كان دافعا قويا لتقديم أجمل العروض، وهو ما تُرجِم في احتلال المركز الثالث المؤهل قاريا في الموسم الأول بعد الصعود. يؤكد شلية أن الفريق الذي فقد الأمل بإحراز اللقب هذا الموسم بابتعاده 10 نقاط عن جاره الاتحاد المتصدر، يجب أن يضع إحراز لقب الدوري، الغائب عن خزائنه منذ موسم 2015/2026، نصب عينيه، داعيا إلى المحافظة على فيرمينو وإعادته إلى القائمة المشاركة في الدوري بعد المستوى المميز الذي أظهره قاريا.

أكد الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني لنادي الأهلي السعودي، أنه ينتظر ما ستُسفر عنه قرارات الإدارة بخصوص مستقبله مع الفريق خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن وضوح الرؤية داخل النادي سيكون حاسما في اتخاذ أي خطوة قادمة. وفي تصريحات تليفزيونية، قال يايسله “بصراحة، في كرة القدم لا يمكنك التخطيط بعيد المدى، كل شيء يُدار بشكل يومي تقريبا. أحب التفكير طويل الأمد، لكنني الآن بانتظار رؤية النادي وتوجهاته، وسأعلن أي مستجدات فور توفرها.”

وجاءت تصريحات المدرب الألماني بعد قيادة الأهلي لتحقيق لقب دوري أبطال آسيا للنخبة لأول مرة في تاريخه، عقب انتصار مستحق على كاواساكي فرونتالي الياباني بهدفين دون رد، وبعد إقصائه للهلال من نصف النهائي بنتيجة 3-1. وأضاف يايسله أن الفريق حقق تطورا لافتا على المستويين الجماعي والفردي خلال الأشهر الماضية، وهو ما ساهم في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، مؤكدا أن “التماسك وروح المجموعة” لعبا دورا محوريا في حسم المواجهات الكبرى.

وعن مواجهة الهلال، أشار إلى أن فريقه دخل اللقاء بإصرار كبير على الفوز، قائلا “الهلال خصم صعب دائما، لكن هذا العام كنا في قمة التركيز، وقدم اللاعبون أداء رائعا على كل المستويات، وشعرت حينها أننا قريبون من اللقب.” كما تطرق المدرب الألماني إلى قراره الصعب باستبعاد البرازيلي روبرتو فيرمينو من قائمة الدوري المحلي، قائلا “كان موقفا معقدا، لكن فيرمينو تقبله باحترافية، وقدم أداء استثنائيا في البطولة الآسيوية استحق عليه لقب الأفضل.”

◙ تتويج “الراقي” باللقب القاري يعكس نجاحا استثنائيا لمسيرة قادها الألماني ماتياس يايسله الذي عرِف كيف يصعد بفريقه إلى عرش المجد الآسيوي

تتجه أنظار جماهير الأهلي السعودي بترقب مشوب بالخوف نحو مستقبل فريقها تحت قيادة المدرب الشاب ماتياس يايسله، فبعد موسم لم يرقَ إلى تطلعات البعض رغم العودة إلى دوري الكبار وتقديم مستويات مقبولة في أحيان كثيرة، بدأت تلوح في الأفق إشارات مقلقة قد تنذر برحيل المدرب الألماني. هذا الاحتمال لا يثير القلق وحسب، بل يلقي بظلال من الرعب على مستقبل النادي، الذي يأمل في بناء مشروع طويل الأمد، وفيما يلي، مؤشرات رئيسة تزيد من احتمالية رحيل يايسله، وتجعل إدارة الأهلي وجماهيره يخشون “قراره” القادم.

إحدى هذه الإشارات وأكثرها غموضا هي تلك التغريدة التي نشرها صديق يايسله المقرب، عبدالعزيز العنقري، والتي تضمنت بيت شعر حزينا عن الرحيل مرفقا بقلب مكسور. العنقري، الذي يُعرف بعلاقته الوثيقة بالمدرب الألماني، والذي كثيرا ما كان يظهر برفقته في مناسبات مختلفة، جعل من هذه التغريدة لغزا محيرا، هل كانت مجرد تعبير شخصي عن مشاعره؟ أم أنها رسالة مشفرة، فيها تلميح مبطن إلى قرار وشيك يخص يايسله؟

الشكوك تحوم حول التغريدة، فغالبا ما تكون رسائل الأصدقاء المقربين بمثابة مؤشر حقيقي على توجهات شخصياتهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة كالرحيل عن موقع مهم. ما يثير الريبة والقلق أيضا هو رد فعل يايسله نفسه بعد مباراة التعاون، عندما سُئل بشكل مباشر عن مستقبله مع الفريق، لم يقدم المدرب أي إجابة واضحة أو تأكيدا بالبقاء، بل غير الموضوع على الفور، ووجه الحديث نحو أهمية التركيز على المباريات القادمة وحاجتهم للفوز لضمان المشاركة في كأس السوبر.

