اتزان الوساطة الإماراتية بين دمشق وتل أبيب

أعلن الرئيس أحمد الشرع في العاصمة الفرنسية باريس عن مفاوضات غير مباشرة تجري بين نظامه وإسرائيل، بشأن تهدئة الوضع مع استمرار الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، واستيعاب التأزم الحاصل حتى لا تصل حدوده إلى فقدان السيطرة عليه من قبل أطرافه.
الشرع لم يحدد جهة الوسطاء، التي تدير مسار التفاوض، لكن الأنظار تتجه نحو دولة الإمارات العربية؛ خاصة مع إعلان هيئة البث الإسرائيلية عن مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وتركيا تجري في أذربيجان.
إعلان سبقه حراك دبلوماسي إماراتي نشط في كواليس المشهد المتأزم، حيث جرى قبل أيام لقاء بين رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لتعزيز العمل من أجل دعم السلام والاستقرار الإقليميين، في إطار استكمال لسلسلة لقاءات بدأت من زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى أبوظبي، ومن ثم استقبال الرئيس اللبناني جوزيف عون، مما يفتح باب التكهنات بأن ترسيما للحدود بين سوريا ولبنان ومن ثم بينهما وبين إسرائيل، يجري الإعداد له ورسم خطوطه بعيدا عن صخب الإعلام وجلبة وسائله.
الإمارات قادت من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية، مساقا دبلوماسيا داعما أنتج جهود وساطة فاعلة في عدة عمليات تبادل أسرى بين موسكو وكييف، بل ساهم في مرحلة ما؛ في تذليل عقبات لحل النزاع سلميا
أهمية المسار الإماراتي الجامع بين تركيا ونظام أحمد الشرع من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، تأتي في ظل تعقيدات المعادلة الداخلية السورية، وسعي نظام الشرع حاليا لتثبيت أركان حكمه في دمشق، وفق منظور تركي، يسعى لتكريس مصالح أنقرة ونفوذها على الأراضي السورية، وسط مخاوف إسرائيلية من استنساخ جديد لتجربة تحالف النظام الإيراني مع نظام الأسد، والذي ساهم في تقوية أدوات وأذرع المحور الإيراني في المنطقة، مما أشعل صراعا ما زالت ارتداداته تلوك دولا في الشرق الأوسط.
الإمارات العربية المتحدة؛ قادت من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية، مساقا دبلوماسيا داعما أنتج جهود وساطة فاعلة في عدة عمليات تبادل أسرى بين موسكو وكييف، بل ساهم في مرحلة ما؛ في تذليل عقبات لحل النزاع سلميا، والتخفيف بالحد الأدنى من عواقبه، للوصول إلى تفاهمات إنسانية في ظل تعثر المفاوضات الثنائية بين طرفي النزاع.
بناء على ذلك، لم يقتصر الدور الإماراتي وسياقه الثابت والداعم للسلام والاستقرار عبر الحوار، على النزاع الروسي الأوكراني، بل تجاوزا بأبعاد، إيجابيته في حل العديد من النزاعات والصراعات، بارتكاز على مواقف سياسية واضحة دون لبس على المسرح الدولي، وفق مستويات؛ إما الوساطة أو المساعدات الإنسانية أو دعم الجهود الدبلوماسية.
إسرائيل؛ التي تعاني من فتور في ملف الوساطة بين رأس منظومتها اليمينية الحاكمة بنيامين نتنياهو وساسة الدوحة، في ما عرف بفضيحة قطر غيت، عطل الوصول لاتفاق ينهي حرب غزة، تحتاج في الوقت الراهن لثقل الدبلوماسية الإماراتية القادرة على تحقيق اختراق ملموس على الجبهة السورية المشتعلة، يفضي لوقف التصعيد على قاعدة اتفاق فك الاشتباك بين تل أبيب ودمشق في العام 1974، القابل لتطوير مصوغاته نحو بنود اتفاق شامل يسهم في استقرار ينشده عقلاء المنطقة حفاظا على شعوب تجهل مستقبلها في ظل تداعيات صراع لم ينته بعد.