ورغم أن المشاركة في السوبر قد تكون هدفا بحد ذاته، إلا أن حقيقة أن الأهلي بات بعيدا كل البعد عن المنافسة على لقب الدوري تجعل هذا التركيز يبدو وكأنه تكتيك لتجنب الحديث عن المستقبل الحقيقي، هذا التهرب من الإجابة الصريحة يفسره الكثيرون على أنه إشارة واضحة لعدم حسم المدرب لقراره بالاستمرار، وربما ميله للرحيل.

النجم الأبرز

◙ فرس رهان حقيقي
◙ فرس رهان حقيقي

احتل الجزائري رياض محرز صدارة أفضل لاعبي الأهلي السعودي هذا الموسم، بمتوسط تقييم بلغ 7.6 من أصل 10 نقاط، وفقا للتقييم الصادر عن موقع “سوفا سكور” المتخصص في إحصائيات كرة القدم، بعد خوضه 42 مواجهة عبر مختلف المنافسات هذا الموسم، أحرز خلالها 16 هدفا، وقدم 19 تمريرة حاسمة.

تألق رياض محرز البالغ من العمر 34 عاما، دفع العديد من الشائعات الصحفية للقول إن النجم الجزائري قد يعود إلى صفوف فريقه السابق مانشستر سيتي، عبر صفقة اضطرارية بفعل كثرة الإصابات التي تلاحق نجوم بيب غوارديولا، وحاجة النادي السماوي للاعبين من طراز خاص، بهدف تقديم مستوى مميز في كأس العالم للأندية 2025.

لا يمكن التقليل من القدرات الكبيرة التي يقدمها المهاجم الإنجليزي إيفان توني بصحبة الأهلي السعودي هذا الموسم، بعد خوضه 39 مواجهة عبر مختلف المنافسات، أحرز خلالها 26 هدفا وقدم 5 تمريرات حاسمة، ما وضعه في المركز الثاني ضمن أفضل لاعبي الفريق، بمتوسط تقييم بلغ 7.4 نقطة.

الجزائري رياض محرز احتل صدارة أفضل لاعبي الأهلي السعودي هذا الموسم، بمتوسط تقييم بلغ 7.6 من أصل 10 نقاط

ومنذ الأسابيع الأولى لتألق المهاجم الإنجليزي البالغ من العمر 29 عاما بصحبة الأهلي السعودي، ووجود اسمه ضمن اللاعبين المرشحين للالتحاق بصفوف المنتخب الإنجليزي في أي لحظة، بدأت الشائعات تتحدث عن عودة إيفان توني إلى الدوري الإنجليزي، وسط اهتمام خاص من قبل العملاقين تشيلسي وتوتنهام هوتسبير.

في المركز الثالث، جاء المدافع البرازيلي روجير إيبانيز دا سيلفا بمتوسط تقييم بلغ 7.33 نقطة، احتل بها المركز الثلاثين على سلم ترتيب أفضل لاعبي دوري روشن السعودي، بعد خوضه 42 مواجهة عبر مختلف المنافسات هذا الموسم، أحرز خلالها 7 أهداف، وقدم 4 تمريرات حاسمة. مدافع السامبا البالغ من العمر 26 عاما، تلقى العديد من العروض الجادة من أندية أوروبية تسعى للحصول على خدماته في الصيف المقبل، وفقًا لما ورد في بعض الصحف السعودية، وسط رفض تام من إدارة الأهلي السعودي تركه يرحل في الميركاتو المنتظر.

وعلى الرغم من الأزمة الكبيرة التي واكبت استبعاده من قوائم الأهلي في دوري روشن السعودي، إلا أن البرازيلي روبرتو فيرمينو أظهر احترافية كبيرة، حافظ من خلالها على أفضل مستوياته الفنية والبدنية عبر بوابة دوري أبطال آسيا للنخبة، ليحتل المركز الرابع ضمن أفضل لاعبي “الراقي” بمتوسط تقييم بلغ 7.29 نقطة.

16